ارتفعت حدة المواجهة الخطابية بين روسيا من جهة والولايات المتحدة وحلفائها الغربيين من جهة ثانية على خلفية الازمة الاوكرانية، مع توالي الاعلانات عن مناورات ومناورات مضادة بين الفرقاء.
وبعد تحذير الرئيس الأميركي جو بايدن روسيا من دفع ثمن باهظ إذا أقدمت على غزو أوكرانيا، ردت موسكو باعتبارها تصريحات مكررة، مطالبة الغرب بوقف عسكرة أوكرانيا.
وندد الكرملين بتلك التصريحات، وقال الناطق باسمه دميتري بيسكوف للصحافيين «التصريحات تتكرر على الدوام ولا تساهم في تهدئة التوتر الحالي بل أنها قد تساهم في زعزعة الوضع».
وتابع بيسكوف أن هذه التصريحات «يمكن أن تثير آمالا خاطئة كليا لدى بعض المتهورين الأوكرانيين (..) الذين قد يحاولون حل المشكلة في جنوب شرق أوكرانيا عبر القوة». وتتواجه كييف في هذه المنطقة منذ العام 2014 مع انفصاليين مؤيدين للروس.
بدورها، اعتبرت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، الاتهامات الأميركية حول إعداد بلادها لهجوم ضد أوكرانيا بأنها «ضرورية لاستفزاز روسيا عسكريا على نطاق واسع»، لافتة إلى أن مثل هذه التصريحات قد تكون لها عواقب مأساوية.
وقالت زاخاروفا ـ في إحاطتها الصحافية الأسبوعية امس: «لقد أصبحت وسائل الإعلام الغربية والأوكرانية في الوقت الحالي أكثر نشاطا في تكرار التكهنات حول الغزو الروسي الوشيك لأوكرانيا.. نحن مقتنعون بأن هدف هذه الحملة هو خلق غطاء من المعلومات للتحضير لاستفزازات عسكرية وغير عسكرية واسعة النطاق، والتي قد يكون لها أكثر العواقب مأساوية على الأمن الإقليمي والعالمي»، مشيرة إلى أن بريطانيا أرسلت مؤخرا أسلحة إلى أوكرانيا بواسطة طائرات النقل العسكرية التابعة لسلاحها الجوي، وأن كندا أرسلت أيضا أكثر من 200 من رجال الكوماندوز للجانب الأوكراني بحجة حراسة سفارتها وإجلاء الديبلوماسيين. واضافت: «إننا ندعو الدول الغربية إلى التوقف عن المساهمة في عسكرة أوكرانيا، ووقف الحملة الإعلامية العدوانية ضد روسيا».
ودعت زاخاروفا إلى وقف جر أوكرانيا صفوف حلف شمال الأطلسي«الناتو».
في غضون ذلك، أثارت تصريحات بايدن حول جعل روسيا تدفع ثمنا باهظا إذا أقدمت على غزو شامل لكن «توغلا بسيطا» سيكبدها ثمنا أقل، ضبابية حول طريقة رد الغرب إذا ما أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بغزو أوكرانيا، مما دفع البيت الأبيض لمحاولة توضيح ما عناه بايدن في وقت لاحق.
وقال بايدن «ظني أنه سيتحرك. لابد أن يقوم بشيء» في إشارة إلى بوتين. وتابع «روسيا ستحاسب إذا قامت بالغزو، وهذا يعتمد على ما ستفعله. سيكون الأمر مختلفا لو كان توغلا بسيطا».
وعندما سئل عما يعنيه «بالتوغل البسيط»، قال بايدن إن أعضاء «الناتو» ليسوا متحدين فيما يتعلق بطريقة الرد اعتمادا على ما يفعله بوتين، وإن هناك خلافات بينهم وإنه يحاول التأكد من أن الجميع متفقون.
وبعد نحو ساعتين من انتهاء المؤتمر الصحافي لبايدن والذي استهل به عامه الثاني في الرئاسة، أكد البيت الأبيض أن أي تحرك عسكري روسي إلى داخل أوكرانيا سيؤدي إلى رد صارم.
وقالت جين ساكي المتحدثة باسم البيت الأبيض «إذا عبرت أي قوات روسية الحدود الأوكرانية، سيكون هذا غزوا جديدا، وسيقابله رد سريع وصارم ومتحد من الولايات المتحدة وحلفائنا». وأضافت أن شن روسيا هجمات إلكترونية أو استخدامها أساليب شبه عسكرية، سيقابل «برد حاسم ومماثل وموحد».
وكان وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن أشد وضوحا من رئيسه حين حذر من أن القوى الغربية متحدة في مواجهة روسيا، مضيفا أن موسكو لا تملك «قوة» مماثلة. وقال بعد محادثات في برلين مع ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، إن الغربيين «يعملون معا وبصوت واحد عندما يتعلق الأمر بروسيا. هذه الوحدة تعطي قوة، قوة (...) لا تملكها روسيا ولا يمكنها بلوغها».
بدورها، صرحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين في كلمة عبر الفضاء الإلكتروني أمام المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» بأنه «في حال تدهور الوضع وفي حال وقعت المزيد من الهجمات على وحدة الأراضي الأوكرانية فسوف نرد بعقوبات اقتصادية ومالية هائلة».
كذلك حذر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون روسيا بلهجة حازمة. وقال لصحافيين «لا شك أنه إذا قامت روسيا بأي شكل من أشكال التوغل، بأي حجم كان، أعتقد بأنه سيشكل كارثة، ليس فقط لأوكرانيا إنما لروسيا، وسيمثل كارثة للعالم».
وأضاف أن بريطانيا تدعم «بثبات» سيادة أوكرانيا في حين يفترض أن يلتقي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن نظيره الروسي سيرغي لافروف في جنيف.
وفي السياق، أعلن مسؤول أميركي امس أن الولايات المتحدة وافقت على طلبات دول البلطيق بإرسال أسلحة أميركية الصنع إلى أوكرانيا. وقال مصدر مطلع على إجراءات التصريح إن الموافقة تتعلق بطلبات من إستونيا ولاتفيا وليتوانيا لمساعدة أوكرانيا، الجمهورية السوفياتية السابقة على غرارهم.
وعلى خلفية هذه التوترات، أعلنت الولايات المتحدة أن حلف الناتو يعتزم إجراء مناورات غير مسبوقة بمشاركة آلاف العسكريين في منطقة القطب الشمالي.
وأكدت البعثة الأميركية لدى الحلف على حسابها في «تويتر» أمس الأول أن أكبر مناورات للحلف في منطقة القطب الشمالي ستحمل اسم «الرد البارد» ومن المقرر أن تجري في أوائل مارس القادم.
في المقابل، أعلنت روسيا أنها ستجري مناورات بحرية ضخمة في المحيطين الأطلسي والهادئ والمحيط المتجمد الشمالي والبحر الأبيض المتوسط هذا الشهر وفي فبراير المقبل.
وستشارك في المناورات «أكثر من 140 سفينة حربية وسفن الدعم وأكثر من 60 طائرة وألف قطعة من المعدات العسكرية وقرابة 10 آلاف جندي»، حسبما أعلنت وزارة الدفاع في بيان نقلته وكالات أنباء روسية.