صادقت المحكمة الاتحادية العليا في العراق أمس على النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية التي جرت في العاشر من أكتوبر الماضي، بعدما كانت ردت دعوى طعن تقدمت بها قوى وفصائل سياسية ممثلة «للحشد الشعبي» وموالية لإيران، للدفع إلى إلغاء النتائج، منهية بذلك جدلا سياسيا واعتراضات قضائية دامت أكثر من شهرين.
وبموجب هذه المصادقة على النتائج، يدخل العراق في اطار التوقيتات الدستورية التي تلزم رئيس الجمهورية بدعوة البرلمان الجديد إلى الانعقاد خلال الأسبوعين المقبلين برئاسة اكبر الاعضاء سنا لانتخاب رئيس للبرلمان ونائبين له ومن ثم انتخاب رئيس جديد للجمهورية والذي سيقوم بدوره بتكليف مرشح الكتلة النيابية الكبرى بتشكيل الحكومة المقبلة.
وبعيد المصادقة، أعلن رئيس تحالف «الفتح» هادي العامري في بيان صادر عن مكتبه قبول قرار المحكمة، مستدركا بأن ذلك يأتي رغم «إيماننا العميق واعتقادنا الراسخ بأن العملية شابها الكثير من التزوير والتلاعب».
وأضاف «من باب حرصنا الشديد على الالتزام بالدستور والقانون وخوفنا على استقرار العراق أمنيا وسياسيا، وإيمانا منا بالعملية السياسية ومسارها الديموقراطي من خلال التبادل السلمي للسلطة عبر صناديق الانتخابات، نلتزم بقرار المحكمة الاتحادية».
بدوره، هنأ زعيم تيار «الحكمة الوطني» عمار الحكيم، الفائزين في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وقال في بيان صحافي: «انطلاقا من إيماننا العميق بسيادة الدستور والقانون نعبر عن التزامنا بقرار المحكمة الاتحادية بخصوص النتائج بالرغم من ملاحظاتنا الجدية على العملية الانتخابية، وفيما نجدد تهانينا للفائزين نحثهم على العمل بما تتطلب مسؤوليتهم الملقاة على عاتقهم في خدمة الشعب».
ودعا الحكيم إلى «الإسراع بتشكيل حكومة كفؤة ومنسجمة تجمع الأطراف الراغبة بالمشاركة فيها والمستعدة لتحمل المسؤولية أمام الشعب العراقي».
وجدد التأكيد على موقف تياره بعدم المشاركة في الحكومة المقبلة.
من جهته، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، للإسراع بتشكيل حكومة أغلبية وطنية، فيما رحب بمصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات.
وقال الصدر في تغريدة على حسابه بـ«تويتر» امس «شكرا لكل من ساهم في هذا العرس الديموقراطي الوطني ولاسيما القضاء الأعلى. وشكرا للمرجعية الراعية والداعية لهذا الكرنفال الانتخابي الذي يستحق منا الحمد والشكر والاحتفال».
ودعا زعيم التيار الصدري إلى«الحفاظ على السلم والسلام وذلك بالإسراع بتشكيل حكومة أغلبية وطنية لا شرقية ولا غربية، يضيء نورها من أرض الوطن وليفيء على الشعب بالخدمة والأمان».
وجاءت مصادقة المحكمة العليا بعد ساعات قليلة فقط من رفضها دعوى تقدم بها تحالف (الفتح) الذي يتزعمه هادي العامري للمطالبة بإلغاء الانتخابات.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية العراقية «واع» في وقت سابق أمس إن المحكمة الاتحادية العليا رفضت دعوى الطعن على نتائج الانتخابات البرلمانية والتي قدمتها القوى المعترضة على نتائج الانتخابات.
وأعلن القاضي جاسم محمد عبود رئيس المحكمة «رفض طلب المدعين إصدار امر ولائي لإيقاف اجراءات المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات» وأن «الحكم بات ملزما للسلطات كافة».
واعتبر القاضي قبيل تلاوته الحكم أن «اعتراض بعض الكتل السياسية وقسم من المرشحين على نتائج الانتخابات لعام 2021 بغض النظر عن اساليبه واسبابه، ينال من قيمة الانتخابات ويضعف ثقة الناس بها».
واكد أن «ذلك سيؤثر على السلطتين التشريعية والتنفيذية باعتبارهم نتاجا لتلك الانتخابات».
كما رفضت المحكمة الدعوى الخاصة بالطعن بشأن الانتخابات البرلمانية لأن هذا ليس من اختصاصها، ودعت البرلمان المقبل إلى تعديل قانون الانتخابات باعتماد نظام العد والفرز يدويا حصرا.
كما ذكرت المحكمة أن قرارات الهيئة القضائية في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق باتة ولا تقبل النقض.
وكانت المحكمة قد أجلت المرافعة في الدعوى المقامة بشأن إلغاء نتائج الانتخابات التشريعية لثلاث مرات، وتعد قراراتها قطعية وغير قابلة للطعن، وتدخل في صلب مهامها المصادقة على نتائج الانتخابات لتصبح قطعية.
وشهدت شوارع العاصمة بغداد زحامات مرورية خانقة جراء إغلاق وتقييد الحركة في عدد من الجسور والشوارع على خلفية إجراءات أمنية مشددة سبقت إعلان المحكمة بشان نتائج الانتخابات.
وذكرت وكالة «واع» ان قرار المحكمة برفض الدعوى جاء في ظل إجراءات أمنية مشددة في بغداد تمثلت في إغلاق جسر الجمهورية المؤدي الى المنطقة الخضراء شديدة التحصين في الوقت الذي أقدم فيه المتظاهرون الرافضون لنتائج الانتخابات على إحراق الاطارات قرب بوابة التخطيط إحدى بوابات المنطقة الخضراء.
وقال شهود عيان لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن المئات من المتظاهرين من أنصار الكتل والأحزاب الشيعية الخاسرة انتشروا قبل صدور قرار المحكمة الاتحادية العليا، قرب بوابات المنطقة الخضراء الحكومية وقرب مبنى المحكمة.
وأوضح الشهود أن السلطات العراقية نشرت قوات إضافية من الجيش والشرطة وقوات الأمن العام في الشوارع لضبط الأمن.