نعم البطالة داء عالمي تشكو منه الكثير من الدول غنيها وفقيرها، الدول الغنية تشكو من البطالة لأن أعداد الداخلين في قوة العمل لديها بالملايين فأزمت البطالة لديها لها ما يبررها وهو عدد السكان المقدر بالملايين، والدول الفقيرة لها عذرها بقلة الموارد المتاحة وضعف الميزانية، ولكن أين العذر لدينا هنا بالكويت دولة الرفاهية والنفط والمليارات؟ ولله الحمد، كيف تستعصي هذه المشكلة على الحل؟! وكيف نساوي بين من يملك سبيل الحل ومن لا يملك؟!
فلا عذر لنا في وقوفنا متفرجين على طابور العاطلين الذي يمتد من الشويخ إلى الأحمدي بحثا عن فرصة عمل فلا يجدها أو يكاد، على الرغم من أن الكويت مصنفة عالميا بأن دخل الفرد فيها من أعلى الدخول في العالم، وعلى الرغم من أن عدد الكويتيين قليل، إلا أننا نعاني من مشكلة البطالة التي تضرب كل بيت، وكل بيت في الكويت يحتضن عاطلا عن العمل أو اكثر يقضي نهاره نائما أو أمام التلفاز أو مع الأصحاب إلى شروق شمس اليوم التالي، ومع الفراغ والبطالة تتولد المشاكل وتتكاثر ابتداء من المشاحنات والمعارك الدامية بالأسلحة البيضاء وغيرها وكل ما تصل إليه أيدي هؤلاء الشباب العاطلين، فاستعدادهم للعنف كبير وذلك نتيجة حتمية وطبيعية للفراغ والبطالة، وهاهي الصحف تحمل لنا كل يوم سيلا من الجرائم يرتكبها بعض الشباب ولأتفه الأسباب، فضلا عن أن هؤلاء العاطلين من الشباب أصبحوا هدفا لتجار المخدرات ولم لا فليس لديهم ما يشغلهم غير الانغماس في الملذات والضياع، قد تكون مشكلة البطالة مفهومة الأسباب في الدول التي تعاني من الفقر وزيادة عدد السكان، ولكن في الكويت حبانا الله بخير كثير، أما سبب هذه المشكلة فيعود الى غياب التخطيط والارتجال في القرارات والتنمية والرؤية الثاقبة لما يحتاج اليه سوق العمل في الكويت فنحن نعاني من مجلس أمة معطل لأكثر خطط التنمية ومن بعض الأعضاء الذين شغلتهم أموالهم عن واجبهم في تحفيز الاقتصاد فعجزت حكومتنا عن أن توفر فرصة عمل شريف لأبنائنا.
أعجزت ميزانية وأموال الكويت التي تبعثر على دول العالم يمنة ويسرة وعلى دول وقفت مع الغزو العراقي على الكويت؟ نعم المشكلة كبيرة وأيضا إمكاناتنا كبيرة تستوعب كل العاطلين عن العمل، فوزارة التربية مثلا تستطيع أن تعين في كل مدرسة بعض هؤلاء العاطلين عن العمل في الجانب الإداري من تسجيل غياب الطلاب إلى الإشراف على المقاصف وإدارة الكنترول ويستطيعون أن يعينوهم بجرة قلم خدمة لهم وخدمة للتعليم وحتى يتفرغ المعلمون لمهنتهم الأساسية ألا وهي التعليم ويتركوا الجانب الإداري والإشراف على الأجنحة تحقيقا لجودة التعليم التي تنشدها وزارة التربية، هذا الحل مثال لحلول كثيرة تستطيع كل وزارة أن تخلق وتجد فرصة للعاطلين، إننا لا نشكو الفاقة ولكن نشكو غياب التخطيط والارتجال.
إن إلحاق الشباب بقوة العمل له فوائد كثيرة، أولاها أن هذا واجب الدولة وثانيتها درء المفاسد التي قد يرتكبها بعض العاطلين عن العمل وتحقيقا لذواتهم، فقيمة الإنسان فيما يحسنه، لقد آن الأوان لنقضي على هذه المشكلة وأن نعيد صياغة تعليمنا ليتخرج في جامعاتنا ومعاهدنا من يحتاج اليه سوق العمل، وآن الأوان لتكون خيرات الكويت لأبنائنا.
قال الشاعر:
وما لي لا أثني على الشباب وخيرهم
واني على حسن الثناء لقادر
اللهم احفظ بلدي الكويت وأميرها وشعبها والمخلصين لها، ونسأله أن تنقشع هذه الغمة ويزول هذا الوباء من الكويت وجميع دول العالم، اللهم آمين.
[email protected]