انضمت الأزمة في كازاخستان إلى عوامل التوتير بين الولايات المتحدة وروسيا عشية المحادثات المقررة غدا بينهما حول أوكرانيا وصلت الى التراشق الإعلامي، حيث اعتبرت موسكو أن تصريحات وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن عن الأزمة «فظة».
ونددت موسكو بتصريحات بلينكن، الذي أكد أن إخراج القوات الروسية من كازاخستان سيكون «بالغ الصعوبة»، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في تدوينة نشرتها عبر حسابها في تطبيق تليغرام، إن بلينكن «مازح بطريقته الفظة المعتادة بشأن الأحداث المأساوية في كازاخستان».
وأشارت زاخاروفا إلى أن بلينكن علق خلال مؤتمر صحافي على «الاستجابة القانونية من قبل منظمة معاهدة الأمن الجماعي لنداء حكومة كازاخستان لمساعدتها في ضمان الأمن» في البلاد، حيث صرح وزير الخارجية الأميركي قائلا «هناك درس من التاريخ: إذا دخل الروس إلى بيتك، سيصعب إجبارهم على المغادرة».
وتابعت زاخاروفا «إذا كان أنتوني بلينكن مغرما جدا بدروس التاريخ، فعليه أن يعرف ما يلي: إذا دخل الأميركيون إلى بيتك فسيصعب عليك البقاء على قيد الحياة وعدم التعرض للسرقة أو الاغتصاب».
وأردفت «لكن هذا الأمر يعلمنا إياه ليس فقط التاريخ الماضي وإنما السنوات الـ 300 الماضية، منذ قيام مؤسسات الدولة الأميركية. ويمكن أن يروي الكثير لنا عن ذلك كل من هنود أميركا الشمالية والكوريون والفيتناميون والعراقيون والبنميون واليوغسلافيون والليبيون والسوريون والعديد من الشعوب البائسة التي لم يحالفها الحظ في رؤية هؤلاء الضيوف غير المدعوين بمنازلهم».
كما أعلن الكرملين امس أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الكازاخستاني أجريا محادثة هاتفية «طويلة» وناقشا الوضع في كازاخستان.
وفي السياق، اعتقلت السلطات الرئيس السابق لجهاز الأمن في كازاخستان كريم ماسيموف بتهمة الخيانة بعد إقالته امس، وقالت «لجنة الأمن الوطنية» (كاي إن بي) إن مديرها السابق (56 عاما) أوقف بعد بدء تحقيق بتهمة «الخيانة العظمى».
وورد في بيان «فتحت لجنة الأمن الوطنية تحقيقا أوليا بتهمة الخيانة العظمى»، وأضاف «أوقف المدير السابق للجنة الأمن الوطنية ك. ك. ماسيموف وأودع مركزا للتوقيف المؤقت مع أشخاص آخرين».
إلى ذلك، دعا الرئيس الكازاخستاني السابق نور سلطان نزارباييف الشعب، إلى دعم الحكومة لمواجهة الأزمة التي تمر بها البلاد، وفق ما أعلن متحدث باسمه أمس.
وكتب المتحدث باسمه أيدوس أوكيباي في تغريدة، أن نزارباييف «يدعو جميع المواطنين إلى الالتفاف حول رئيس كازاخستان للسماح له بتجاوز هذه الأزمة وضمان وحدة البلاد».
ونفى اوكيباي الشائعات حول مغادرة الرئيس السابق البلاد، وقال إن هذا الأخير يدعو الكازاخستانيين إلى دعم الحكومة، وقال أوكيباي امس ان الزعيم السابق موجود في العاصمة الكازاخستانية نور سلطان وعلى «اتصال مباشر» مع توكاييف.
ميدانيا، قالت وكالة «سبوتنيك كازاخستان» إن مدينة ألماتي شهدت امس تبادلا لإطلاق النار بين قوات الأمن ومسلحين، وسط انتشار أمني كثيف واستمرار عملية مكافحة الإرهاب.
وقالت الوكالة «تواصل صباح امس إطلاق النار في مركز ألماتي، وعملية مكافحة الإرهاب في المدينة مستمرة».
من جهة أخرى، أفادت وسائل الإعلام بإغلاق المطار في مدينة ألما آتا حتى 10 الجاري.
وأورد التلفزيون الرسمي أرقاما رسمية امس تفيد باعتقال أكثر من 4400 شخص ووفاة ما يتجاوز 40 آخرين إثر الاضطرابات التي تشهدها البلاد منذ أيام، كما عثرت القوات الأمنية على مخبأ للأسلحة في منطقة زامبيل، من بينها عدة رشاشات ومسدسات.
وواصل الجيش حراسة الساحة القريبة من مكتب رئيس البلدية الذي اقتحمه متظاهرون وأضرموا النار فيه، وأطلقوا طلقات تحذيرية كلما تباطأ المارة في الاستجابة لتحذيرات بالابتعاد.
وقال ليونيد كيسيليف (68 عاما)، إن سيارته تعرضت لإطلاق نار عندما كان يقودها قرب مركز البلدية، مشيرا بإصبعه إلى ثقب قال إن رصاصة أحدثته في صندوق السيارة، وأضاف «كان الجو هادئا لذا قدت السيارة هنا».
جاء ذلك فيما تواصل طائرات الشحن العسكرية الروسية نقل وحدات من قوات حفظ السلام، التابعة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي، من مطارات مقاطعات موسكو وإيفانوفو وأوليانوفسك، إلى كازاخستان.
وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن الطائرات العسكرية تنقل وحدات من المظليين من قوات حفظ السلام إلى مطاري «ألما-آتا» و«جيتيغين» بجمهورية كازاخستان.
في سياق متصل، تبدأ محادثات بين ديبلوماسيين أميركيين وروس في جنيف غدا بعد مواجهة استمرت أسابيع بشأن نشر روسيا قوات قرب حدودها مع أوكرانيا مع محاولة مبعوثين مخضرمين من الجانبين حدوث أزمة.
وقال مدير مركز الشؤون الدولية الروسي أندريه كورتونوف «إن روسيا وحلف شمال الأطلسي (ناتو) قد يتطرقان إلى إنشاء منطقة عازلة على طول خط التماس بين الجانبين، والتي قد تنطوي على قيود على نشر القوات والأسلحة خلال المحادثات في بروكسل».
وأضاف كورتونوف ـ في تصريح نقلته وكالة أنباء «تاس» الروسية امس ـ أن هذه الفكرة تدور في رواق الناتو من بعيد، لكنني أود أن أدرج مناقشة جادة حول إنشاء منطقة عازلة على طول خط التماس بين روسيا والتحالف مع إنشاء نظام نشاط عسكري خاص في هذه المنطقة، وعدم نشر بعض أنواع الأسلحة هناك وقيود على التدريبات العسكرية.
ولفت إلى أن موسكو أعربت عن هذه الفكرة في وقت سابق، لكنها قوبلت برد فعل سلبي من دول البلطيق، على حد تعبيره، موضحا أن روسيا والناتو قد يناقشان أيضا استعادة مجلس روسيا ـ الناتو في سياق الاتصالات متعددة المستويات بين الجيش من كلا الجانبين.