تشهد الجهود الديبلوماسية سباقا محموما مع التطورات الميدانية المرتبطة بالتوتر المتصاعد بين روسيا والغرب على عدة ساحات أبرزها أوكرانيا.
فقد أعلنت مينسك أمس وصول عدد غير محدد من القوات الروسية للقيام بمناورات في فبراير المقبل «تحضيرا لقتال»، في ظل توتر متصاعد بينها وبين الدول الغربية وأوكرانيا.
وذكرت وزارة الدفاع البيلاروسية في بيان «أن المناورات المقبلة للتحضير العملياتي والقتالي تجري بسبب تدهور الوضع السياسي العسكري في العالم واستمرار تصاعد التوتر في أوروبا، لاسيما على الحدود الغربية والجنوبية لبيلاروس».
وأضافت أنها مناورات روسية - بيلاروسية «مرتجلة»، وأن نطاقها غير المحدد، لا يستلزم إبلاغ الدول المجاورة، وبشكل خاص پولندا وليتوانيا ولاتفيا وأوكرانيا، بتفاصيلها.
وستجري المناورات على مرحلتين وتتعلق بنشر القوات الروسية والبيلاروسية باتجاه «المناطق المهددة» وتأمين البنى التحتية الحكومية والعسكرية وحماية المجال الجوي.
وسيطلق عليها اسم «تصميم الاتحاد 2022»، في إشارة إلى التحالف الروسي - البيلاروسي.
بدوره، قال نائب وزير الدفاع الروسي الكسندر فومين، إن العسكريين في روسيا وبيلاروسيا، يدرسون الوضع عندما سيتطلب ضمان أمن دول الاتحاد، الاستخدام الكامل لإمكانات المؤسسات العسكرية في الدولتين.
وأضاف فومين: «قد ينشأ وضع لا تكفي فيه القوى والوسائل المتوافرة لدى مجموعة القوات الإقليمية، لضمان أمن دولة الاتحاد، ويجب أن نكون مستعدين لتقويتها. لقد توصلنا مع الجانب البيلاروسي إلى تفاهم حول أنه من أجل الدفاع المشترك سيكون من الضروري استخدام كامل لإمكانات المؤسسات العسكرية في الدولتين».
تأتي هذه المناورات في بيلاروسيا، حليفة موسكو الواقعة في شمال أوكرانيا، فيما حشدت روسيا بالفعل قواتها على الحدود الأوكرانية، مما أثار مخاوف في الغرب من حدوث غزو.
وفي هذا السياق، أكدت موسكو أمس أن سفارتها في كييف تعمل كالمعتاد عقب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز بأن موسكو بدأت في إجلاء أسر الموظفين في بعثاتها الديبلوماسية في أوكرانيا وذلك حسبما ذكرت وكالة أنباء إنترفاكس.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول أوكراني قوله إن 18 شخصا، معظمهم أفراد عائلات ديبلوماسيين روس، غادروا أوكرانيا في 5 الجاري. وقالت إن نحو 30 آخرين سيغادرون السفارة في كييف والقنصلية في لفيف في غرب أوكرانيا خلال الأيام القليلة المقبلة.
وذكرت الصحيفة الأميركية أيضا أنه تم إبلاغ ديبلوماسيين في قنصليتين روسيتين أخريين أن يستعدوا لمغادرة أوكرانيا.
وقالت وزارة الخارجية الأوكرانية إنها لم تتلق أي معلومات من موسكو بشأن إجلاء الموظفين من مواقعها الديبلوماسية في أوكرانيا. وأضافت أن كييف ليس لديها خطط لإجلاء الديبلوماسيين الأوكرانيين من روسيا.
في هذه الأثناء، يستعد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للقيام بجولة أوروبية تشمل كييف وبرلين. ووفقا لبيان للخارجية الأميركية فإن الجولة تأتي في إطار «الديبلوماسية المكثفة مع حلفائنا وشركائنا الأوروبيين لوضع نهج موحد لمواجهة التهديد الذي تشكله روسيا على أوكرانيا، وجهودنا المشتركة لتشجيعها على اختيار الديبلوماسية وخفض التصعيد، بما يخدم الأمن والاستقرار».
من جهته، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موسكو تنتظر أجوبة من الولايات المتحدة بشأن مطالبها الأمنية الواسعة التي قدمتها للغرب قبل أن تواصل المحادثات المتعلقة بأوكرانيا.
وقال لافروف في مؤتمر صحافي في موسكو مع نظيرته الألمانية انالينا بيربوك إن روسيا «تنتظر الآن أجوبة على هذه المقترحات، كما وعدنا، من أجل مواصلة المفاوضات».
لكنه رفض مرة جديدة طلب الغربيين بدء سحب عشرات آلاف الجنود المنتشرين على حدود أوكرانيا. وقال: «لا يمكننا قبول مطالب تتعلق بقواتنا على أراضينا»، مؤكدا ان هذه القوات «لا تهدد» أحدا.
من جهتها، قالت الوزيرة الألمانية إنها ترغب بأن يتواصل الحوار مع روسيا مع التشكيك في تطمينات لافروف.
وقالت: «في الأسابيع الماضية نشر أكثر من 100 ألف جندي روسي مع تجهيزات ودبابات قرب أوكرانيا بدون سبب. من الصعب عدم رؤية ذلك بمنزلة تهديد».
أما بخصوص المطالب الروسية في مجال الأمن، فقالت إنها تؤيد الحوار لكنها طالبت: «بإجراءات تحمل المزيد من الأمن إلى كل أوروبا».
ودخل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس، على خط التوتر بين روسيا وأوكرانيا، داعيا موسكو إلى عدم اجتياح أوكرانيا، معتبرا أن الجمهورية السوفييتية السابقة دولة «قوية» لديها أصدقاء دوليون. ونقلت وسائل إعلام تركية عن أردوغان قوله حول التحذيرات الغربية لروسيا من غزو أوكرانيا: «لا يمكنك التعاطي مع هذه المسائل بالقول: «سوف أغزو شيئا، سآخذه»»، مضيفا: «لا أعتبر غزوا روسيا لأوكرانيا مقاربة واقعية لأنها ليست دولة عادية. أوكرانيا دولة قوية».
وأضاف في تصريحات صحافية عند عودته من زيارته لألبانيا: «لكي تتخذ موسكو هذه الخطوة، عليها أن تعيد النظر في وضعها ووضع العالم بأسره».