قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إنه مع تردد أصداء التوقعات الخاصة بانتعاش الاقتصاد تدريجيا في كافة أنحاء العالم وتراجع مخاطر التدابير الاحترازية، كشف محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي عن موقف أكثر تشددا لمواجهة ارتفاع معدلات التضخم اعتبارا من مارس، ما تسبب بتزايد العمليات البيعية في أسواق الأسهم ودفع عائدات السندات للارتفاع.
ففي الولايات المتحدة، كان إصدار محضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة الأخير في ديسمبر بمنزلة تذكير واضح لتحول موقف مجلس الاحتياطي الفيدرالي نحو تبني سياسات أكثر تشددا مع بداية العام الحالي، حيث ضاعف الاحتياطي الفيدرالي وقتها وتيرة تقليص التيسير الكمي الذي يمضي الآن في مسار انتهاء العمل به بحلول مارس، وأشار إلى عزمه رفع أسعار الفائدة 3 مرات هذا العام، وتشير نبرة محضر الاجتماع إلى أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي يدرس رفع أسعار الفائدة في مارس المقبل.
وكشف المحضر أن المشاركين في اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة قد انتهوا إلى أن اختباري التضخم لرفع أسعار الفائدة قد «تم استيفاؤهما بالكامل» وأن سوق العمل كان يحرز «تقدما مضطردا» نحو وصول معدلات التوظيف إلى أعلى مستوياتها.
ورأى معظم المشاركين أن الاختبار «يمكن تجاوزه في وقت أقرب نسبيا إذا استمر تحسن سوق العمل بنفس الوتيرة التي شهدها مؤخرا».
تقرير الوظائف
عززت بيانات تقرير مؤسسة ADP التي جاءت أقوى بكثير مما كان متوقعا توقعات قيام الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة في وقت مبكر حيث قدر التقرير نمو وظائف القطاع الخاص في ديسمبر بنحو 807 آلاف وظيفة.
وفي المقابل، اتخذت الوظائف غير الزراعية منحى مختلفا، حيث كشفت البيانات الصادرة يوم الجمعة الماضي أن الوظائف غير الزراعية جاءت أقل من التوقعات بأكثر من 250 ألف وظيفة. وكان السوق يتوقع إضافة 450 ألف وظيفة بينما لم تتعد أكثر من 199 ألفا فقط.
إلا ان معدل البطالة تراجع إلى ما دون 4% ليصل إلى 3.9% متجاوزا توقعات السوق وعزز آراء الإجماع التي تؤكد مرونة سوق العمل.
ومن المقرر أن يؤدي الارتفاع الحاد الأخير في حالات الإصابة بفيروس كورونا بالولايات المتحدة إلى إضعاف زخم سوق العمل الأميركية بشكل كبير في الأشهر القليلة المقبلة ما قد يؤخر خطط الاحتياطي الفيدرالي وهو الأمر الذي يبدو أقل احتمالا في المرحلة الحالية.
وفي الوقت الحالي، يسعر السوق رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة 3 مرات خلال العام الحالي، والتي قد يكون أقربها في اجتماع مارس المقبل مع إمكانية رفعها بالفعل بنسبة 82%، حيث إن ارتفاع معدلات التضخم إلى أعلى مستوياتها التاريخية إلى جانب تحسن بيانات سوق العمل يمهد الطريق لدورة تشديد مبررة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.
حركة السوق
وعلى صعيد العملات الأجنبية، سجل الدولار مكاسب مقابل معظم العملات الرئيسية المنافسة خلال أسبوع التداول الأول من العام الحالي. كما ساهمت التوجهات المتشددة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي ورفع أسعار الفائدة المتوقعة في جعل الدولار مربحا للمستثمرين.
إذ افتتح مؤشر الدولار تداولات الأسبوع عند مستوى 95.648 وسجل أعلى مستوياته عند 96.462 قبل أن ينهي تداولات الأسبوع عند مستوى 95.719.
وبالانتقال إلى وول ستريت، تراجعت الأسهم بصفة عامة مع توقعات الإسراع بالجدول الزمني لتشديد سياسات الاحتياطي الفيدرالي ما دفع الأسهم للانخفاض.
وقد تحملت أسهم التكنولوجيا العبء الأكبر من العمليات البيعية، حيث تراجع مؤشر بورصة ناسداك بأكثر من 4% في الأسبوع الأول من عام 2022.
وبالنظر إلى سوق الدين، واصلت عائدات سندات الخزانة الأميركية اكتساب الزخم مع وصول عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 1.76% يوم الجمعة.
التضخم بـ«اليورو»
أنهت معدلات التضخم في منطقة اليورو عام 2021 بفارق كبير آخر مقارنة بتوقعات السوق.
إذ ارتفع معدل التضخم من 4.9% على أساس سنوي في نوفمبر إلى 5.0%، فيما يعد أعلى مستوياته المسجلة على الإطلاق، بينما كان السوق يتوقع انخفاضه إلى 4.7%.
واستقر معدل التضخم الأساسي عند مستوى 2.6% على أساس سنوي، في حين كان السوق يتوقع انخفاضه بنسبة 0.1%.
وتراجع معدل تضخم أسعار الطاقة ليتوافق مع التوقعات (من 27.5% على أساس سنوي إلى 26.0%) وهو ما يرجع إلى حد كبير نتيجة انخفاض أسعار محطات تعبئة الوقود، في حين تراجع معدل تضخم قطاع الخدمات بنسبة 0.3% ليصل إلى 2.4% على أساس سنوي.
إلا انه تم تعويض ذلك من خلال ارتفاع أسعار المواد الغذائية غير المصنعة، والتي ارتفعت من 1.9% على أساس سنوي في نوفمبر إلى 4.6%. كما ارتفع تضخم السلع الصناعية غير المرتبطة بالطاقة بنسبة 0.5% ليصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند مستوى 2.9% على أساس سنوي.
وتبقى الآثار المترتبة على ارتفاع معدلات التضخم فيما سيقرر البنك المركزي الأوروبي القيام به والمدة الزمنية للحد من الضغوط التضخمية على الاقتصاد.
وفي الوقت الحالي، يسعر السوق رفع أسعار الفائدة بمقدار 10 نقاط أساس إلى -0.50%، أي بالقرب من معدلات أكتوبر. إلا انه على الرغم من ذلك، تم تداول العملة الموحدة ضمن نطاق محدود الأسبوع الماضي، حيث تراوحت ما بين 1.1380 و1.1290.