- النشمي: الزواج حق للمعاق مع توافر شروط الزواج الصحيح
- المذكور: جائز بشرط وجود ولي لأنه الراعي لمصلحته
- المسباح: من حق المعاق ذهنياً أن يتزوج ما دامت أركان الزواج متوافرة
- الشطي: لا يجوز أن تكون الإعاقة الذهنية سبباً في مصادرة حق الزواج
كثير من الأسر لديهم معاقون إعاقة ذهنية.. فهل يمكن أن يزوجوا أبناءهم وبناتهم المصابين بالإعاقة؟ وهل الزواج حق لهم؟ وهل من الواجب على وليهم تزويجهم؟ وهل الشريعة الإسلامية تسمح بهذا الزواج وتقره؟ يجيب عن هذه التساؤلات علماء الشرع، فإلى التفاصيل:
في البداية، يقول العميد السابق لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية د.عجيل النشمي إن زواج المعاق أو المعاقة إعاقة ذهنية، أيا كانت درجة الإعاقة، هو حق من حقوقهم بلا خلاف فيه شرعا من حيث الأصل؛ لأن الإعاقة الذهنية لا يلزم منها عدم الرغبة في الزواج، فإن المعاق ذهنيا لا يلزم منه أنه يفقد شهوة الجماع.
وباعتبار ان الزواج حق لهم فلا يجوز لوليهم أو وصيهم منعهم من الزواج؛ لأنه حينئذ يمنع حقا عن صاحبه ومستحقه، وذلك إذا ظهرت حاجتهم للزواج بأي مظهر يدركه القريبون منهم.
وأضاف: المعاقون يختلف حكمهم حسب درجة الإعاقة. فيترتب الحكم حسب تصنيف الذكاء عندهم: فيقول المختصون من الأطباء ان من كانت نسبة ذكائه أقل من 25 درجة فإنه يدخل في زمرة الممنوعين من الزواج.
وكذلك من تتراوح نسبة ذكائهم بين 25 و65% فيمنعون أيضا. وأما من تتراوح نسبة ذكائهم بين 65 و90% فهؤلاء أهل للزواج.
وتابع د.عجيل النشمي: بناء عليه، فالحكم الشرعي مبني على تشخيص الاطباء المختصين وتصنيفهم لدرجة الإعاقة الذهنية، ويعتبر الزواج حقا للمعاق مع توافر شروط الزواج الصحيح لدى الاسوياء من طرفي العقد، الزوج والزوجة، ويضاف الى جانب الشروط المعتبرة لدى الاسوياء شرطان يقتضيهما حال الإعاقة وهما: علم أو إخبار الطرف الآخر بالإعاقة ودرجتها؛ لأن الإعاقة عيب فيجب إظهاره وإعلانه للطرف الآخر، سواء من جانب الزوج أو الزوجة، وألا يكون المعاق عدوانيا لمنافاة هذا الوصف حال الزواج الآمن المحقق للطمأنينة.
وعلى كل حال فالزواج والرعاية يلزم أن تكون تحت إشراف ولي أو وصي.
واستدرك بقوله: يراعى بداهة ألا يكون الطرفان معاقين إعاقة تامة، فهما كفاقدي العقل لاحتياجهما الى رعاية؛ ولأنه مناف لاستقرار حياتهما. والعهود في مثل هذه الاحوال ان يتحمل احد الطرفين القابل للزواج ـ السليم ـ الطرف الآخر.
وقال: هذا إنما يتحقق في سلامة احدهما لدرجة القدرة على تقبل ورعاية الطرف الآخر، فزواج المعاق والمعاقة مداره شرعا على المصلحة الراجحة، وعلى رفع الضرر عنهما في تزويجهما لوجود الرغبة والشهوة، التي يقول أهل الاختصاص إنها قد تكون شديدة أكثر من شدتها في الاسوياء، وأنها إن لم تفرغ في الزواج قد تسبب عدوانية أو انطواء ومشاكل نفسية.
وزاد: بل إن الزواج من حقهم شرعا، ولو لم يكن لهم شهوة أو قدرة على الوطء، إذا كان المقصد حفظ انفسهم من الاعتداء عليهم، وقد يكون لهم أموال من ميراث مثلا، فيزوجون ممن يحفظ أموالهم، ويقوم على الرعاية لهم، وخاصة عند خوف وفاة اقرب اوليائهم اليهم، وباعتبار أن من مقاصد الزواج تحقيق الرعاية والتراحم بين الزوجين.
وقال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) الروم: 21.
ولفت إلى أن قانون الاحوال الشخصية الكويتي اتجه الى مخالفة المذاهب الفقهية في جانب ومن جانب آخر اعتبر التقارير الطبية لصلاحية المعاق للزواج، فجاء نص المادة: 24 ـ أ ـ يشترط في أهلية الزواج العقل والبلوغ (وهذا ترجيح لأقوال بعض الفقهاء والمذاهب، خلافا لجمهور المذاهب والفقهاء في عدم اشتراط هذين الشرطين ولهم فيهما تفصيل.
ب ـ وللقاضي أن يأذن بزواج المجنون أو المعتوه، ذكرا كان أو أنثى إذا ثبت بتقرير طبي أن زواجه يفيد في شفائه ورضي الطرف الآخر بحالته.
وأضاف: نحن نؤيد اتجاه القانون في اشتراط البلوغ؛ فهو مبني على مراعاة مقاصد الزواج ومصلحة الزوجين وأسرهما ويناسب أحوال واقع المجتمع.
أما اشتراط العقل فلا يشترط لصحة عقد زواج المعاق بإطلاق وإنما حسب التصنيف الطبي السابق وتحقق شروطه التي سبق تنويه الفقهاء لها وهذا مما لم يرد له ذكر في المذكرة الايضاحية، كما أن تعليقه بإذن القاضي تضييق لا مبرر له في الحالات العادية إذ الشأن أن الوالدين أو غيرهما من الاوصياء احرص وأعلم بمصلحة المعاق من القاضي.
وقال: الزوج المعاق إذا كان تصنيف إعاقته بدرجة شديدة بحيث لا يملك قراره وإدراجه السليم من أمر الزواج، فلا ولاية له على نفسه، وإنما يزوجه الولي سواء كان أبا أو جدا، أو الوصي عليه، ولا يجوز له مباشرة عقد النجاح؛ لعدم أهليته.
وأما إن كانت نسبة الإعاقة خفيفة وكان يملك قراره المستنير دون تردد فحكمه حكم الاسوياء يتولى الزواج بنفسه، وأما المعاقة فيزوجها وليها على كل الاحوال.
ثلاثة شروط
ويشترط د. خالد المذكور ثلاثة شروط لزواج المعاق ذهنيا من امرأة صحيحة، أولها أن يتزوج الرجل متى رضي الطرف الآخر بإعاقته، أما إذا كانت الإعاقة ذهنية كالجنون مثلا فلابد له من ضوابط بألا يكون الطرف الآخر مجنونا مثله، والأمر الثاني أن يكون الطرف الآخر على علم بمرضه، وأن يرضى بذلك، أما الأمر الثالث فإن يكون هذا المعاق مأمونا شره وأذاه، وأن يرضى ولي أمر المرأة بهذا الزواج.
وأنه بذلك يجوز زواج المعاقين ذهنيا وسد احتياجاتهم العضوية والنفسية ضمن الضوابط التي ذكرت، وبشرط أن يقوم على الزواج ولي أمر المتخلف ذهنيا؛ لأنه هو الراعي لمصلحته، مؤكدا أن زواج المعاق من الحقوق الملحة له ما دامت تتوافر فيه الأركان الصحيحة للزواج، وما دام الزواج من مصلحته من الناحية النفسية والصحية والمادية فلا يجوز الحيلولة بينه وبين ذلك.
حكمه صحيح
ويوافق د. ناظم المسباح، د. خالد المذكور الرأي في زواج المعاق ذهنيا أنه لو كانت عنده قدرة وتعقل، فعلى ولي أمر المعاق ان يبحث له عمن تناسبه ما دمت فيه غريزة ويريد اشباعها، والمعاقون بشر ولهم احتياجات آدمية ولهم احاسيسهم العاطفية التي لابد أن يشبعوها، ولابد من إيجاد الطريقة الصحيحة لذلك.
وأكد د. المسباح ان من حق المعاق ذهنيا ان يتزوج ما دامت اركان الزواج متوافرة، كما ان للمجنون ان يتزوج وان يكون ولاية الاجبار عليه كالولاية على الصغير.
وأضاف د. المسباح: شرط آخر في زواج المجنون أن تكون زوجته سليمة العقل، وان كانت مصابة بالجنون فيكون زوجها سليم العقل، وأن يكون المرض العقلي مأمونا ولا يحدث معه ضرر وأن يرضى ولي الأمر بهذا الزواج.
مقاصد الشرع
ويرى د. بسام الشطي أن المعاق إعاقة ذهنية هو إنسان له حقوق الإنسان من وجهة نظر الإسلام، وإن كان الله قد ابتلى بعض خلقه بإعاقة ذهنية أو عقلية فإنه في الوقت ذاته قد خصه برعاية خاصة، حيث جعل إعاقته العقلية سببا من اسباب رفع المسؤولية عنه، على أن يتحمل هذه المسؤولية ولي الأمر أو الوصي عليه، لكن ذلك لا يخل بحقه في تكوين أسرة كحق ديني وانساني، ولا يجوز أن تكون الإعاقة الذهنية سببا في مصادرة حق الشخص في الزواج، لأن خطاب الاسلام في طلب الزواج لا يدخل فيه كل مسلم بما فيه صاحب الإعاقة الذهنية لأن الابتداء وارد على كل إنسان، الأمر الذي لا ينبغي معه حرمانه من حق عفة نفسه وصيانة عرضه، فإن حق صيانة العرض من مقاصد التشريع الاسلامي.
وينصح د. الشطي القائمين على رعاية الشباب والفتيات المقبلين على الزواج من ذوي الإعاقة الذهنية بضرورة عمل الفحوصات الطبية المطلوبة ضمن فحوصات ما قبل الزواج وطلب المشورة الوراثية الدقيقة، ومن خلال هذه المشورة يقوم الطبيب بتوعية الأسرة بتشخيص المرض المتسبب في الإعاقة ونمط توريثه وتحديد قابلية ظهوره في الذرية بعد الزواج، وكما يرى أهل العلم والوراثة.