«وليه استخف الزعبي»، كيف يكون ضنك العيش اختياريا والناس تعبر البحار وتصعد الجبال هربا منه؟!
قبل شرح هذه الجملة المتناقضة في كلماتها تعالوا أسرد لكم هذه القصة المضحكة المبكية، يقول لي أحد زملاء العمل: كنا جالسين في عصر أحد أيام الربيع خارج المنزل في «الدكة» مع الأهل والجيران، حين وقفت سيارة مرسيدس فخمة آخر موديل ونزل منها شاب صغير كأنه «راتب» يمشي، سألته شلون راتب يمشي؟ قال أنا خبير في الماركات وأستطيع تسعير أي واحدة منها بحكم مروري بمرحلة الهوس بالماركات في شبابي.
ويضيف، قلمه البارز من جيبه سعره كذا، حذاؤه - أعزكم الله - سعره كذا، المهم كل تفاصيل ما يرتديه حتى الشماغ يعادل راتب موظف، أما الساعة فهنا يكمن الجنون فساعته «بيت النازل» 3000 دينار.
المهم يقول دخل علينا الشاب الكشخة وبعد السلام على الجميع جلس بجانب والده وبدأ يهمس بأذنه حتى تغيرت ملامحه وأمام الجميع وكأنه يريد إعطاءه درسا فتح محفظته وأخرج منها 20 دينارا وأعطاها له بطريقة جهرية.
أخذها الشاب وقد تحول وجهه مثل الطماطة من الحرج وعاد لسيارته وعيون الجميع تتابعه وهو يركب سيارة سعرها 22 ألف دينار وأتى يشحذ 20 دينارا.
طيب ما هي علاقة هذه القصة بعنوان المقالة؟ هي في صميم الجملة التي اخترتها عنوانا للمقالة، فهذا الشاب الصغير اختار ضنك العيش بسبب إهداره لراتبه على كماليات أكبر بكثير من طاقته حتى انه اضطر لأن يسكب ماء وجهه أمام 20 شخصا فقط ليقترض 20 دينارا.
هذا وغيره الكثير من شباب وشابات العصر الحالي الذين تكلم عنهم الأستاذ صلاح العلاج ناشر جريدة الدروازة في أحد فيديوهاته بكل حرقة وأثارني لكتابة هذه المقالة. من ضمن ما قاله الأستاذ صلاح هو حرام ما تفعلونه بأنفسكم وأهلكم يا شباب.
وفعلا كلامه صحيح فالضرر الذي يحدث من تجاوز الشباب لميزانيات رواتبهم وإهدارهم أغلبه على الكماليات يتجاوزهم ويصل لأهلهم الذين أغلبهم متقاعدون وبالكاد يكفي أساسيات المعيشة، فيصبحون عالة وعبئا عليهم بدلا من أن يكونوا عونا لهم في خريف حياتهم.
الجميل في كلام الأستاذ صلاح أنه اقترح حملة توعية لهؤلاء الشباب عن خطورة هذا السلوك الخاطئ وكيف أنهم سيصبحون أسرى هذه الديون لعشرات السنين ويذهب عمرهم وهم يدفعون أقساط كماليات تفقد نصف قيمتها من أول سنة.
٭ نقطة أخيرة: هذه مسؤولية وزارة الإعلام ووزيرها الشاب الأستاذ عبدالرحمن المطيري والوكيل المساعد لشؤون التلفزيون الأستاذ تركي المطيري نطمح منهما أن يكون هناك برنامج جميل يستضيف علماء الاقتصاد والمال بل حتى علماء النفس والدين، ليحاولوا عكس هذا السلوك الذي في كثير من الأحيان دمر الشباب وأضاع حياتهم.
ghunaimalzu3by@