بقلم الناقدة التشكيلية: د.ريهام الرغيب
شكل (1): آه ياليل.. آه ياعين.. صوت وصورة، قرص دائري نقش بكلمة (لا)، بمقاسات وأحجام مختلفة صغيرة، وأخرى كبيرة، وفي المنتصف باللون الأصفر إلى أن نصل إلى نقطة محور الدائرة ذات اللون الرمادي.
ويحمل العمل في طياته معنى رمزيا يدور حول رفض شيء ما، ويعكس قيمة جمالية نابعة من التكرار غير الممل لكلمة (لا)، فقد صاغ الفنان العمل بصورة تشكيلية بالغة الجمال.
وقرب الدائرة سماعات كهربائية، صوت متكرر آه يا ليل.. آه يا عين التي تستخدم إلى يومنا هذا في الأغاني والمواويل العربية، لترسم على شفتينا البسمة وتملأ أجواءنا بالفرح والحيوية على عكس ما تحمله من معان في قاموس التراث الغنائي العربي، فهما مرتبطان بمعاني الأحزان والمعاناة والأشجان. وعند تحليلها بصورة تفصيلية نبدأ بكلمة (آه) وهي عنوان الألم، فمن منا لا يستخدم هذه الكلمة عند الشعور بالمعاناة.
أما عن كلمة ياليل، فالليل هو ملجأ العشاق السهارى بعيدا عن الناس يتذكرون الأوجاع، والصدمات التي مروا بها، ويسترجعون مواقف مؤلمة كالخيانة والمعاناة. يليها كلمة ياعين، فالعين تبقى ساهرة لا تستطيع النوم من شدة الأسى، من هنا نكتشف مدى التناقض بين الماضي والحاضر في استخدام هذه العبارة، وضعف الارتباط بين الدال والمدلول.
شكل (2): عديم الفائدة.. العمل عبارة عن أحرف عربية منثورة، متنوعة الأحجام صنعت بمادة الفلين المضغوط اللامع بعض الشيء، تمثل عبارة (useless) التي تعني (عديم الفائدة)، ونرى المكنسة الكهربائية، تقوم بشفط وإزالة تلك الأحرف العربية التي أصبحت عديمة الفائدة.
أراد الفنان إيصال فكرة تهميش استخدام اللغة العربية في الوطن العربي، خصوصا لدى المجتمع الخليجي، فاليوم تستخدم اللغة الانجليزية في معظم المجالات نذكر منها العلمية، والتربوية، والمعرفية، وحتى الثقافية، حتى في المحادثات النصية بات معظم مواطني دول الخليج العربي يستخدمون ما يطلق عليه (اللغة الانجليزية المعربة)، وهي لغة منتشرة لدى معظم الفئات العمرية، وبشكل خاص الشباب.
من جانب آخر هناك صعوبة في ترجمة بعض المصطلحات الانجليزية إلى العربية في مجال الطب والاقتصاد والمعرفة، وبالتالي ترجمتها ستعيق مجتمعاتنا عن التواصل، والتفاعل، والتقارب مع شعوب العالم المتقدم المنتج للعلم والمعرفة في ضوء هيمنة العولمة الاقتصادية، والثقافية الغربية. ومن ناحية أخرى من الصعب ترجمة بعض المصطلحات إلى العربية لعدم وجود بديل لها في لغتنا.
أراد الفنان أن يشد انتباهنا إلى مجموعة من المعايير والنظم المدروسة التي اتبعها في إنتاج عمله أهمها استخدامه للمكنسة الكهربائية بصورتها الطبيعية، وهذا أنتج نوعا من التساؤل لدى المتلقي عن مدى إهمال اللغة العربية في المجتمع، ومن ثم يجعلنا نحس بتأنيب الضمير لإهمالنا للغتنا الأم.
شكل رقم (1)
٭ اسم الفنان: أنس الشيخ
٭ اسم العمل: آه ياليل.. آه ياعين
٭ المواد المستخدمة: مواد مختلفة
٭ سنة الإبداع: 2010
شكل رقم (2)
٭ اسم الفنان: أنس الشيخ
٭ اسم العمل: عديم الفائدة
٭ المواد المستخدمة: فلين مضغوط ومكنسة كهربائية
٭ سنة الإبداع: 2010
أنس الشيخ في سطور
ولد الفنان أنس الشيخ في مملكة البحرين عام ١٩٦٨، ويعد من الفنانين المهتمين بقضايا الاستعمار الغربي، وما خلفته من آثار لحركة ما بعد الحداثة الغربية. للفنان عدد من المقالات واللقاءات الصحافية والتلفزيونية التي عبر من خلالها عن استيائه من الشعوب العربية، الذين باتوا عاجزين عن إنتاج ثقافات وفنون جديدة.
قدم سلسلة متنوعة من الأعمال التي تعبر عن معاناته كمواطن عربي مسلم ضد الاحتلال الغربي، مثل تقديمه لمعرض (السجنجل)، وتعني «المرآة»، الذي جمع عددا من المواهب لجيل الشباب البحريني، وقدم أيضا عدة معارض متميزة، بل وتكفل بإعدادها، وترتيبها وافتتاحها، ودعم عددا من الفنانين الشباب، وشجعهم على تقديم الفنون الحديثة كفن الفيديو، وفن الكمبيوتر، وفن الكولاج.