توقعت أن نبقى معا للأبد، توقعت وإن طال بنا العمر والأيام لا بد من الفراق، الفراق الذي ينتهي بحياة أحدنا، حين يأخذ الله أمانته، لكن لم أتوقع هذا الفراق، الذي تطلبه بعلو صوتك، بل تطالب به، وتسعى وتقاتل للحصول عليه.
تستخدم كل الوسائل والخطط لتناله، أؤكد لك لن يمنعك شيء أو أحد، ستحصل عليه بكل سهولة، لن أقف في طريقك، أعدك، وكل ما فعلته أنا حتى الآن لم يتعد الصبر، أعطيك الفرصة كي تراجع نفسك، وتراجع الخطوة الخطيرة التي أقدمت عليها.
الجميع يذكر قصة الحذاء الأخضر، مقال كتبته عنك، هنا في نفس هذا العمود «برودكاست»، وتذكرت الصبر حين كنت أنتظر خروجك في ذلك اليوم من غرفة العمليات، تذكرت كم أبكاني حذاؤك الأخضر الذي تركته من خلفك حين ذهبت لإجراء العملية الجراحية في ذلك المشفى.
لكن لمَ لم تأخذيه معك حين أخذت حاجياتك، تركته لكي أتذكرك مجددا لكن هذه المرة، تركته في زاوية الغرفة في خزانتك وقد غطته الأتربة، ذهبت أنت وبقي هو.
على ما أظن قرارك «الفراق» كان قرارا قديما، اتخذته حين تركت ذلك الحذاء في خزانتك، لم تزل رائحة المخدر «البنج» فيه، وعلى ما أظن حين دخلت غرفة العمليات لم تستأصل الورم، بل استأصلت قلبك ومشاعرك تجاهي، هذا مؤكد وليس ظنا، لأنه لا يوجد لدي تفسير آخر سوى هذا.
توقعت أن نعيش على ذكرى بعضنا بعضا، سيعيش أحدنا يذكر الآخر، من يأتي أولا، الله وحده يعلم، لأن فكرة الفراق كانت لدي فكرة واحدة فقط، الموت، هو السبب الوحيد المقبول لدي، وغيره من الأسباب لم أكن أقبله، لا أعترض على قضاء الله وقدره، لكن هذه الفكرة والمعنى الوحيد بالنسبة لي عندما أتحدث عن الفراق، كتبت أقول:
هذا عذر..
موتك عذر أقبل ولا غيره عذر
بس لا تخلي يا عشيري منزلي
بفقد عيونك وقتها..
بنعي وفاتك..
ثوبي الأسود..
يغطي بلوتي لأنه قدر خارج
مدى يدك.. أمر..
ربك قضى.. ربك أمر..
غيره عذر ما أقبله ما أفهمه
ما أستوعبه
موتك عذر.. هذا عذر..
غيره عذر..
ما أقبله..