أجرى الجيش الألماني حفل وداع مساء على ضوء مشاعل حملها الجنود الألمان برزت منه عاطفة غير معهودة من المؤسسة العسكرية، خاصة أن ورد الروز الأحمر الذي كانت المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل تحبه كان أبرز سمة في ديكورات الحفل والذي أقيم تكريما لقائدة عظيمة لوصولها خط التقاعد السياسي بعدما كانت رئيسة الحكومة لمدة 15 عاما.
ميركل الفتاة الفقيرة التي ولدت في الجزء الشرقي الشيوعي من ألمانيا دخلت وتسلقت السلم السياسي بسرعة بثباتها وقوتها وإخلاصها جعلت ألمانيا الاقتصاد الأول في أوروبا والرابع عالميا وصار لقبها «ماما» حين تجلت الإنسانية في مواقفها باستضافتها للاجئين، صنعت ميركل ثورة في الاقتصاد والمواقف الإنسانية والسياسية عجز عنها كثير من الرجال.
تأملت في رمزية هذا الحفل وما يحمله من مشاعر وتذكرت قصص التاريخ الإسلامي ودور المرأة في المشاركة في الحروب والغزوات كأم عمارة نسيبة بنت كعب التي شاركت بالقتال في عدة غزوات وأم حرام بنت ملحان أول شهيدة ركبت البحر ودفنت في قبرص والسيدة رفيدة التي داوت وطببت جرحى المسلمين في غزوة الأحزاب - رضي الله عنهن أجمعين - مرورا بالقرار المستحق الذي أصدره نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ حمد جابر العلي بدخول المرأة الجيش والذي سيقتصر بداية على الخدمات المساندة والطبية محركا المياه الراكدة ومثيرا اعتراضات بعض النواب الإسلاميين والذين قد يتهافتون قبل غيرهم بالضغط لقبول ناخبات دوائرهم الانتخابية للقبول في السلك العسكري.
يستخدم البعض أسلوب التأطير بأن يدفعوك تجاه الرأي الذي يريحهم لدواعي نفسية أو اجتماعية مثل عبارة «جمهور الفقهاء» حتى تسلم بها عقولنا كتهيئة لقبول أي رأي فقهي وكأنها إحدى المسلمات غير القابلة للنقاش بينما اجتهادات الفقهاء - رحمهم الله - أكثر مرونة وأوسع أفقا وأكثر انفتاحا من قناعاتهم الضيقة، فكثير من المسائل الفقهية استند فيها القانون على رأي فقهي خالف الجمهور لتوافقه مع مقاصد الشريعة ومستجدات العصر وفقه الواقع كالمعاملات المالية المعاصرة وتولي المرأة القضاء.
للإنسان السيادة الكاملة على عقله فاقرأ وابحث لتتسع آفاقك وينضج فكرك وتعرف حقوقك وحقوق الآخرين فترتقي بمجتمعك، ولا تنساق لآراء جامدة تصطدم بطموحاتك أو تهمش وتظلم بها غيرك، فطرحك لخيارات مشروعة وأكثر انفتاحا وتركك حرية الاختيار للآخرين هي من أجمل ما كفله الدين.
al_kandri@