الحمدلله أنني من آخر أجيال العالم الحقيقي الذي تتعامل فيه البشر بالمشاعر وليس «الإيموج»، والمكالمات وليس «اللايكات» والتواصل «الإنساني»، لا برامج التواصل الاجتماعي.
الحمدلله.. لم أمسك يوماً بـ «جوي ستيك»، ولم أضع لعبة إلكترونية في هاتفي، ولم أتعامل مع بلاي ستيشن أو إكس بوكس أو نينتيندو أو جيم بوي.. ولا حتى سيجا أو آتاري!!
تطور الأمر الآن وخرج عن السيطرة وأصبحت الألعاب والتطبيقات والأدوات تتحكم في «رجال» العالم الذين كانوا مراهقين قبل 20 عاماً، فأصبحنا نجد رجالاً بين الـ 30 و43 مدمنين على ألعاب الإنترنت التي أصبحت أكثر تفاعلاً بما يسمح للأصدقاء بالالتقاء أمام شاشات منفصلة ليلعبوا لعبة واحدة مشتركة مهما بعدت المسافات، فيما أطفالهم يمارسون ألعاباً تؤدي إلى الإدمان، والاكتئاب، بل والانتحار الذي طال المراهقين والأطفال.
يبدو التحذير من خطورة وأضرار الألعاب الإلكترونية وكأنما قُتل بحثاً، لكن زمن كورونا الذي نعيشه، وتعطل تواجد الأطفال في المدارس والشباب في المعاهد والجامعات، والبقاء الاضطراري في المنزل لفترات طويلة أعاد القضية إلى سطح المناقشات، فالإجراءات الاحترازية والإغلاق الجزئي المتكرر أديا إلى زيادة أوقات الفراغ مما نتج عنه زيادة ملحوظة في «الالتصاق» بأجهزة الهواتف الذكية، وألعاب الإنترنت.
وتؤكد الدراسات الأخيرة أن زيادة التعرض لهذه الألعاب أثر بشكل سلبي كبير على الصحة النفسية للأطفال والمراهقين، بل وخلَّف نمطاً سلوكياً زاد من معدلات المشكلات بين المتزوجين حديثاً من الشباب، ورفع نسب الإصابة بأمراض مثل القلق والتوتر والاكتئاب والانعزالية وقلة الثقة بالنفس وعدم القدرة على التعامل السوي مع الآخرين، وفقدان الكثير من مهارات التواصل الاجتماعي الحقيقي والمباشر وليس من خلال التعبير عن الذات باستخدام «لغة» إنترنتية خاصة، إضافة إلى ظهور علامات واضحة على ضعف التركيز وتشتت الانتباه وتراجع التحصيل العلمي والدراسي.
الأمر تحول مع ظروف كورونا إلى كارثة، وللأسف تتحمل الأسرة الدور الأكبر في مواجهة المشكلات المصاحبة للأمر، فليس من «المريح للأعصاب» أن ينشغل الصغير مع الآيباد، وتغلق الفتاة المراهقة غرفتها مع الأصدقاء الافتراضيين بالساعات، بينما الزوج غارق في اللعب الجماعي مع «الشلة»!
انتبهوا لأبنائكم فربما كان ثمن «إسكاتهم» أفدح كثيراً من إزعاجهم!.. وللحديث بقية إن كان في العمر بقية..
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
www.hossamfathy.net
Twitter: @hossamfathy66
Facebook: hossamfathy66
Alanba email ID
[email protected]