رغم مرور ما يزيد على 60 عاما على انطلاق فريق البيتلز الغنائي، مازالت أغانيه ماثلة في القلوب ويرددها محبوه في مختلف أنحاء العالم، فهي أيقونة تمثل تغييرا جذريا في عالم الغناء الشبابي، وسجلت مبيعات قياسية وفلكية وقتذاك، بل أحدثت اتجاهات جديدة في عالم الأنغام والأزياء والثقافة بمفرداتها المبتكرة، وحتى في قصة الشعر التي قلدها شباب العالم.
وما زالت مدينة ليفربول تحفل بذكريات بهيجة عن هذا الفريق الغنائي الذي رفعها إلى مدارج الشهرة لكونه معبرا عن أحلام جيل كامل يطمح في التجديد، كما تحفل المدينة بالعديد من الأماكن التي تحمل لمسات وآثار لهذا الفريق العبقري، والتي يستطيع المعجبون به زيارتها، ليتلمسوا لمحة من الذكرى الباقية من تلك الأيام التي خلت، وكانت تضج بألوان شتى من الغناء والموسيقى.
وأحد هذه الأماكن هو المبني ذو الأبواب الحديدية الحمراء "لبستان الكرز"، وهو بيت معد لرعاية الأطفال تحت إشراف "جيش الخلاص"، وهو منظمة خيرية دينية دولية، حيث اعتاد جون لينون أحد أعضاء فريق البيتلز، اللعب في أفنيته عندما كان طفلا، نظرا لأنه يجاور البيت الذي كان يقيم فيه.
وحتى بعد مرور نصف قرن من انفصال أعضاء الفريق عن بعضهم البعض، لا يزال يمكن الإحساس بوجودهم في أنحاء المدينة، مما يجذب عددا لا يحصى من المعجبين، برغم أن جولات "البيتلز" السياحية في أنحاء ليفربول تتضمن كثيرا من المحطات، لدرجة أن معظم الزوار لا يكادون يستطيعون التقاط صورة سيلفي سريعة أمام العلامة الشهيرة لبستان الكرز، قبل مواصلة طريقهم لمشاهدة المعالم الأخرى للمدينة.
وتكشف مجرد جولة قصيرة بالمدينة سريعا، عن كيفية ارتباط ليفربول بفريق البيتلز بشكل وثيق، وتجلب سياحة البيتلز ما يقدر بنحو 100 مليون يورو لخزانة المدينة سنويا.
غير أن هناك مجموعة من المعجبين تريد أن تتعمق في تفهم أعمال الفريق، ولا تكتفي بمجرد الزيارة، وإذا أردت التعرف على أهدافها فعليك أن تلتقي بهولي تيسلر وطلابها.
تشرف تيسلر على دورة دراسية للحصول على درجة أكاديمية للدراسات العليا، بجامعة ليفربول تحت اسم "البيتلز: صناعة الموسيقى والتراث"، وهي حريصة على تجنب أية مفاهيم مسبقة قد يعتنقها الناس حول هذا الموضوع.
وقالت تيسلر لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.ا) إن الهدف من هذه الدرجة الجامعية حول البيتلز، هو إثارة أسئلة حول الأفكار السائدة حيال الفريق، والتي تزداد أهميتها مع تقدم العمر بالشاهدين عليها والمعاصرين لها.
ولا يزال عضوان فقط بفريق البيتلز على قيد الحياة، من بينهما المغني وعازف الجيتار سير بول ماكارتني الذي سيصبح العام المقبل في الثمانين من عمره، والثاني هو قارع الطبل رينجو ستار الذي يبلغ من العمر 82 عاما.
ويدرس الطلاب في المنهج أيضا قضايا مثل التأثير المجتمعي لفريق البيتلز، في ظل تأثيرهم الهائل على الثقافة والأزياء في الستينيات من القرن الماضي.
وتشير تيسلر إلى أن البرنامج الدراسي لا يركز على النواحي الراقية. وتقول "إنها ليست درجة علمية تحتفي بالبيتلز، ولكن باستخدام الفريق والسياحة ومجال التراث الخاص بليفربول، كنموذج لأماكن أخرى معروفة بتمتعها بظاهرة ثقافية"، مشيرة في هذا الصدد إلى مدينة سالزبورج وعلاقتها بالموسيقار موزارت، كواحدة من نماذج أخرى لا تحصى في مختلف أنحاء العالم.