إن الحكمة الإلهية في الاختلاف والتعدد هي سيدة الموقف، وهي ما هو طبيعي وحيوي بما يفيد الإنسان ويخدم حياته ومحاولة الحركة ضدها ستؤدي في الإنسان إلى الخسران والخسارة والسقوط في المأساة، ومن هذه الحكمة هو وجود اختلاف بين البشر في الشكل والجسم والمظهر، وأيضا ما يراه الإنسان جميلا قد لا يهتم به الآخرون والعكس صحيح، وهذه قاعدة طبيعية بين البشر.
ومن يريد كسر هذه القاعدة فإننا نشاهدهم ونراقبهم من واقع تجربتنا الطبية مع ما يعيشونه من إحباط وغضب ومأساة والدخول إلى مشاكل نفسية عميقة.
إن نقد ما هو «سلبي» لا يعني تعميم المسألة على كل ما هو «إيجابي» وعمليات التجميل لها فوائد مهمة، خاصة بما يتعلق في تصليح التشوهات الخلقية وعلاج الحروق الناتجة عن إصابات الحوادث المؤسفة.. الخ، لإزالة وتفادي مشاكل نفسية للمريض وأي ضرر اجتماعي يصيبه واستعادة ما تأذى جسديا لديه إذا صح التعبير.
ولكن «السلبي» هو هوس إدمان عمليات «تغيير الشكل» تحت يافطة «التجميل» وهي ليست كذلك للحق والحقيقة بل بحث عن «صناعة وهم دعائي مزيف» وتحقيق «موضة مجتمعية مؤقتة» قد تتغير في زمان آخر، والقادم الجديد هو «هوس» إنتاج صور الفلاتر التصويرية الموجودة بالأجهزة الذكية في الواقع على وجوه البشر وأجسامهم! وهو ما استدعى زيادة طلبات عمليات التغيير الجراحي في الشكل البشري لما هو «غير طبيعي» والطلب بأن يتم تحويل الوجه الطبيعي كنسخة من الفلاتر! وعلينا تخيل الكارثة الإنسانية حين لا يتحقق ذلك ويدخل هؤلاء في تشويه حقيقي ناهيك عن الإحباطات النفسية لأن أوهامهم الدعائية التي يريدونها لم تتحقق ولم تحصل على أرض الواقع! وتنفجر فقاعات الوهم أمام الحقيقة.
إن هناك من يدخل نفسه في «إدمان» عمل عمليات جراحية ليست لها حاجة من أجل ذلك الوهم والدعاية لإرضاء «عقل مجتمع جمعي» لديه صورة لوهم «جمال مزيف كاذب» قد تتغير مقاييسه في أي لحظة.
علينا تخيل المشهد الكوميدي المأساوي عندما نشاهد العديد من الناس لديهم نفس الشكل والتصميم لأنهم ذهبوا لنفس «طبيب التجميل»! بما يجعل المشهد غريب الأطوار بامتياز، حيث الكل يصبحون متوحدين في الشكل والمنظر!
ولعل ازدياد ظاهرة انتحار المراهقات وارتباطها الزمني مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي ومنها التطبيقات التصويرية أحد المؤشرات الرقمية الإحصائية على خطورة المسألة والتي تتطلب الدراسة من قبل المختصين وحماية مجتمعنا تحتاج إلى «جهود مؤسسات دولة» وخطة عمل «علمية» تشمل بروتوكولا طبيا يتم اتباعه قبل إجراء أي عمليات تجميل لصناعة درع وقائية تحمي الفرد والمجتمع من أضرار ما يتم تصديره إلينا من سلبيات خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا الأمر لا يتحقق في صرخة فرد من هنا وكتابة مقال من هناك.
بداية الحل هي في مؤسسات الدولة وتحركها على أرض الواقع.