التبس المشهد السياسي تحت قبة عبدالله السالم وخارجها على الكثير من المتابعين، خاصة أولئك الذين لا يؤمنون بعدم وجود المتشابهات، في الألوان، والكلمات، والمواقف، وحتى الأفراد، فيذهب أحدهم مسرعاً إلى «منابر الألفية الثالثة»، حاملاً طاقته السلبية، ومواقف سابقة للبرلماني المراد توبيخه، ومستجمعاً كل ما أوتي من قوة الكلم، ليصب وبال سخطه، وخذلانه، نقداً لاذعاً، أو تهكماً ساخراً على عضو مجلس الأمة الذي انتقاه - لسوء حظه - دون الآخرين.
البرلمان الكويتي، بأحداثه، وتجاذباته، واستجواباته، وسجالاته، ومعارك أعضائه في بعض الأحيان، يعد «ملائكياً» إذا ما قورن بالعوالم «البرلمانية» السياسية المتوحشة في العديد من البلدان الأخرى، والأمثلة على ذلك أكثر من تحصى.
ولعل الألفية الثالثة حملت معها عملاً برلمانياً متفرداً في أسلوبه وطرحه، لم يعتده المتابع البسيط للشؤون السياسية، بغض النظر إن كنت متوائما أو مختلفا مع الطرح السياسي، فذلك شأن آخر، وعليه فإن التقييم السياسي للـ 50 نائبا الحاليين على سبيل المثال، يتطلب أن يكون بمعايير مختلفة عن تلك التي اتبعت في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، برلمانيو هذه الأيام لديهم أدوات وطرق مختلفة عن سابقيهم، ولديهم ناخب ذو آراء متشعبة، وميول متناقضة، يقودها مزاج حاد على الأغلب، وصناديق ساخنة في الانتظار، وتجدهم بين هذا وذاك ينشدون تحقيق أهدافهم كل وفق اجتهاده ومبادئه، سواء ذات الطابع الأعمّ الأشمل، المتعلق بسياسة الدولة الخارجية والداخلية في مختلف المجالات، والتحديات التي تواجهها، أو تلك الأهداف الصغيرة اليومية الضرورية، التي تضمن معها تحصيل الحد الأدنى من رضا «الناخب»، صاحب الصوت الفارق في الانتخابات البرلمانية، باستثناء عسير هنا، و«لا مانع» شائكة ومعلقة عند وزير ما.
وفي المجمل، لم يشهد عمل البرلمان يوماً إجماعاً على الإشادة، أو إقراراً جماعياً بالفشل، وكما يقول أستاذ العلوم الاجتماعية في جامعة كاليفورنيا ديفيد ماير: «الكابيتول مغناطيس للاحتجاج»، وستبقى البرلمانات في كل مكان، ولسنا استثناء محل تجاذب وتنافر دائمين، والغلبة دائما للأكثر دهاءً وحنكة.
[email protected]