استطاع «Spider-Man: No Way Home» تحقيق معادلة هوليوود الصعبة التي تمناها جمهور السينما منذ زمن بصناعة فيلم متكامل العناصر من كل الجوانب، حيث نجح الفيلم في تقديم كل العناصر الصحيحة كأحدث أفلام كون مارفل السينمائي، وتأثيره على الكون ككل، بالإضافة إلى التفاصيل المؤثرة والعاطفية فيه، والتي تجعله يعطي شعورا بالرضى، فيجتمع الأداء المتألق لنجومه مع أجوائه المضحكة الشبيهة بالكرتون والمليئة بالأكشن التي بتنا نتوقعها من هذا الكون الرائع بكل سلاسة، ورغم أنه يعاني أحيانا من استعارات الأبطال الخارقين التي أصبحت قديمة، إلا أن كل شيء آخر حول الفيلم سيترك المعجبين يبتسمون ملء وجوههم.
تمثل تلك الأفلام، التي لا تحدث سوى لمرة واحدة في العمر لروعتها، حلما بعيد المنال لمعظم الاستديوهات، ومع ذلك، ها هي مارفل تتباهى بحقيقة أنها وضعتنا جميعنا كخاتم في اصبعها مرة أخرى، حيث يشكل «Spider-Man: No Way Home» بطريقة ما انسجاما مثاليا بين ما نراه في برامج الأطفال الكرتونية المبهجة والدراما العميقة التي أصبحنا نتوقعها من هذه الملاحم.
لطالما كان اختيار الممثلين في أفلام كون مارفل السينمائي بالمكان الصحيح، حيث إن بعض أفضل الممثلين حول العالم الآن لديهم دورهم الخاص في مارفل، لكن سواء كان الوباء هو السبب (مما أعطى الإنتاج فترة جيدة في العمل) أو صيغة الفيلم «No Way Home» ضمن كون مارفل السينمائي، فإن أداء الممثلين يبدو وكأنه شيئا مختلفا، فعلى سبيل المثال، يتألق ويليام دافو بأي دور يؤديه، لكن تأديته لشخصية «نورمان أوزبورن» يجب أن يؤرخ في تاريخ كون مارفل السينمائي، فشخصيته (مثل بقية الأشرار الذين وجدوا طريقهم نحو كون «بيتر باركر» الخاص بتوم هولاند) تحصل على عمق جديد لم يتم استكشافه في أفلام الرجل العنكبوت السابقة.
السبب الأساسي في نجاح «Spider-Man: No Way Home» مبني على الأداء المتألق للنجوم بداية من «دافو» وصولا إلى آلفريد مولينا بدور «دوك أوك» وجيمي فوكس بدور «أليكترو»، ووسط الضحكات والدموع، هناك تعاطف عميق وصادق كنا نشعر بأنه مفقود ليس فقط في أول أفلام كون مارفل السينمائي، ولكن في أفلام «Spider-Man» التي سبقت هذا أيضا، وهذا ليس خطأ مبدعي أو ممثلي تلك الأعمال المعنية، ولكنه نتيجة للأوقات التي تم فيها إنتاجها، وما كان يتوقعه الجمهور في تلك الأوقات، حيث كان عصر الأفلام الواقعية المبكرة حول الأبطال الخارقين يركز على الاكشن والحماس أكثر من تركيزه على التأثير العاطفي المعقد لكل شيء، لكن تم نسج المشاعر والعاطفة بقوة في قصة هذا الجزء بطريقة تبدو طبيعية بالكامل، وبالتالي تبرز بقوة العبارة الشهيرة من أعمال الرجل العنكبوت: «مع القوى العظيمة تأتي مسؤولية كبيرة».
وتساعد مشاركة دكتور سترينج (بنديكت كامبرباتش) في تسليط الضوء على فارق السن بين «بيتر باركر» وبقية الافينجرز، إذ إن تحت كل تقنيات «توني ستارك»، هناك فتى مراهق يريد نوعا ما أن يتصرف كباقي أقرانه الذين في نفس سنه أحيانا، مثل الالتحاق بالكلية أو الارتباط بفتاة أو أيا كان.
إنه تأثير «توني ستارك» الذي يأخذنا إلى ما قد يكون التأثير الأكثر إثارة على المدى الطويل للفيلم، ففي الأفلام السابقة جاءت مشاركة «بيتر» بأية أحداث مع «آيرون مان» بعدما أثبت الأول وجوده بالفعل، فلم يكن ذاك الفتى من «كوينز» بحاجة إلى مليونير لاختراع أدواته الخاصة به، فلقد صنعها بنفسه، لكن من الواضح أننا تجاوزنا ذلك تماما في قصة «بيتر باركر»، والآن بعد أن أصبحنا بعيدين بما يكفي عن سقوط «ستارك»، يمسك «سبايدي» بزمام الأمور بنفسه أخيرا، حتى أن الفتى يستخدم الرياضيات للخروج من موقف يائس، صدقوا أو لا تصدقوا.
هناك إثارة حقيقية في مشاهدة قصة بهذا النطاق، والتي تأخذ من كون مارفل السينمائي وتضيف الكثير إليه في وقت واحد، لن نقول إن «Spider-Man: No Way Home» خال من العيوب، عندما يتحدث الناس عن الشعور بالإرهاق من الأبطال الخارقين، فإنهم غالبا لا يتحدثون عن سأم الجماهير من رؤية الناس يرتدون رداء البطل الخارق، ما يعنونه عادة هو الملل العام مع الاستعارات التي كانت من العناصر الأساسية منذ فترة طويلة لهذا النوع من الأعمال، ولقد أجبر كون مارفل السينمائي على استخدام هذه الاستعارات على مر السنين بدرجات متفاوتة من النجاح، إلا أن هناك بعض اللحظات في هذا الفيلم التي تقع في واحدة من أكثر العادات إحباطا حول البطل، وهي الصورة النموذجية للبطل الأوحد، وبالرغم من أن هذه النقطة بالإضافة إلى تداعيات محددة حصلت بسبب بعض الخيارات التي اتخذها صديقنا الودود «سبايدرمان» سترى بلا شك الحل في الأفلام اللاحقة، لكنها في الوقت الحالي مزعجة.
أما «الهفوات» الصغيرة الأخرى في الفيلم فتأتي ضمن ما بتنا نتوقعه من أفلام مارفل، فأحيانا هناك صور «CGI» أكثر من اللازم، أو ربما تعتبر بعض اللحظات من الحوار مبتذلة قليلا، وبغض النظر عن تلك التفاصيل الصغيرة، فإن نطاق «Spider-Man: No Way Home» جامح، فالأشخاص القلقون من أن يكون «Spider-Man 3» مكتظا مع كل أولئك الأشرار المعنيين، فلا داعي للقلق، فالغالبية العظمى لكل ما تم تقديمه في هذا الفيلم الجديد تنجح بطريقة ستجعلكم تغادرون السينما وأنتم تشعرون بإثارة كبيرة، وتعدون اللحظات حتى ترون «بيتر» وأصدقاءه مرة أخرى.