- د.عجيل النشمي: الأولى بالمسلمين أن يتمسكوا بيوم الجمعة يوم عيد المسلمين
- د.بسام الشطي:جعل الله تعالى لكل أمة يوماً في الأسبوع يتفرغون فيه للعبادة
- د.سعد العنزي: الاستراحة في يوم الجمعة من السنّة لكن لا يحبذ تعطيل الأعمال فيها
- محمد النجدي: الناس مأمورون في يوم الجمعة بالتبكير للمسجد والاجتهاد في الدعاء
- جلوي الجميعة: الجمعة يوم عبادة لا نقول إن العمل فيه محرَّم لكن التفرغ للعبادة من السنن
- د. عمر الشايجي: لو انشغل المسلمون في يوم الجمعة لتكاسلوا عن أداء العبادات
ليلى الشافعي
أكد علماء الشرع أن تغيير عطلة نهاية الأسبوع من الجمعة والسبت الى السبت والأحد غير مناسب لأن يوم الجمعة هو يوم العبادة، فقال ژ: «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم گ وفيه قبض، وفيه النفخة وفيه الصعقة، فأكثروا عليّ من الصلاة فإن صلاتكم معروضة عليّ... الحديث».
وقد خص الله تعالى أمة محمد بهذا اليوم المبارك ليكون هديته سبحانه لنا بما فيه من ميزات وفضائل كثيرة، فقال ژ: «أضل الله عن الجمعة من كان قبلا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الاحد، فجاء الله بنا فهدانا الله ليوم الجمعة، فجعل الجمعة والسبت والأحد وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة نحن الآخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم القيامة، المقضي لهم قبل الخلائق» رواه مسلم. فماذا قال علماء الشرع وما رأيهم لو طبق ذلك بالكويت؟
في البداية، يؤكد العميد السابق لكلية الشريعة والدراسات الاسلامية د.عجيل النشمي أن يوم الجمعة عيد بالنسبة للمسلمين، ويوم يفرح فيه المؤمنون ويرجون فيه الأجر والنبي ژ رغب فيه ترغيبا عظيما، مبينا أنه اذا كانت العطلة يوم السبت أو الأحد تفوت فوائد يوم الجمعة على المؤمنين، مشيرا الى أن يوم السبت هو يوم عيد لليهود ويوم الأحد يوم عيد للنصارى، ليس عيدا كبيرا ولكنه يوم له تقدير عندهم ولا يعملون فيه، والأولى لنا أن نتمسك بيوم الجمعة.
الجمعة عيد للمسلمين
وأدلى د.بسام الشطي برأيه قائلا: اليهود لم يجعلوا يوم السبت مجرد عطلة وإنما هو شعيرة دينية عندهم، والقاعدة العامة في شرعنا منع التشبه بأهل الكتاب في عباداتهم وعاداتهم الخاصة بهم لقول النبي ژ: «من تشبه بقوم فهو منهم»، قال شيخ الاسلام ابن تيمية: هذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم، وهذا عام في منع التشبه بهم فيما هو من خصائصهم في العبادات والعادات، ومن ذلك التشبه بهم في أعيادهم ومناسباتهم الخاصة بهم، وقد جعل الله لكل أمة يوما من الاسبوع يتفرغون فيه للعبادة، فاختارت اليهود يوم السبت لزعمهم أن الله استراح فيه بعد خلق السموات والأرض، وقد رد الله عليهم بقوله سبحانه: (ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب)، أي من تعب، وفي الآية الأخرى: (ولم يعي بخلقهن)، واختارت النصارى يوم الاحد لأنه أول الايام الستة التي خلق الله فيها السموات والأرض، واختار الله للمسلمين يوم الجمعة الذي فيه اكتمل الخلق وفيه خلق آدم وفيه تقوم الساعة، وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يدعو الله فيها وهو قائم يصلي إلا استجاب الله دعوته، وفيه صلاة الجمعة والذكر، وقد قال تعالى: (يأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنت تعلمون).
وفي الحديث: خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فلا يجوز للمسلمين أن يجعلوا يوم السبت يوم عطلة لهم لما في ذلك مشابهة اليهود ومشاركتهم في يوم عباداتهم، قال الإمام ابن كثير، رحمه الله، على قوله تعالى: (إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه)، فألزم الله تعالى اليهود به (أي يوم السبت) في شريعة التوراة، ووصاهم أن يتمسكوا به وأن يحافظوا عليه، ولهذا قال تعالى: (إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه)، قال مجاهد اتبعوه وتركوا الجمعة.
فلا يجوز لنا مشاركتهم في تعطيل الاعمال في هذا اليوم لما في ذلك من مشاركتهم في تعظيمه والمشابهة لهم في تعظيم هذا اليوم، لاسيما أنهم يعتبرونه يوم عبادتهم وعيدهم لا مجرد عطلة وراحة، ولذلك عدل الصحابة في عهد عمر عن استعمال التاريخ الافرنجي واستبداله بالتاريخ الهجري ابتعادا عن التشبه بهم ومشاركتهم في شعيرتهم، فالواجب أن نبقى على عطلتنا في يوم الجمعة وقبله يوم الخميس الذي أضيف إليه لأجل التوسعة على الناس لقضاء حوائجهم واستكمال راحتهم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم: فهذا العمل هو من خصائص دينهم إما أن يفعل لمجرد موافقتهم وهو قليل، وإما لشهوة تتعلق بذلك العمل، وإما لتشبه بهم تخيل أنه نافع في الدنيا أو الآخرة، وكل هذا لا شك في تحريمه، لكن يبلغ التحريم في بعضه الى أن يكون من الكبائر، وقد يصير كفرا بحسب الأدلة الشرعية، انتهى كلامه، وقد يرى بعض الذين ينادون بتوحيد العطلة الأسبوعية مع عطلة أهل الكتاب أن هذا فيه مصلحة وهي توحيد الأعمال الوظيفية والمعاملات، ونقول له لو فرض تحقق ذلك لكانت هذه مصلحة معارضة بمضرة حضر تحريم التشبه بهم، ومازال المسلمون مخالفين لأهل الكتاب وغيرهم في عطلهم السنوية والأسبوعية وفي أعيادهم ومناسباتهم عملا باستقلالية المسلمين عن الكفار ولم تتعطل عليهم مصالح ولم يحصل عليهم مضار في ذلك والمصلحة تكون في موافقة الشرع لا في موافقة الكفار.
يوم فيه الفضل
من جهته، قال الشيخ د.محمد الحمود النجدي: إن الله تعالى خص هذه الأمة الإسلامية المباركة بيوم الجمعة وهداها له، واختاره عيدا أسبوعيا لها لما فيه من الفضل، وأضل الله عنه من كان قبلها، فكان لليهود السبت، وللنصارى الأحد.
ففي صحيح مسلم: عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ژ: «نحن الآخرون ونحن السابقون يوم القيامة. بيد أن كل أمة أوتيت الكتاب من قبلنا.
وأوتيناه من بعدهم. ثم هذا اليوم الذي كتبه الله علينا هدانا الله له. فالناس لنا فيه تبع، اليهود غدا، والنصارى بعد غد».
وأما جعله عطلة وترك العمل فيه فقد بين الفقيه ابن حجر الهيثمي في الفتاوى سببه، قال جامع الفتاوى: وسئل ÿ: هل للمعلمين في ترك التعليم يوم الجمعة أثر؟
فأجاب أطال الله في مدته: حكمة ترك التعليم وغيره من الأشغال يوم الجمعة أنه يوم عيد المؤمنين، كما ورد، ويوم العيد لا يناسبه أن يفعل فيه الأشغال.
وأيضا فالناس مأمورون فيه بالتبكير إلى المسجد مع التهيؤ قبله بالغسل والتنظيف بإزالة الأوساخ، وجميع ما يزال للفطرة، كحلق الرأس لمن اعتاده وشق عليه بقاء الشعر فإن الحلق حينئذ سنة، وكنتف الإبط وقص الشارب وحلق العانة وقص الأظافر، والتكحل والتطيب بشيء من أنواع الطيب، وأفضله المسك مع ماء الورد، ولا أشك أن من خوطب بفعل هذه الأشياء كلها مع التبكير بعدها، لا يناسبه شغل، فكان ذلك هو حكمة ترك سائر الأشغال يوم الجمعة، هذا فيما قبل صلاة الجمعة، وأما بعدها فالناس مخاطبون بدوام الجلوس في المساجد إلى صلاة العصر لما ورد في ذلك من الفضل العظيم، وبعد صلاة العصر لم يبق مجال للشغل، على أن الناس مأمورون بالاجتهاد في الدعاء في ذلك اليوم إلى غروب شمسه لعل أن يصادفوا ساعة الإجابة، فاتضح وجه ترك الشغل في ذلك اليوم جميعه، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
وأكد د.سعد العنزي أنه يستحب في يوم الجمعة التفرغ للصلاة والتبكير والاغتسال والدعاء وفيه ساعة إجابة، وذلك للأحاديث الكثيرة الدالة على أفضلية يوم الجمعة على سائر الأيام، فالاستراحة في هذا اليوم والاستعداد له من السنة، إلا أن فقهاء المالكية كرهوا ان يترك العمل في يوم الجمعة خلافا لليهود والنصارى الذين يعطلون كل أعمالهم في يومي السبت والأحد، وخلافا لهم كره بعض الصحابة، وكذلك المالكية ترك العمل في يوم الجمعة، في غير أوقات الصلاة.
والراجح في المسألة عندي الاستراحة في يوم الجمعة هي من السنة لكن لا يحبذ تعطيل الأعمال فيها.
فيه شعائر الله
من جهته، قال د.جلوي الجميعة: لا شك أن العالم المحكوم من النصارى واليهود بالنظام الاقتصادي وغيره يشكل ضغطا على الأنظمة الإسلامية والعربية منها بالذات فيجب الا ننصاع لأنظمة لن ترضى عنا حتى نتبع ملتهم، فيوم الجمعة يوم عظيم ويوم عبادة لا نقول ان العمل فيه محرم ولكن التفرغ للعبادة والتبكير للصلاة من سنن وآداب الصلاة وهذا لا يمكن أن يكون إلا بأن يكون يوم الجمعة يوم إجازة والحفاظ على الأجر والصلاة والتفرغ لها، والاستعداد لاستقبالها فيه تعظيم لشعائر الله (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)، فإن كان لا بد من إجازة يوم الأحد تظل الجمعة يوم إجازة أيضا حتى لا يصدق فينا حديث النبي ژ «لتتبعن سنن من كان قبلكم».
جانب عقدي
ويرى د.عمر الشايجي أن مسألة تحويل الإجازة الجمعة والسبت إلى السبت والأحد أن هذه المسألة فيها جانب عقدي مهم جدا لا ينتبه له الناس، فبعض الناس يقرؤها قراءة سطحية وبما انه لا يمنع الإنسان من أداء صلاة الجمعة وكون السبت والأحد يحقق عائدا اقتصاديا فيتوافق مع النظام العالمي، فما المانع من أن نجعل يوم الجمعة يوم عمل؟ الجواب جعل الإجازة السبت والأحد مرتبطا باليهود والنصارى، السبت يوم راحة لليهود والأحد يوم راحة للنصارى، من هنا أتى تخصص السبت والأحد، وما كان لنا أن نتبعهم ونسايرهم في ديننا، إذن المسألة ذات بعد عقدي وليس بعدا اقتصاديا فالجانب الروحي والإيماني له اثر كبير في أداء العبادة والإقبال عليها، ويوم الجمعة الله عز وجل خص به المسلمين وجعل يوم عيد، فلو شغلنا الناس في يوم الجمعة لكسلوا عن أداء العبادة والإقبال عليها، وكذلك المتأمل في يوم الجمعة يجد أنه مليء بالعبادات والآداب والسنن منذ طلوع الشمس إلى مغيبها من غسل وتطييب ومشي للمسجد واصطحاب الأولاد وقراءة سورة الكهف والتبكير للخطبة وساعة الإجابة، وأغلب هذه العبادات سيتركها الناس لو شغلناهم بالأعمال الدنيوية يوم الجمعة، فرسالة إلى أصحاب القرار جزاهم الله خيرا أن ينتبهوا، فالله سبحانه خصنا بيوم الجمعة، فينبغي أن نتمسك به ونعتز به ونحافظ عليه، فإن رضا الله عز وجل وتقوية الجوانب الإيمانية في نفوس الناس أهم وأعظم من أي مردود مادي.