الصداقة تحمل الكثير من المعاني النبيلة، وهي كالمظلة كلما اشتد المطر ازدادت الحاجة إليها، ويقول الروائي والأديب العربي نجيب محفوظ «الأصدقاء وطن، إن غابوا عنا شعرنا بالغربة»، ولكن صداقة العمل تظهر المعدن الحقيقي للرجال.
بالأمس كان أشد الأخبار تكديرا، وأعظمها إيلاما وتأثيرا، بفقد زميل لنا العميد خليفة محمد بودي، صاحب الاسم العفيف والصيت الشريف، الذي اجتمعت فيه الخصال الحميدة والصفات الفريدة، فكان أجزل عطاء وأرق قلبا وأندى كفا ومستحكم الأدب، من أي الأقطار أتيته قابلك بكرم فعال.
عملنا معا في سفارة الكويت في بيروت، فجمع الحذاقة الديبلوماسية الفائقة مع العبقرية العسكرية السامية والمهارة العربية الرائعة، فكانت تسند إليه الوظائف الحساسة والهامة، فكان خير منفذ لها بفكر ديبلوماسي حكيم.
قال عنه معلمه «الأول» اللواء الركن عزيز سويلم الرشيدي: الزميل خليفة بودي «رحمه الله» عندما كان طالبا ضابطا بكلية علي الصباح ضمن «الدفعة 21» كان يضفي روح المرح مما يؤدي إلى رفع الروح المعنوية لزملائه خلال التدريبات العسكرية، وكان شديد الإدراك في تحقيق الإنجازات.
وقال رفيق دربه اللواء الركن م. عزيز سالم الذايدي: كان «رحمه الله» مشهودا له بالخلق الرفيع والأدب الجم، وفيه ينطبق عليه المثل «إذا حضر معدود وإذا غاب مفقود»، وقد تقلد، رحمه الله، مهام نتشرف ويتشرف بتنفيذها لما لها من دلائل الولاء والانتماء للوطن والقيادة، وكان شخصية رائعة مثابرة، والآن نفتقد صديقا كريما شهما من أعز الرجال.
وذكر مدير المكتب الأمني العميد فهد سلطان السالم، عملنا معا ما يقارب 10 سنوات في مكتب بيروت، كانت شخصيته قوية لا تنكسر في ظل الأوضاع غير المستقرة في هذا البلد، وكان «رحمه الله» متصفا بأحسن الصفات وأجملها، فهو خير معين وخير صاحب، فبصماته ملموسة وواضحة في كافة الأحداث المتغيرة، وخاصة مشاركته في عمليات الإجلاء للمواطنين الكويتيين.
وقال المسؤول الإداري والمالي السابق في سفارة الكويت في بيروت أيمن أحمد الفيلكاوي: كان «رحمه الله» جميل الخصال ومحاسن الفعال، ألوفا مألوفا منظما الكل يقترب منه، وصاحب نظرة حكيمة للوصول إلى الكمال المنشود، فلم أرى منه غير الإخلاص والجد والمثابرة، ومحل إعجاب وتقدير من الجميع.
إن الأقلام ليجف حبرها في الحديث عن رجل اتفقت القلوب على محبته والنفوس على تقديره، فترك لنا بصمة كبيرة وأثر لا ينسى.
فرحمك الله يا أبا محمد رحمة واسعة، وأسكنك الفردوس الأعلى من الجنة.
ونختم «زاويتنا» بالحكمة القائلة: «الصداقة الحقيقية كالعلاقة بين العين واليد، إذا تألمت اليد دمعت العين، وإذا دمعت العين مسحتها اليد».. ودمتم ودام الوطن.
٭ شكر وتقدير: الموظفون هم البنية الراسخة في المجتمعات، وإذا تم التعامل معهم بالطريقة التي تناسبهم بكل تأكيد سوف ينهض المجتمع بأكمله، ولهذا أتقدم بالشكر والتقدير إلى «شاكر مبارك سعيد» من قسم المركبات في مرور العاصمة، على جهده المميز في تكريس جودة العمل وحسن الإدارة لخدمة المواطنين، ودعاء إلى الله عز وجل أن يبارك لكم في جهودكم ودمتم ذخرا للوطن.
[email protected]