بيروت - عمر حبنجر
أسهل الأمور الدخول في العداوة، وأصعبها الخروج منها، وهذا في الواقع، حال القيادات السياسية في لبنان، التي اوغلت في العداوة على امتداد سنوات ما بعد انتهاء الحرب الأهلية، حتى فقدت القدرة على ابتداع المخارج الملائمة.
ذلك حال العلاقة بين الرئاستين الأولى والثانية في لبنان، والتي يبدو انها ستصبغ السنة الأخيرة من ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، المفترض افولها في 31 من اكتوبر المقبل.
هذا التباعد الفسيح بين الرئيس عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، يعكس ذاتيته الحادة، على المواقع الأخرى في السلطة، فيعطل تفعيل مجلس الوزراء، ومعه مجلس النواب، ويساعد في تفكيك أواصر الإدارة العامة، ويشل المؤسسات.
الأسبوع الأول من العام الجديد، مثقل بموروثات السنة الراحلة، اشتباكات سياسية، تعقيدات صحية، وانهيارات اقتصادية.
على الصعيد السياسي، يبقى الاشتباك الحاصل بين الرئيس عون والرئيس بري، في مقدمة المحاور المشتعلة، وهو مردود اليوم الى رفض الرئيس عون فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، التي انتهت فترة عقده الثاني، في الأول من يناير، ما لم يفرج بري ومن خلفه حزب الله، عن جلسات مجلس الوزراء.
وأمام ممانعة عون، يسعى بري الى جمع تواقيع الأكثرية النيابية المطلقة، حيث يغدو رئيس الجمهورية مجبرا على توقيع مرسوم فتح الدورة الاستثنائية، عملا بالمادة 33 من الدستور اللبناني.
على أن طرح بري سيواجه بالخلاف المستمر حول كيفية احتساب الأكثرية النيابية المطلقة، هل على أساس اعتبار ان المجلس 128 نائبا، بصرف النظر عن 11 نائبا مستقيلا ومتوفى، مما يجعل الأكثرية 65 نائبا، او على أساس ان المجلس 119 نائبا، مما يجعل الأكثرية المطلقة المطلوبة 59 نائبا؟.
محور آخر مفتوح بين بري وعون، عنوانه، ترقية ضباط «دورة عون» للعام 1994 ممن جرى تعيينهم من قبل عون يوم كان رئيسا للحكومة العسكرية، دون أي مراعاة للتوازن الطائفي، ورغم أن هؤلاء فضلوا تسمية دورتهم بدورة «الانصهار الوطني»، فإن وزير المال، الذي هو من حصة الرئيس نبيه بري، رفض توقيع مرسوم ترقيتهم من عقداء إلى عمداء، لأن الرئيس عون رفض من جهته توقيع مراسيم نحو 850 موظفا نجحوا بامتحانات مجلس الخدمة المدنية اللبنانية، بسبب انعدام التوازن الطائفي، حيث بلغت نسبة الشيعة بينهم 80%.
إذن المسألة، محاصصاتية بقدر ما هي سياسية وكيدية أكثر منها قانونية او توازنية، بدليل الحملة التي شنها رئيس التيار الحر جبران باسيل على الرئيس بري، مصحوبا بعتاب المحب لحزب الله، وبالغمز القوي من قناة رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، مذكرا بأولوية الدولة على أي كائن آخر، ومستعملا قاعدة «ضربة على الحافر وضربة على المسمار»، وكان لافتا امتناع معظم القنوات التلفزيونية عن نقل خطابه مباشرة، عدا قناة «أو تي في» الناطقة بلسان التيار الحر، وتلفزيون لبنان الحكومي.
واستهل باسيل هجومه ضد ثورة 17 اكتوبر، وقال: ان «الجناح الكاذب في الثورة تغطى بشعار (كلن يعني كلن) ليستهدفنا ووحدنا بينما الشعار الحقيقي كان يجب أن يكون كلن إلا نحنا».
وشن باسيل هجوما على بري وقال: «اذا بدو يمشي شي قانون فالتصويت على ذوق رئيس المجلس النيابي لأنو مانع التصويت الالكتروني»، ونحن رضينا بدستورنا ولا نريد تطييره بل تطويره وفق وثيقة الوفاق الوطني وبالتوافق.
ورأى باسيل أن «حاكم مصرف لبنان يتمرد على قرار مجلس الوزراء ويمنع التدقيق الجنائي بحسابات مصرف لبنان و(يخرب) خطة التعافي المالي والتفاوض مع صندوق النقد حتى لا تفضح فجوته المالية».
واعتبر باسيل أن محاولات عزل حزب الله لم تتوقف، وقال: «اخترنا مار مخايل على الطيونة لأننا نعرف ان جعجع أداة للخارج (ساعة لإسرائيل وساعة لأميركا) وهو تواطأ مع سورية في الـ 90 لكن هي رفضته وحاليا هو معروف على أي Payroll ومطلوب منه الفتنة والطيونة، اجته شحمة على فطيرة».
وأضاف: «هلق بيقول السيد حسن يلي إلو عندي مكانة خاصة بالقلب وبالعقل الله وحده بيعرفها هيدا الكلام بينحكى بالغرف المغلقة. صحيح معو حق، ولكن حاولنا وحكينا كتير بحوار عميق لتفعيل وتطوير وثيقة التفاهم، وعملنا لجنة مشتركة اجتمعت مرة واحدة، وكأن ما في شي مستعجل»، مؤكدا «لا نريد إلغاء ولا تمزيق وثيقة التفاهم مع حزب الله لأنها جيدة وبنودها ثابتة ووطنية لكن نريد تطويرها لأنها لم تعد تستجب الى التحديات المطروحة لاسيما الاقتصادية والمالية».
وتابع: «أولويتنا الدولة واصلاحها وهم أولويتهم المقاومة والدفاع عنها وقلنا انه يمكننا الحفاظ على الاثنين و(مش غلط) لكن تبقى المقاومة تحت الدولة.. ولا يمكن أن نخسر الدولة من أجل المقاومة لكن نستطيع أن نربح الأمرين».
وشدد باسيل على أنه «من غير المقبول أن نوضع امام معادلة الاختيار بين الدولة والسلم الأهلي، وبين الاصلاح والاستقرار، أي عندما نتكلم عن الاصلاح يصبح الاستقرار مهددا،» والجواب نجونا من الفتنة الشيعية - الشيعية»، وكلما استوضحنا يكون الجواب من 3 أحرف: ب ر ي! مضيفا: «نحنا عملنا تفاهم مع حزب الله مش مع حركة امل، لما منكتشف انو الطرف الآخر يلي صار بيقرر مقابلنا بالتفاهم هو حركة امل بيصير من حقنا نعيد النظر».
وتابع: «خبرية المقايضة ومسرحية افشال الحل والعرض الأخير المرفوض يلي اجاني آخر دقيقة، ما بتمرق! عملية المس بصلاحيات ميثاقية لرئيس الجمهورية بعهد ميشال عون ما بتمرق».
وأضاف «ساعتها وأفضلنا نكون وحدنا ولو اضعف بس منكون بكرامتنا».