قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن مؤشر أسعار المستهلك انخفض هامشيا إلى 3.2%، على أساس سنوي، في يوليو الماضي، إلا أنه بقي أعلى من مستويات العام الماضي، ومازال ارتفاع الأسعار في العديد من القطاعات كالمواد الغذائية والملابس والنقل والترفيه يدفع معدل التضخم الرئيسي نحو الارتفاع.
كما أن تزايد الطلب الاستهلاكي واضطرابات سلاسل التوريد الناجمة عن الجائحة قد أدى إلى رفع معدلات التضخم عالميا، ويبدو أن معدل التضخم في الكويت قد يصل في المتوسط إلى نحو 3% في عام 2021.
وكشفت أحدث بيانات صادرة عن الإدارة المركزية للإحصاء عن تراجع معدل تضخم أسعار المستهلكين هامشيا في يوليو ليصل إلى 3.2% على أساس سنوي مقابل 3.4% في يونيو (+0.3% على أساس شهري).
إلا أن معدل التضخم اتخذ اتجاها تصاعديا هذا العام وارتفعت الأسعار على أساس شهري خلال 14 من أصل 15 شهرا الماضية نتيجة مجموعة من العوامل التي تضمنت تعافي الطلب واضطرابات جانب العرض وارتفاع أسعار المواد الغذائية عالميا.
اضطرابات سلاسل التوريد
تعتبر اضطرابات سلاسل التوريد ظاهرة عالمية، خاصة في ظل نقص العمالة وإعادة هيكلة الاقتصاد المرتبط بالجائحة ونقص العمالة مقابل ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي بعد الإغلاق، كما أدت عوامل مماثلة (بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الطاقة) إلى صعود معدلات التضخم في مجموعة من الدول المتقدمة إلى مستويات أعلى بكثير مؤخرا، بما في ذلك منطقة اليورو (4.9% في نوفمبر) والولايات المتحدة (6.2% في أكتوبر).
وكانت ضغوط الأسعار في الكويت أكثر وضوحا في فئة المواد الغذائية والمشروبات، والتي قفزت في يوليو بنسبة 10.1%، على أساس سنوي.
وتم تسجيل ارتفاع في الأسعار عبر معظم المؤشرات الفرعية، إلا أن أعلى معدلات الارتفاع جاءت في فئات الفاكهة (+25%) والخضراوات (+9.7%) واللحوم (+15.3%).
وتعكس بعض تلك الارتفاعات زيادة أسعار المواد الغذائية الدولية بصفة عامة، إذ ارتفع مؤشر منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) لأسعار الغذاء، والذي يعتبر مقياسا عالميا لأسعار المواد الغذائية، بنسبة 33%، على أساس سنوي، في يوليو (وبقي مرتفعا في نوفمبر).
ونشأت ضغوط الأسعار التي دفعت أسعار المواد الغذائية (والسلع) الدولية للارتفاع أيضا نتيجة لانخفاض قيمة الدولار الأميركي، خاصة خلال شهري أبريل ومايو: وبصفة عامة، يؤدي ضعف الدولار إلى جعل أسعار المواد الغذائية والسلع المقومة بالدولار الأميركي في متناول المستوردين الذين يستخدمون عملات أخرى، مما يحفز الطلب، إلا أن تحسن أداء الدولار قد يشير إلى تلاشي ذلك الأثر على أسعار المواد الغذائية، وربما يكون قد بدأ في اتخاذ اتجاه معاكس.
الخدمات السكنية
من جهة أخرى، ارتفعت الأسعار ضمن فئة الخدمات السكنية - الإيجارات في الأغلب - بنسبة 0.2% فقط على أساس سنوي في يوليو. وتم تسجيل زيادة شهرية هامشية على خلفية زيادة «خدمات الصيانة والإصلاح»، وهو الأمر الذي قد يعكس ارتفاع تكاليف البناء/ المواد الخام.
ولم تشهد إيجارات المساكن أي تغير يذكر خلال العامين الماضيين، وحتى هذا التغيير الضئيل يبدو أعلى من التوقعات في ظل وجود عدد من الدلائل التي تشير إلى عرض خصومات لكل من المستأجرين الحاليين (مؤقتا لبضعة أشهر) والمستأجرين المحتملين خلال فترة الجائحة. وفي واقع الأمر، فإن دول الخليج الأخرى قد شهدت تراجعا كبيرا في مؤشر الأسعار الفرعي الخاص بالسكن.
كما سجل معدل التضخم الأساسي (الذي يستثني المواد الغذائية والسكن) ارتفاعا متواضعا لهذا العام، إذ وصل إلى 2.9% على أساس سنوي في يوليو مقابل 2.7% في ديسمبر 2020، على الرغم من تراجعه هامشيا مقابل المستويات المسجلة في يونيو (3.0%).
أسعار الجملة
أما بالنسبة لمعدل تضخم أسعار الجملة، الذي يقيس الأسعار بين أنشطة الأعمال (وليس من الشركات للمستهلكين)، فقد بلغ أعلى مستوياته المسجلة في 3 سنوات بوصوله إلى 1.5% على أساس سنوي في يونيو 2021، وفقا للإدارة المركزية للإحصاء.
ويعتبر هذا المعدل أعلى قليلا عن مستوياته المسجلة بنهاية الربع السابق البالغة 0.8%.
كما وصل معدل تضخم أسعار السلع المستوردة إلى أعلى مستوياته المسجلة في 3 سنوات خلال شهر يونيو، عند مستوى 2.1%، بينما ارتفعت أسعار السلع المنتجة محليا بنسبة 0.6%.
وبلغ مؤشر أسعار المنتجين، الذي يقيس التغيرات التي تطرأ على أسعار السلع المبيعة والمشتراة من قبل المنتجين، في يونيو أعلى مستوياته المسجلة منذ أكتوبر 2018 (100.1)، إذ ارتفع بنسبة 75% على أساس سنوي.
إلا ان الدافع وراء جانب كبير من هذا الصعود يعزى إلى ارتفاع أسعار النفط، إذ ارتفعت الأسعار في قطاع استخراج النفط بنسبة 104% على أساس سنوي.
وارتفعت الأسعار على مستوى قطاع التصنيع بنسبة 49% على أساس سنوي، والذي يعزى بشكل رئيس الى الزيادة الملحوظة التي سجلها قطاع التكرير، والذي يرتبط أيضا بأسعار النفط، إلا أن الضغوط التصاعدية لم تكن شاملة، إذ أن الأسعار ضمن قطاعات التصنيع الأخرى، بما في ذلك المواد الكيميائية والمعدات الكهربائية، كانت منخفضة على أساس سنوي.
وبصفة عامة، كان معدل التضخم المحلي هذا العام أعلى قليلا مما كان متوقعا، ويبدو أن الضغوط التصاعدية على المستوى الدولي ستستمر لفترة أطول مما كان متوقعا في السابق.
وكان الاستهلاك الشخصي في تحسن مستمر في الآونة الأخيرة، بدعم من المعدلات القوية لادخار الأسر، ونقص العمالة الذي يمثل مشكلة في بعض القطاعات (مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الأعمال التي يتم تحميلها بعد ذلك على المستهلكين) واضطرابات سلاسل التوريد العالمية التي تستغرق وقتا أطول من المتوقع لحلها.
وتعني تلك العوامل، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف التعليم اعتبارا من سبتمبر، تزايد الضغوط وفقا لتوقعاتنا الحالية على معدل التضخم لعام 2021 في الكويت بنسبة 2.6%، مع ترجيح وصوله إلى نحو 3.0%.
تراجع متوقع للتضخم الكويتي خلال 2022
أشار التقرير إلى أن توقعات التضخم في الكويت خلال عام 2022، تشير إلى تأثره بعدة عوامل، من ضمنها وتيرة انتعاش الاقتصاد على المستويين العالمي والمحلي في ظل إمكانية عودة تفشي فيروس كورونا، بما في ذلك سلالة أوميكرون الجديدة التي تم اكتشافها مؤخرا، والتي يحتمل أن تكون أشد عدوى، وإمكانية تراجع حدة الضغوط على جانب العرض، واتجاه أسعار السلع الأساسية، ومدى وسرعة تشديد السياسة النقدية من قبل البنوك المركزية في كافة أنحاء العالم في محاولة لكبح التضخم.
وفي الكويت، يتوقع تراجع حدة معدلات التضخم هامشيا عن مستويات عام 2021، مع توقع تباطؤ نمو الاقتصاد غير النفطي مقارنة بالانتعاش المتوقع لهذا العام، وتراجع معدلات الإنفاق الاستهلاكي القياسية التي نشهدها حاليا، في ظل تبني الحكومة لموقف إنفاق أكثر تحفظا نظرا لتوقعات تراجع أسعار النفط.
15.5 % انخفاض تكاليف التعليم بالكويت
قال تقرير «الوطني»، إن تكاليف التعليم تراجعت بنسبة 15.5% على أساس سنوي بعد أن أعلنت وزارة التربية والتعليم في سبتمبر 2020 عن خفض رسوم المدارس الخاصة أثناء الجائحة بنسبة 25% في ظل استبدال التعليم في المدارس بالتعليم عبر الإنترنت.
إلا أنه ومع عودة الطلبة إلى المدارس إلى حد كبير، فإن الرسوم الدراسية قد عادت إلى طبيعتها مرة أخرى، ومن المقرر أن ينعكس ذلك على مؤشر أسعار المستهلكين لشهري سبتمبر وأكتوبر.