ينكب المحققون الفيدراليون منذ 6 يناير الماضي، على التدقيق في وسائل التواصل الاجتماعي وتحليل مقاطع الفيديو والتحقق من معلومات أوردتها مصادر مجهولة لمعرفة هوية الضالعين في هجوم أنصار الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب على مبنى الكونغرس الأميركي «الكابيتول»، رمز الديموقراطية الأميركية، فيما تسابق لجنة التحقيق النيابية في الكونغرس الزمن قبل انتخابات التجديد النصفية في نوفمبر المقبل.
وتعد هذه «المهمة الضخمة والكثيفة أحد أكبر التحقيقات بتاريخ» الولايات المتحدة على ما يؤكد لورنزو فيدينو، مدير «البرنامج حول التطرف» في جامعة جورج واشنطن.
ومكنت هذه الجهود في عام واحد من توقيف أكثر من 725 من أنصار ترامب وتوجيه التهم إليهم، لاقتحامهم مبنى الكابيتول أثناء جلسة المصادقة على فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية.
وتضاف أسماء جديدة إلى القائمة بشكل شبه يومي، حيث تعتقد الشرطة الفيدرالية أن ما لا يقل عن 2000 شخص «ضالعون في الحصار».
وغالبية المتهمين هم من الرجال (87%)، من البيض ومتوسط أعمارهم 39 عاما، وهو «أعلى من العمر المعتاد للمتطرفين»، كما يؤكد فيدينو الذي يتناول مركز أبحاثه جميع الملاحقات القضائية.
وهم يتحدرون من جميع أنحاء البلاد ومن مختلف الأوساط الاجتماعية والاقتصادية، مع غالبية كبيرة من الأفراد ذوي الخبرة العسكرية وأشخاص عانوا من الإفلاس. ويلاحق غالبية الضالعين، الذين يبدو أنهم اكتفوا بالتجول في المبنى، بارتكاب جنح بسيطة، مثل انتهاك حظر الدخول أو الإخلال بالنظام العام.
وتسعى النيابة إلى محاكمتهم بسرعة ضمن اطار الاتفاق على الإقرار بالذنب، حيث ابرم نحو 165 شخصا بالفعل مثل هذه الاتفاقات وصدر نحو 50 حكما، ومعظم هذه الاحكام خفيفة، مثل الشاب الذي أقر بسرقة الجعة من مكتب الزعيمة الديموقراطية نانسي بيلوسي، حيث حكم عليه بالسجن لمدة 20 يوما، ليمضيها خلال عطلات نهاية الأسبوع من أجل أن يحتفظ بعمله.
لكن صدر حكم بالسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة على جايكوب تشانسلي، البالغ من العمر 34 عاما، والذي استحال أحد رموز الهجوم على مقر الكونغرس مع اعتماره خوذة مع قرني بيسون أميركي.
وبدأت الأحكام الأشد تصدر للتو، وهي تتعلق بالحالات الأخطر: مع اتهام نحو 225 شخصا بارتكاب أعمال عنف استهدفت خصوصا عناصر أمن مبنى الكابيتول. وحكم مؤخرا على روبرت بالمر (54 عاما) بالسجن لمدة خمس سنوات بعد إدانته بتهمة رشق عناصر الشرطة بألواح وبمطفأة حريق ومقذوفات أخرى أمام مقر الكونغرس.
في هذه المجموعة، يحاكم نحو 40 شخصا بتهمة «التآمر» ما يعني أنهم خططوا للهجوم. ومن المتوقع محاكمة المتهمين أمام هيئة محلفين شعبية. وقد تبدأ المحاكمة الأولى اعتبارا من فبراير المقبل. ويقول فيدينو إن المدعين العامين «يبدون قدرا كبيرا من الابتكار» ضمن إطار قانوني ملزم. في الولايات المتحدة يقول الخبير إنه يمكن للمحققين التحقيق في الجماعات المتشددة الأجنبية لكن ليس المنظمات الأميركية التي تحكمها عقيدة متطرفة وعنيفة.
ويحوم التساؤل حول من حرض على الهجوم ودبره، ممن لم يظهروا علانية في المكان. ويترك المدعون العامون في الوقت الحالي لنواب الكونغرس أمر التحقيق بشأنهم، حيث من المتوقع ان يبدأ جلسات علنية لعدة أسابيع لتسليط الضوء على التحقيق مع اشتداد الحملة لانتخابات التجديد النصفي في نوفمبر المقبل.
وكان التحقيق في أسوأ هجوم على الكونغرس منذ حرب 1812 في جلسات مغلقة إلى حد كبير. وأجرت لجنة مجلس النواب الخاصة مقابلات مع أكثر من 300 شاهد حول أعمال العنف التي ارتكبها أنصار ترامب. ويتسابق أعضاء اللجنة لإنهاء عملهم قبل انتخابات الثامن من نوفمبر، حيث يدرك الأعضاء الديموقراطيين السبعة والعضوان الجمهوريان باللجنة، أن جهودهم يمكن أن تتوقف إذا استعاد الجمهوريون الأغلبية في مجلس النواب وفقا لما ترجحه التوقعات.
وبرأ مجلس الشيوخ دونالد ترامب من تهمة «التحريض على التمرد» في فبراير، لكن الرئيس السابق لم يفلت من المساءلة.
وتشكلت لجنة تحقيق في مجلس النواب لإلقاء الضوء على دوره ودور المقربين منه. إذا تمكنت من جمع الأدلة، فلن يمنع أي شيء المدعين العامين من النظر في القضية.