قد يستقبل عقلك أن يكون زميلك في المواطنة يوما ما لاجئا سياسيا في بلد أوروبي يتمتع بسقف حرية أكبر من بلده الكويت، أو يكون مثلا لاجئا اقتصاديا حورب تجاريا في بلده ووجد ضالته في مكان آخر من العالم، أما أن يهرب الكويتي من حرارة الجو ليس في الصيف فقط إنما طوال العام فهذا مستبعد حاليا لكنه سيكون واقعا في المستقبل القريب جدا.
الأمر مرهون باستمرار الحالة السلوكية في جميع قطاعات الدولة المعنية باستفزاز الطبيعة واتخاذها ندا بدلا من تسخيرها والتعايش معها، من النقل العام، إلى هيئة الزراعة، مرورا بالبلدية والإسكان وليس انتهاء بالإدارة العامة للمرور، هذه الجهات وغيرها التي تتعامل في مشاريعها وقوانينها مستمرة بتجاهل قضية الاحتباس الحراري التي قد تؤدي بنا إلى اللجوء البيئي من البلد فور وصول درجة الحرارة في الصيف إلى 65 مئوية.
في الصيف الماضي اضطررت إلى إيقاف سيارتي والترجل ظهرا إلى أحد المحال التجارية بمقدار 20 خطوة تقريبا، وما كدت أصل إلى البوابة حتى لاحظت احمرار جلدي تحت أشعة الشمس بشكل نادر، درجة الحرارة كانت 52 وكان تأثيرها كارثيا على جسدي بعد 20 خطوة فقط، وإذا علمنا أن درجة الحرارة ترتفع في المنطقة وحواليها بمقدار نصف درجة سنويا فنحن أمام كارثة بيئة خطيرة.
كمية الأسمنت في البلد تتضاعف، وسائل النقل تتضاعف، المساحات الخضراء محدودة جدا دون اهتمام.. التصحر يتمدد حولنا والبيئة تصرخ دون صوت حاليا، لكن صوتها سيكون مسموعا جدا بعد سنوات قصيرة من إهمال هذا الجانب من حياتنا وسلوكنا غير المكترث.
إنها قضيتنا جميعا، إنها مسألة وجودنا كلنا، لا النفط وارتفاعه سينفعنا ولا استثماراتنا وأرباحها ستنقذنا إن لم نتخذ خطوات جادة في معاملة الطبيعة باحترام يليق بها وبقوتها التي تفوقنا بمراحل كثيرة.
اللهم هل بلغت، اللهم فاشهد.