- الإستراتيجية الوطنية خارطة طريق للصمود أمام الأزمات وتتواكب مع الرؤية المستقبلية
- السيول تحدث عادة في أحواض تصريف ضلع الأحمدي عندما تهطل كميات كبيرة من الأمطار
- هناك أهمية كبيرة لتصميم كود بناء للطرق والمنشآت المعرضة للسيول يناسب ظروف البلاد
- تصلب التربة وانضغاطها في معظم المناطق يشكل عائقاً كبيراً أمام التسرب الرأسي للمياه
دارين العلي
شدد عضو اللجنة الوطنية لمكافحة التصحر في الكويت والمدير التنفيذي لشركة الرؤية الكويتية لإدارة المشاريع البيئية د.رأفت ميساك ان الاختيار الأوحد لإدارة الكوارث الطبيعية والتكنولوجية في الكويت، هو إعداد الاستراتيجية الوطنية للحد من مخاطر الكوارث والتي تعد بمثابة خارطة طريق للصمود، بقدر المستطاع أمام الأزمات والكوارث تتواكب مع الرؤية المستقبلية للكويت وروح قانون حماية البيئة.
وحول السيول في البلاد وكيفية التعامل معها، قال ميساك في تصريحات لـ «الأنباء»، ان هناك عددا من الركائز لادارة السيول والتقليل من مخاطرها، متحدثا عن التجارب التي مرت بها الكويت من خلال ثلاثة سيول ضخمة شهدتها البلاد منذ التسعينيات حتى اليوم، مشددا على اهمية تركيب اجهزة انذار مسبق للسيول بناء على اجهزة قياس كميات الامطار في المناطق المعرضة للسيول.
وأورد ميساك عددا من الحقائق الجغرافية التي تساهم في زيادة حدة السيول في حال لم يتم التنبه لها ومنها أن: جميع المناطق المرتفعة في الكويت «وحدات استقبال مياه الأمطار» تقطعها أودية متباينة في مساحاتها وأشكالها ودرجة خطورتها، ومن اهم الأودية في الكويت وادي الباطن وأودية الروضتين وأم العيش ووادي العوجة ووادي طلحة ووادي أم الرمم ووادي حوبان وأودية ضلع الأحمدي وهذه الأخيرة عندما تفيض تكون لها آثار تدميرية على المناطق السكنية والطرق، كما حدث خلال الفترة من 3 الى 25 نوفمبر 2018.
ضلع الأحمدي
وأضاف: تحدث السيول في احواض تصريف ضلع الأحمدي عندما تهطل كميات من الأمطار لا تقل عن 30 ملم في عاصفة واحدة، كما حدث في نوفمبر 2018، وتصنف احواض تصريف ضلع الأحمدي الى مجموعة الأحواض الشرقية والأحواض الغربية، يبلغ عدد الأحواض الشرقية في المنطقة الممتدة من ابو حليفة شمالا الى شمال الشعيبة جنوبا ثمانية أحواض، اهمها حوض الأحمدي مساحة 17 كم مربع تقريبا، وعندما تحدث سيول في الأحواض الثمانية تتأثر المناطق التالية سلبا: ابو حليفة، المنقف، الصباحية، جنوب الصباحية، الفحيحيل، الشعيبة، الأحمدي.
سيول مدمرة
وتابع: تعرضت الكويت لسيول مدمرة في نوفمبر من 2018 (285 ملم امطار) نتج عنها اضرار جسيمة في عدد من المناطق الصحراوية والحضرية ومنها أبو حليفة، المنقف، الصباحية، جنوب الصباحية، الفحيحيل، الشعيبة، الأحمدي، مدينة صباح الأحمد، طريق الوفرة - ميناء عبد الله، كبد، طريق الدائري السابع، ومنطقة الظهر، وأم الهيمان ومدينة صباح الأحمد السكنية والمناطق القريبة منها هي أكثر المناطق السكنية تضررا بمياه بالسيول في الكويت، لافتا الى ان حقل نفط برقان أكثر الحقول النفطية تضررا بالسيول، فعند حدوث السيول تتضرر المرافق والبنية الأساسية لحقل برقان تضررا شديدا كما حدث خلال نوفمبر 2018، وغرق مساحات كبيرة من مرافق حقل برقان، تدمير وصلات من الطريق الرئيسي بحقل نفط برقان وشبكة الطرق الفرعية، تراكم كميات كبيرة من الوحل على المرافق الأساسية.
بحيرات مياه
وتحدث عن تجمعات مياه الامطار في بحيرات، ففي أواخر نوفمبر وأوائل ديسمبر من العام 2018 رصدت الجمعية الكويتية لحماية البيئة بحيرات مياه الأمطار باستخدام طائرة بدون طيار «طائرة درون» ارتفاع 200 متر، وفي نفس الوقت كان فريق من الجمعية يقوم بقياس عمق البحيرات المنتشرة شرق مدينة صباح الأحمد السكنية باستخدام قارب مجهز بالتعاون مع إدارة الإطفاء، آخذا بعين الاعتبار مساحة بحيرات شرق مدينة صباح الأحمد السكنية نحو 7 كيلو مترات مربعة وعمق المياه 3 م في المتوسط، فتكون كمية المياه في البحيرات قرابة 21 مليون متر مكعب، مع ضرورة الاستفادة من مياه السيول حيث انها نعمة وليست نقمة.
وأوضح انه خلال الفترة من 2019-2020 تم تطوير البنية الأساسية للسيول في الكويت حيث أقيمت السدود وتم تجهيز خزانات أرضية ضخمة لتجميع المياه في مناطق عديدة منها منطقة الصباحية الجنوبية.
وذكر بعض ركائز إدارة السيول والتخفيف من مخاطرها فيما يلي:
٭ التحكم في مياه السيول المتدفقة في الأودية يجب ان يبدأ من الروافد العليا وذلك من خلال اقامة سدود صغيرة وحفر تجميع المياه، ما يقلل من سرعة المياه الجارية ومن ثم تخف درجة خطورتها.
٭ خلال سيول نوفمبر 2018 قامت الهيئة العامة للبيئة وشركة نفط الكويت والقطاع الخاص بتصميم وتنفيذ خطة سريعة لإدارة مياه السيول في وادي الأحمدي خلال الفترة من 21 الى 25 نوفمبر 2018، وتضمنت الخطة حفر 12 حفرة تخزين مياه سعة اجمالية تقدر بقرابة 12 ألف متر مكعب.
وبين أن تصلب التربة وانضغاطها في معظم المناطق الصحراوية المفتوحة بالكويت يشكل عائقا كبيرا أمام التسرب الرأسي لمياه الأمطار في التربة، حيث تتجمع مياه السيول والأمطار فوق التربة الصلبة المنضغطة غير المنفذة وبمرور الوقت تفقد المياه بالتبخر وهذا نوع من الإهدار القصري لمياه الأمطار والسيول، ومن الضروري التعامل مع التربة المتصلبة ميكانيكيا او بيولوجيا او كليهما.
خطط طوارئ
ولفت إلى ضرورة وضع خطط الطوارئ وإدارة المخاطر وتفعيل المادة 118 من قانون حماية البيئة رقم 42 لسنة 2014 التي تنص على «تعنى الهيئة بالتعاون مع الجهات المختصة بإعداد خطط الطوارئ وخطط إدارة المخاطر الطبيعية بما فيها العواصف الغبارية والرملية وموجات الجفاف والسيول الفجائية والهزات الأرضية وحالات نفوق الأسماك والأحياء البحرية وغيرها إضافة إلى المخاطر البيئية التي قد تنتج عن الأنشطة البشرية، وفي كل الأحوال تتولى الجهات المختصة إدارة هذه الخطط وتوفير متطلبات إنجاحها وتعنى الهيئة بمتابعة أدائها ورفع التقارير اللازمة بشأنها للمجلس الأعلى»، مؤكدا أن الاختيار الأوحد لإدارة الكوارث الطبيعية والتكنولوجية في الكويت، هو إعداد الاستراتيجية الوطنية للحد من مخاطر الكوارث والتي تعد خارطة طريق للصمود، بقدر المستطاع أمام الأزمات والكوارث وتتواكب مع الرؤية المستقبلية لدولة الكويت وروح قانون حماية البيئة رقم 42 لسنة 2014 وأهداف وأولويات اطار سينداي للحد من المخاطر 2015-2030 واتفاق باريس للمناخ 2015، فضلا عن أهداف التنمية المستدامة المرتبطة بالحد من المخاطر وتبلغ 10 أهداف من أصل 17 هدفا من 2015-2030 واستراتيجية مؤتمر قمة تغير المناخ بجلاسكو 2040.
الإنذار المبكر
وشدد على انه لا بديل عن تصميم وتشغيل منظومة مراقبة وإنذار مبكر من السيول، فالنظم معروفة ومطبقة في عدد من الدول، منها الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية والأردن، وهناك نظم إنذار ثابتة وأخرى متحركة، وبعض هذه النظم تقوم بدورها في الإنذار لفترة تصل عدة أيام واحيانا أسبوع قبل أحداث السيول، ويتم تركيب أجهزة لقياس كميات الأمطار الهاطلة، مزودة بوسائل إنذار تعمل أتوماتيكيا في حال قرب وصول كمية الأمطار لما يعرف بالعتبة الحرجة، اي المرحلة التي بعدها تسيل المياه على السطح مسببة أضرارا جسيمة للإنسان والممتلكات والبيئة، فهنا تسمع صافرات الانذار او تضاء الانوار في مواقع مرتفعة يمكن مشاهدتها من بعد او تطلق اشارات متفق عليها في الراديو والتلفزيون، ومن ثم تتخذ حزمة من الاجراءات الوقائية التي من شأنها الحد من الآثار التدميرية للسيول، فعلى سبيل المثال، تتوقف الحركة تماما على الطرق السريعة فور صدور الإنذار، لتبدأ سيارات الاسعاف والمطافئ والدفاع المدني في تنفيذ مهامها ويبقى السكان في المنازل ويعود من هم في الخارج الى منازلهم وهكذا تدار الأزمة الى أن تنتهي بأقل قدر من الخسائر، بالاضافة الى تصميم كود بناء للطرق والمنشآت المعرضة للسيول.
أهم 3 سيول في العقود الماضية
٭ السيل الأول: حدث يوم 2 فبراير من عام 1993 حيث هطلت كمية من الأمطار بلغت 40 ملم خلال 6-8 ساعات، وفي ذلك اليوم تم اعلان مدينة الجهراء منطقة كوارث طبيعية.
٭ السيل الثاني: سجل يوم 11 من نوفمبر من عام 1997 حيث هطلت على الكويت كمية من الأمطار تقدر بحوالي 105 ملم في فترة من 3-4 ساعات، وفي هذا اليوم غرقت احياء كاملة من مدينة الكويت ومعظم مدينة الجهراء وقد سجلت عدة حالات وفيات واصابات.
٭ السيل الثالث: تعرضت الكويت لسيول مدمرة في شهر نوفمبر من العام 2018 (285 ملم أمطار) نتجت عنها اضرار جسيمة في عدد من المناطق الصحراوية والحضرية.