من أسوأ التجارب التي مرت بي خلال سنوات الاغتراب خارج مصر هي «وفاة المصري في الغربة»، ولأننا مصريون وأحفاد فراعنة فإن اهتمامنا بالموت وطقوس ومكان الدفن يختلف عن عادات كثير من الشعوب.
المصري في الغربة يعيش كابوسين يومياً، الأول أن يتوفى أحد أهله المقربين أو أحبائه دون أن يكون معهم في ساعاتهم الأخيرة، أو دون أن يحضر طقوس دفنهم.
والكابوس الأسوأ أن يتوفاه الله في غربته، فلا يتمكن من توديع أحبائه، ثم يدفن في أرض غريبة.. لا تعرفه ولا يعرفها..
شخصياً.. مررت بأكثر من تجربة مع وفاة صديق أو عزيز، وحملت على عاتقي واجب تحقيق وصيته أو طلب أهله في مصر بضرورة «شحن» جثمانه إلى مصر، وللأسف يتضمن الأمر بضع صدمات متتالية تبدأ بصدمة فقدان «إنسان» ثم إجراءات روتينية للحفاظ على جثمانه، والحقيقة أن «القنصلية» المصرية في الكويت لم تخذلني أبداً في تيسير وتسهيل الإجراءات حتى تمام الأمر، ويبقى تعبير «شحن» الجثمان، تعبيراً صادماً حاولت استبداله بآخر أكثر إنسانية.. وفشلت.
وأثناء قيامي بهذا «الواجب الإنساني» لاحظت أن العديد من العمال البسطاء يعضلهم التصرف في مواجهة وفاة أحد زملائهم بسبب عدم معرفة أهله، أو عدم معرفة الإجراءات اللازمة والأوراق المطلوبة، أو صعوبة توافر مبلغ «سفر الجثمان» وهذا غالباً ما توفره بعض اللجان الخيرية التابعة للقنصليات أو مجالس الجاليات.
للأسف يتحول الأمر إلى «حزن» مركّب، ويتملك العامل في الخارج غضب شديد بسبب عدم تدخل الدولة المصرية في الأمر، وتمت مناقشة الموضوع مع العديد من السفراء والوزراء، وكان اهتمام وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين في الخارج نبيلة مكرم واضحاً، وقد أوفت بعهدها لي شخصياً وللكثير من الزملاء ببدء تطبيق أول نظام اختياري للتأمين على العاملين بالخارج بالتعاون مع الهيئة العامة للرقابة المالية واتحاد شركات التأمين من خلال شراء الوثيقة والتسجيل بشكل مبسط على المنصة الإلكترونية لتأمين العاملين بالخارج.
ودون الخوض في تفاصيل الوثيقة - موجودة على الموقع - فإنها تستهدف تغطية تكاليف «إعادة» الجثمان إلى مصر سواء كانت الوفاة طبيعية أو بسبب حادث، ويدفع المؤمن عليه 100 جنيه مصري سنوياً، ويحصل ورثته على حوالي 100 ألف جنيه تخصم منها تكلفة إعادة الجثمان.
شكراً للدولة المصرية اهتمامها بأبنائها العاملين بالخارج، ونرجو أن تكمل الوزيرة المحترمة «اهتمامها» وتكلف قنصلياتنا في الخارج بتحديد موظف يكون مسؤولا عن «كل» إجراءات «إعادة» الجثمان طالما لديه تأمين،
وأن يتم «تطوير» الوثيقة لتتجاوز مسألة الوفاة وتوفر «معاشاً» للعائدين من تجربة الغربة.. «أحياء»!
رابط الموقع https://epti-egy.org/ep/
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
www.hossamfathy.net
Twitter: @hossamfathy66
Facebook: hossamfathy66
Alanba email ID
[email protected]