إذا أخبرتك أن هذه اللوحة بالحبر الصيني تم رسمها بقلم صديق كويتي، أعتقد أنك ستفاجأ كما كنت أنا عندما علمت ذلك للمرة الأولى!، على الرغم من أنها عبارة عن لوحة تمرينية بسيطة، فإنها تظهر الشعور بالفخر النابع من الشخصية التي تركب الحصان وتمسك بالنسر، فتجسد خصائص الرسم الصيني المتمثل في جمع الشكل مع الروح، راسمة هذه اللوحة هي الشيخة العنود الابراهيم الدعيج الصباح، واليوم نروي قصتها مع الصين.
في عام 2012، سافرت الشيخة العنود الإبراهيم وصديقتها نوار الكاظمي إلى الصين وقامتا بجولة متعمقة في بكين وشنغهاي، حيث زارتا القصر الامبراطوري، ومعبد السماء، والقصر الصيفي، وسور الصين العظيم، ومعبد تشينهوانغ وغيرها من الأماكن التي لا يفوتها السياح في الصين، كانت هذه الرحلة هي التي جعلت الشيخة العنود معجبة بالثقافة الصينية، فبعد عودتها إلى الكويت، وظفت مدرسة لتتعلم منها اللغة الصينية في البيت، وسافرت إلى جامعة أوروبية معروفة بتخصص الدراسات الآسيوية في جامعة بومبيو فابرا (UPF)، وحصلت الشيخة العنود على درجتي الماجستير والدكتوراه في الدراسات الصينية، وأثناء دراستها في الخارج، بالإضافة إلى التخصص في الدورات الثقافية الأخرى، كما شاركت أيضا في أنشطة مختلفة نظمها المركز الثقافي «البيت الآسيوي» «CASA ASIA» في برشلونة، حيث بدأت في التعرف على فن الخط والرسم الصيني.
لم تتقن الشيخة العنود الإبراهيم مهارة التذوق لأعمال الخط والرسم الصينية في البداية، ولكن مع توجيه المعلمة وتعمق الدراسة، أدركت تدريجيا الفرحة والمتعة في ذلك، فعندما كرست نفسها للإبداع، شعرت براحة غير مسبوقة، وتمكنت من فهم عمق الفلسفة الصينية بشكل أفضل، في السنوات العشر الماضية، زارت الشيخة العنود الصين عدة مرات، فسافرت إلى هانغتشو وشنتشن وينشوان وغيرها من المدن في جميع أنحاء البلاد، ووصفت الصين بأنها دولة واسعة المساحة غنية بالموارد، وكانت في كل مرة تقوم فيها بزيارة أماكن مختلفة، سواء كان للمشاركة في الندوات أو السياحة، تجد هناك دائما مجالا للتمتع بالعادات والتقاليد المختلفة، وأعربت عن إعجابها بما تشهده الصين من تطورات سريعة تلاحظها كلما زارت الصين في السنوات العشر الماضية.
بغية فهم الصين بشكل شامل، زارت الشيخة العنود الإبراهيم كثيرا من الأماكن الصينية إلى جانب قراءتها أنواع الكتب عن الصين، وقالت لنا إن أكثر ما يستحق الذكر هو الباحث الكويتي هاشم بهبهاني الذي يعتبر أول باحث في منطقة الخليج يبحث الصين، موضحة أنه في ثمانينيات القرن الماضي، عندما لم يكن العالم الخارجي يعرف اتجاه تنمية الصين جيدا، كان هاشم يعتقد أن استراتيجية الصين للتنمية تشكلت بعد دراسة دقيقة، واتفقت مع وضع البلاد الواقعي، الأمر الذي سيجعل الصين في طليعة العالم دون أي شك وعندما تنظر الشيخة العنود إلى الصين اليوم، تعجب برؤية هاشم الفريدة، معربة عن انجذابها لتفسير الباحث الكويتي هاشم بهبهاني لمعرفة المزيد عن الصين واستكشاف سر نجاحها، وفي الحياة اليومية، تحب قراءة أعمال الكتاب المعاصرين الصينيين مثل مو يان (Mo Yan) ويو هوا (Yu Hua)، كما أنها تكرس جهدا كبيرا لقراءة الروائع الكلاسيكية، فتدرس على نطاق واسع الأفكار التقليدية للمفكرين الصينيين العظماء مثل لاو تسي (Lao Zi) وسون تسي (Sun Zi) وأصبحت محبة مخلصة للثقافة الصينية.
في السنوات الأخيرة، شاركت الشيخة العنود الإبراهيم بشكل نشط في التبادلات الودية بين الصين والكويت، حيث شاركت في منتدى التعاون الصيني العربي ومنتدى شيانغ شان في الصين لعدة مرات، ومنتدى التعاون الاقتصادي الرقمي في إطار«الحزام والطريق» تحت رعاية الجانبين الصيني والكويتي وغيره من الأنشطة، مما جعلها «السفير في التبادل الثقافي» بين الصين والكويت.
وقالت الشيخة العنود إن هذا العام يصادف الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الديبلوماسية بين الكويت والصين، والصداقة بين البلدين استمرت في التعمق على مدى الخمسين عاما الماضية، وتعد التبادلات الإنسانية جزءا مهما من العلاقات الصينية الكويتية وتتطلع لأن يتم إنجاز بناء أول مركز ثقافي صيني في منطقة الخليج تنشئه الصين بالكويت في أقرب وقت ممكن، موضحة أن المزيد من الأصدقاء الكويتيين سيتعرفون على الصين ويفهمونها وسيحبونها مثلما أحبتها الشيخة العنود عبر هذه المنصة الجديدة.
قصة الشيخة العنود مع الصين لم تنته بعد، فقد أعربت عن تطلعها إلى انقضاء الجائحة في أسرع وقت ممكن حتى تتمكن من دخول أرض الصين مرة أخرى.