[email protected]
يقول رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له».. فماذا تريد بعد؟
نسمع عن محاسبة النفس وجلد الذات!
قال تعالى: (إن الحسنات يذهبن السيئات).
هل مارست أن تحاسب نفسك (النفس القوامة)؟
من أجمل ما قرأت في حياتي: «ناصيتي بيدك، ماض فيّ حكمك عدلٌ فيّ قضاؤك».. إنها أمان وسلام واستسلام النفس البشرية التي تميل الى الشهوات واللذات والهوى وتفعل الخير والهوى.
طوبى لمن شغلته عيوبه عن عيوب الناس!
اعلم عزيزي القارئ الكريم: لا نجاح إلا بتزكية النفس من الأدران وتطهيرها بتركك للمعاصي (فألهمها فجورها وتقواها)، ولا تفلح النفس إلا بالطاعة والطهر والتقى والابتعاد عن كل الأخـلاق الدنيئة والرذائل!
قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) الحشر 18.
هذا يدلنا على ضرورة أن نحاسب أنفسنا قبل أن نُحاسَب قال تعالى: (ولتنظر نفس ما قدمت لغد).
الله عز وجل عالم بجميع أعمالنا وأحوالنا ولا تخفى عليه خافية ولا يغيب عنه أي أمر يخصنا.
الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ولهذا وجب على الإنسان أن يحاسب نفسه فيلبي نداء الله عز وجل فيحاسب نفسه قبل أن يُحاسب، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، فإنه أهون عليكم في الحساب غدا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية»!
وقال ميمون بن مهران: «لا يكون العبد تقيا حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه، ولهذا قيل النفس كالشريك الخوان إن لم تحاسبه ذهب بمالك»!
تذكر عزيزي القارئ: الحساب يوم الحساب!
٭ ومضة: إن لمحاسبة النفس فوائد كثيرة منها الاطلاع على عيوبها؛ لأن مداومة الإنسان على محاسبة نفسه ليتعلم ما هو العيب والزلة وموطن الداء!
لقد كان السلف الصالح يحاسبون أنفسهم، فأحسنوا المحاسبة!
إن الهدف من الاطلاع على عيوب النفس هو معالجتها وتشفى من هذه الأمراض والتخلص من العيوب حتى ينقي الإنسان نفسه ويطهرها من أدرانها ويزكيها، والطريق هو درب الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة (قد أفلح من زكاها).
٭ آخر الكلام: نحن في الدنيا جميعا وكأننا في حالة سفر طويل، وقد أحسن من قال:
سبيلك في الدنيا سبيل مسافر
ولابد من زادٍ لكل مسافر
ولابد للإنسان من حمل عدةٍ
ولاسيما إن خاف صولة قاهر
وأنت تقلِّب جوالك قياما وقعودا تذكر ما نسيت من طاعات واستغفار يا بني آدم!
٭ زبدة الحجي: عندما نقول في الموت (إنا لله وإنا إليه راجعون)، فالمعنى هنا أن نحسن فيما بقي، ويغفر الله لك ما مضى، فإنك إن أسأت فيما بقي أخذت بما مضى وما بقي!
ولمحاسبة النفس عليك أن تزداد في طلب (العمل الصالح) وتخاف خشية الله.
يقول ابن القيم، رحمه الله: «محاسبة النفس نوعان، نوع قبل العمل ونوع بعده، فأما النوع الأول فهو أن يقف عند أول همه وإرادته، وإما الثاني فهو محاسبة النفس».
فعليك محاسبة نفسك على أمر معتاد وتذكروا تسعة أعشار العافية «التغافل»، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
..في أمان الله.