أكد الرئيس الأميركي جو بايدن أنه يرفض أن «يصبح العنف السياسي هو القاعدة» في الولايات المتحدة، وذلك في خطابه لمناسبة مرور عام على هجوم أنصار سلفه دونالد ترامب على مبنى الكونغرس الاميركي في «الكابيتول».
وترأست نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأميركي الكونغرس، في يوم إحياء ذكرى الاقتحام المروع للكابيتول حيث تحدث بايدن ونائبته كامالا هاريس، ثم أدلى مؤرخون ومشرعون كلماتهم عن الذكرى على مدار يوم أمس.
واتهم بايدن ترامب بمحاولة منع الانتقال السلمي للسلطة وقال «للمرة الأولى في تاريخنا، لم يخسر رئيس انتخابات فقط، بل حاول منع الانتقال السلمي للسلطة بينما انتهكت عصابة عنيفة حرمة الكابيتول»، وأضاف «لم تكن تلك مجموعة من السياح. كان تمردا مسلحا».
وأضاف: إن «رئيس الولايات المتحدة السابق اختلق ونشر شبكة من الأكاذيب عن انتخابات 2020»، مضيفا «قام بذلك لأنه يثمن السلطة على المبادئ، لأنه يرى أن مصلحته الشخصية أهم من مصلحة بلده».
واعتبر أن ما حدث في السادس من يناير العام الماضي، لم يحدث حتى خلال الحرب الأهلية مؤكدا «لن أتراجع ولن أسمح لأي شخص أن يضع خنجرا في عنق الديموقراطية»، وقال «نحن في معركة من أجل روح أميركا وسننتصر فيها وأعلم مدى صعوبة الديموقراطية».
وتساءل بايدن قائلا «علينا أن نقرر اليوم أي أمة سنكون. هل سنكون أمة تقبل أن يصبح العنف السياسي هو القاعدة؟ هل سنكون امة تسمح لمسؤولين رسميين محازبين أن يطيحوا بالرغبة التي عبر عنها الشعب بشكل قانوني؟ هل سنكون أمة لا تعيش في ضوء الحقيقة إنما في ظل الكذب؟».
وتابع «لا يمكننا تحمل أن نصبح أمة من هذا النوع» وذلك بعد سنة على قيام آلاف من أنصار ترامب باقتحام الكابيتول في محاولة لمنع الكونغرس من المصادقة على انتخاب بايدن.
ولم يتأخر رد ترامب معتبرا ان خطاب بايدن ليس إلا «مسرحية سياسية» لصرف الأنظار عن «فشله». وقال ترامب في بيان إن بايدن «استخدم اسمي اليوم في محاولة لتعميق الانقسام في الولايات المتحدة. هذه المسرحية السياسية ليست إلا محاولة لصرف الأنظار عن حقيقة أن بايدن فشل بشكل تام وكامل».
من جهتها، وجهت بيلوسي رسالة تحمل قولا فصلا للأميركيين والعالم عشية الذكرى الأولى للهجوم المروع على الكابيتول، قائلة إن «الديموقراطية انتصرت».
وقالت بيلوسي في مقابلة مع وكالة «أسوشيتد برس»، نقلها موقع «الحرة» إن الوقت قد حان للبلاد للتوجه إلى «رموزها الأفضل»، والاستفادة من التاريخ وضمان أن يوما مثل 6 يناير الماضي لن يحدث مرة أخرى.
واضافت بيلوسي «لا تقدموا على ارتكاب أخطاء، فديمقراطيتنا كانت على شفا كارثة».
وتابعت «الديموقراطية انتصرت في تلك الليلة.. هؤلاء الناس، بسبب العمل الشجاع لشرطة الكابيتول وشرطة العاصمة وآخرين، تم ردعهم في عملهم لوقف التداول السلمي للسلطة. وقد هزموا».
وخلال المقابلة، قالت بيلوسي أيضا «يجب أن تكون هذه فترة للتذكر والمصالحة»، مستشهدة بالمثال الذي أرساه أبراهام لنكولن. وتابعت أنه مع انتهاء الحرب الأهلية قال لينكولن إنه «دون بغضاء تجاه أحد، وإحسان تجاه الجميع.. علينا أن نمد يد الصداقة».
وتابعت بيلوسي إنه لا يمكن لأحد أن يتخيل رئيسا أميركيا يدعو إلى التمرد، لكن هناك الآن «درسا مدنيا هائلا تم تعلمه فيما يتعلق بما يستطيع الرئيس القيام به»، على حد قولها.
وأثار اتهام بايدن لترامب للمرة الأولى بالوقوف وراء الاقتحام بعد تجنب ذلك لفترة طويلة، تساؤلات حول ما اذا كان يريد أن يضفي طابعا سياسيا وأكثر جدية على ولاية تعطي الانطباع بأنها تسجل تراجعا في رصيدها الشعبي.
فبعد أشهر على التركز على السياسة الاقتصادية والاجتماعية، يرى البيت الأبيض أن الكثير من آماله في الإصلاح تتلاشى بسبب العرقلة في البرلمان.
وذلك لتراكم عدة عوامل منها: سأم كبير في مواجهة موجة جديدة من وباء «كوفيد-19» وارتفاع التضخم وذكرى الانسحاب الفوضوي من أفغانستان.
لكن ما يثير قلقا شديدا هو استطلاع للرأي نشر مؤخرا وأظهر أن 55% فقط من الأميركيين يعتبرون أن جو بايدن هو الفائز الشرعي في الانتخابات الأخيرة.
فقد لاقت نظرية ترامب بأن الانتخابات «سرقت» منه أصداء كما يبدو لدى الأميركيين حيث يواصل الرئيس السابق التأكيد لكن بدون إعطاء أدلة بأنه الفائز الفعلي في الانتخابات.
وقد ألغى دونالد ترامب مؤتمره الصحافي الذي كان مقررا أمس من دارته الفاخرة في منتجع مارالاغو في ولاية فلوريدا.
وأكد مجددا من دون أن يقدم اي دليل، أن الانتخابات الرئاسية شابتها عمليات «تزوير» معتبرا أنها «جريمة القرن» رغم أنه تقدم عليه بأكثر من سبعة ملايين صوت.
من جهته، كتب الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر الذي بات يشكل للكثير من الأميركيين سلطة معنوية، في مقالة نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز»، أن «أمتنا العظيمة باتت تترنح الآن على حافة هاوية تزداد عمقا. بدون تحرك فوري، نواجه خطرا جديا بأن نشهد مواجهة مدنية وأن نخسر ديموقراطيتنا الثمينة».