- بورسلي: على الحكومة تبنّي حلول إبداعية للإصلاح المالي بدلاً من تركيزها على المصروفات فقط
- السلمي: التصنيف لا يعكس ضعفاً مالياً لدى البلاد.. بل ضعفاً في السياسات المالية والاقتصادية
- الجوعان: سياسة «النفس الطويل» لا تصلح مع الاقتصاد.. كل تأخير في الإصلاح له ثمن
علي إبراهيم
حذّر اقتصاديون من أن مخاطر تخفيض التصنيف الائتماني للكويت قائمة وقد تتحقق، ما لم تتغير منهجية وآلية التعامل الحكومي مع ملفي الإصلاح المالي والاقتصادي، وذلك بعدما نظرت «ستاندرد آند بورز» إلى الكويت بنظرة مستقبلية سلبية بسبب مخاطر قدرة الحكومة على التغلب على العوائق المؤسسية التي تمنعها من تنفيذ استراتيجية تمويل عجز الموازنة في المستقبل.
وأكد اقتصاديون في تصريحات متفرقة لـ «الأنباء» أن التصنيف الائتماني الأخير لا يعكس ضعفا ماليا لدى الكويت، فاحتياطياتنا مليارية وأرقامها مطمئنة، إلا أنه يعكس بصورة واضحة ضعفا في السياسات المالية والاقتصادية بالبلاد، وهو ما يدق ناقوس الخطر مجددا بضرورة الإسراع في إصلاحات اقتصادية وهيكلية في المالية العامة.
ودعوا الحكومة ومجلس الأمة إلى التعاون بوضع خطة إنقاذ مالي واقتصادي عاجلة تضمن سلامة واستدامة المالية العامة، مع تحفيز الاقتصاد المحلي، إذ يجب على الحكومة التوقف عن اتخاذ الحلول من جانب المصروفات بالموازنة العامة فقط إذ لا يمكن أن تأمل في ارتفاع أسعار النفط وكبح جماح الإنفاق المفرط لتوفير السيولة وتقليل العجز بل يجب ان تفكر بشكل جدي في الجانب الآخر من الموازنة بهدف خلق مصادر جديدة للإيرادات، وجاءت تصريحات الاقتصاديين كالتالي:
بداية، حذرت وزيرة التجارة والصناعة السابقة، د.أماني بورسلي، من أن مخاطر تخفيض التصنيف الائتماني للكويت قائمة بالفعل وقد تتحقق، إذا استمرت الحكومة على نفس المنهجية التي تتبعها في إدارة الملف الاقتصادي وآليات الإصلاح على المستويين المالي والاقتصادي.
وأشارت بورسلي إلى أن وكالات التصنيف أصدرت وحذرت في تقاريرها مرارا وتكرارا، ولفتت فيها إلى عدم قدرة الحكومة على تقديم برامج فعالة للإصلاح ناهيك عن عدم قدرتها على التغلب على العوائق المؤسسية التي تمنعها من تنفيذ استراتيجية تمويل عجز الموازنة وتوفير السيولة بسبب اصطدامها بردود أفعال على مستوى الجهاز التشريعي او على مستوى الأفراد أو جهات مؤسسية أخرى.
ولفتت بورسلي إلى أن صمام أمان الكويت في مواجهة التصنيف الأخير ارتكز على استقرار أسعار النفط خلال الأشهر الأخيرة إلا أنه أمر غير مضمون ولا يمكن التحكم فيه ما يعني أن مخاطر تخفيض التصنيف مازالت قائمة مع أي هزة في أسعار النفط ومعدلات نمو الاقتصاد العالمي ما يؤثر بصورة طبيعية على معدلات السيولة المالية لدى الدولة وهو ما رأيناه خلال السنوات الماضية في ظل انخفاض أسعار النفط وصولا إلى نضوب سيولة الاحتياطي العام، وهو ما يؤثر بالتأكيد على تصنيف الكويت بالتبعية.
وقالت: «يجب على الحكومة التوقف عن التفكير واتخاذ الحلول من جانب واحد في الميزانية (المصروفات) إذ لا يمكن أن تأمل في ارتفاع أسعار النفط وكبح جماح الإنفاق المفرط لتوفير السيولة وتقليل العجز او فقط التفكير في كيفية خفض الرواتب أو الدعومات بل يجب أن تفكر بشكل جدي في الجانب الآخر من الموازنة (الإيرادات) بهدف خلق مصادر جديدة للإيرادات».
وأضافت: «يجب ان تخلق توازنا بين رغبات المواطنين ومصالح الجهات الأخرى عند وضع برامج الإصلاح الاقتصادي، والأمر يتضمن النظر في تعظيم عوائد الدولة من خدماتها وأصولها وأراضيها عبر النظر في سياسات إدارة الأصول وأملاك الدولة وأسعار الاستفادة منها مما سينعكس على توفير إيرادات ضخمة للدولة وللموازنة العامة، وكذلك المضي في برامج خصخصة تتماشى مع بيئة الكويت وطبيعة تركيبتها السكانية».
من جهته، قال رئيس مجلس الإدارة في اتحاد شركات الاستثمار، صالح صالح السلمي، إن التصنيف الائتماني الأخير لا يعكس ضعفا ماليا لدى الكويت، فاحتياطياتنا مليارية وأرقامها مطمئنة، إلا أن التصنيف يعكس بصورة واضحة ضعفا في السياسات المالية والاقتصادية بالبلاد وعدم القدرة على اتخاذ القرار المناسب في التوقيت الصحيح.
وأكد السلمي أن تثبيت التصنيف مع وجود النظرة المستقبلية يعني أن إجراءات الإصلاح المالي والاقتصادي مازالت «محلك راوح» وهو ما يطرح تساؤلات مشروعة حول الجهود التي تبذلها الحكومة ومجلس الأمة وعلاقاتهما الثنائية، إلى أين ستقود في نهاية المطاف؟
وشدد السلمي على ضرورة أن يكون هناك برنامج مالي واقتصادي مشترك بين السلطة التنفيذية والتشريعية يرتكز على أهم الأولويات في مواجهة الأزمة المالية الناتجة عن العجوزات المالية المتكررة في الموازنة وصولا إلى نضوب سيولة الاحتياطي العام.
وأكد السلمي أن وصول مجلس الأمة والحكومة إلى التوافق على إقرار الدين العام كآلية مبدئية في تمويل عجز الموازنة، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات موازية تعنى بضبط الإنفاق في الموازنة العامة والبحث عن مصادر إيراد رديفة للنفط سيكون له أثر إيجابي مباشر على التصنيف الائتماني.
وحذر السلمي من التهاون في أمر التصنيف إذ إن وقوع المخاطر يرتبط بصورة مباشرة بحجم العجز وآليات تمويله بالإضافة إلى وضع الاحتياطي العام، مبينا أن مجرد التخاذل في معالجة الأوضاع سينعكس مباشرة على التصنيف الائتماني للدولة وبصورة تلقائية على جميع مؤسساتها مهما كانت قوية، ما يعني أن هناك خطرا بتحمل كيانات اقتصادية ناجحة وليس عليها غبار تبعات التغير في التصنيف الائتماني للدولة في شكل تكاليف إضافية حال إصدارها سندات أو صكوكا نتيجة لعدم التعامل بحرفية مع آليات تمويل لعجز الموازنة العامة.
ودعا السلمي الحكومة إلى التعامل بشفافية تامة في هذا الأمر والدفع بحقيقة الأوضاع المالية أمام مجلس الأمة والمواطنين بالصورة التي تضع الجميع أمام مسؤولياتهم واتخاذ القرار السليم بما يحفظ استدامة المالية العامة للدولة.
بدوره، قال عضو مجلس الإدارة، رئيس لجنة السياسات في الجمعية الاقتصادية، محمد الجوعان، إن تصنيف «ستاندرد آند بورز» الأخير للكويت دق ناقوس الخطر مجددا بضرورة الإسراع في إصلاحات اقتصادية وهيكلية في المالية العامة للكويت.
وأكد الجوعان أن الحديث عن الإصلاح الاقتصادي بات كـ«أسطوانة مشروخة»، هو ما يستوجب من الحكومة المسارعة في اتخاذ إجراءات حقيقية غير تقليدية في مواجهة المتغيرات الاقتصادية التي تكمن خلفها مخاطر على الكويت واستدامة المالية العامة.
وأضاف أن ما أعلنته «ستاندرد آند بورز» نعلمه جميعا، فالنفاد المحتمل للخزينة العامة أصبح حتميا في حين أن ترتيبات التمويل البديلة لم يتم وضعها بعد، وذلك على الرغم من ارتباط النظرة السلبية بقدرة الحكومة على التغلب على العوائق المؤسسية التي تمنعها من تنفيذ استراتيجية تمويل العجز، وهو الأمر الذي يستوجب من الحكومة نظرة واقعية على ذلك الملف والدفاع عنه بآليات اقتصادية داخل أطر واضحة تضمن سلامة عمليات التمويل ماليا واقتصاديا.
وأكد الجوعان أن سياسة «النفس الطويل» التي تتبعها الحكومة في الملفات السياسية لا تصلح في التعاطي مع الأزمة الاقتصادية إذ إن كل تأخير في عمليات الإصلاح المالي والاقتصادي له ثمن تدفعه الكويت وأهلها يوميا والشكل المبسط له هو التصنيفات الائتمانية التي تدق ناقوس الخطر بين الفينة والأخرى، وسط احتمالات لتخفيض التصنيف الائتماني وهو ما سيرفع الكثير من التكاليف على الكويت مستقبلا إذا حدث.
ودعا الجوعان الحكومة ومجلس الأمة إلى التعاون بوضع خطة إنقاذ مالي واقتصادي عاجلة تضمن سلامة واستدامة المالية العامة، مع تحفيز الاقتصاد المحلي.