- «الدين العام» والسحب من «الأجيال» دون إصلاح.. تصرف جائر بحق الكويت
قال تقرير الشال الأسبوعي إنه سبق ان ذكر مرارا وتكرارا أن تقارير التصنيف الائتماني تقارير مالية ومن الطيب أن يحصل فيها أي بلد على تصنيف مرتفع، والعكس صحيح، ولكنها تقارير تحذير وجمهورها مختلف، واهتمامها مالي وقصير الأمد، أما الاقتصاد ضمنها، ولدولنا النفطية تحديدا، فهو مجرد برواز.
لذلك، لا بد من قراءة صحيحة لمحتوى التقرير، تعطيه ما يستحق من اهتمام، ولكن، اعتبار العمل على تحسين التصنيف وفقا لمؤشرات مالية وليس وفقا لمعايير الاستدامة الاقتصادية، أمر خاطئ، فالضرر المحتمل على الاقتصاد إن أخطأنا القراءة وأخطأنا الإجراء، لا يمكن جبره.
فقانون الدين العام أو السحب المنظم من احتياطي الأجيال القادمة من دون إصلاح جوهري للسياسات المالية والاقتصادية، تصرف جائر بحق البلد، والمثال القاطع، هو ما حدث للاحتياطي العام، وللأموال التي تم اقتراضها من السوق العالمي أو استبدال الأصول بين الاحتياطيين أو وقف الاقتطاع لصالح الأجيال القادمة، كلها أموال ضاعت هدرا.
وتقرير «S&P» يثبت تصنيف الكويت السيادي عند (A+)، أي تثبيت لتصنيف يوليو الفائت 2021 مع استمرار النظرة السلبية على المستقبل، والتصنيف السيادي خاضع للمراجعة على المدى القصير، أي ما بين 12 و24 شهرا، وقد يخفض ما لم تنجح الكويت في إيجاد حل لعجزها عن تمويل الموازنة العامة.
والتصنيف قد يعدل النظرة المستقبلية إلى مستقرة إن نجحت الحكومة في تمرير قانون الدين العام أو السحب من احتياطي الأجيال القادمة، ويضيف تقرير الوكالة ما معناه ضرورة تبني سياسة مالية منضبطة.
والفزاعة التي استخدمتها الوكالة هي تقديراتها بلوغ معدل عجز الموازنة للسنوات حتى عام 2025 نحو 12% من حجم الناتج المحلي الإجمالي، وتقدر أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي نحو 140 مليار دولار في عام 2024.
أي ان متوسط رقم العجز المالي السنوي سوف يبلغ نحو 17 مليار دولار، أو نحو 84 مليار دولار للعجز المتراكم خلال تلك السنوات، وهو في تقديرها ربما الأعلى في العالم للدول المصنفة من قبلها.
ورغم انتقاد الوكالة الشديد لعجز الحكومات المتعاقبة وتخلف إجراءات الإصلاح لديها، أبقت الوكالة على تصنيف يوليو ثابتا لمبررات لها علاقة بمتغيرين استثنائيين خارج قدرة الإدارة العامة المحلية على التأثير فيها، وهما ارتفاع أسعار وإنتاج النفط، وحجم احتياطي الأجيال القادمة بعد مكاسبه الأخيرة.
وما تقدم يعني أن الكويت أمام ثلاث خلاصات، الأولى هي أنها عرضة للتأثر بعوامل هي خارج عن قدرتها على التحكم بها، وسوف تتأثر إيجابا أو سلبا ان تحسنت أو تراجعت، فإن تحسنت أوضاع سوق النفط وحجم صندوقها السيادي، سوف تستغلها إدارتها في تعميق اختلالات الاقتصاد، بشراء مزيد من الوقت بسياسات مالية واقتصادية بائسة، وإن تراجعت، ظهرت على السطح كل تبعات ومخاطر تلك الاختلالات.
أما الخلاصة الثانية، فهي أن استمرار الأوضاع على ما هي عليه، وتعني حتمية استمرار تدهور تصنيفها الائتماني، والخلاف هو حول التوقيت وليس النتيجة، ومع مرور الوقت، سوف تتآكل القدرة على إيجاد حلول ناجعة لعلاج أوضاعها المالية، ما يعني انتقالها إلى وضع اقتصادي مهدد لاستقرارها.
والخلاصة الثالثة، هي أخذ خيارها الصحيح والصعب وإن جاء متأخرا لنقل تأثير عوامل خارجة عن قدرتها على التأثير فيها، إلى انتقال تدريجي لأخذ لزمام المبادرة في تنمية قدرتها على التأثير في مسارات سياساتها، وذلك لن يتحقق ما لم تكن مؤسسات سلطة اتخاذ القرار في الدولة، أو مجلس الوزراء على أقل تقدير، تتبنى مشروع إنقاذ موحد.