من طبيعة الأمور أن يتفاعل البشر مع بعضهم بعضا ومنها علاقة المريض مع الطبيب وهي علاقة «مميزة» وبها الكثير من «الخصوصية» وتتميز بطابع خاص، حيث إن المريض يأتي وهو صاحب مشكلة أو سؤال مهم وقلق على صحته ويحتاج مع ذلك لأن يكون كتابا مفتوحا بالمعلومات والفحص الإكلينيكي والطمأنينة وراحة البال أمام من لا يعرفه «شخصيا» إذا صح التعبير، لذلك هي علاقة لها طابع مختلف عن باقي العلاقات الاجتماعية وهي متطورة من زمن إلى آخر حسب تطور أدوات العلم، وكذلك وجود كم معرفي هائل مع دخول الإنترنت في حياة الجميع والمريض حاليا قد يكون لديه اطلاع على تجارب ومعلومات طبية كثيرة عكس ما كان في السابق، وأيضا تجارب لمرضى آخرين موثقة على الشبكة العنكبوتية، منها الخاطئ ومنها الصحيح، وكذلك عدد منها يكون ضارا، فيصعب على عامة الناس التفرقة بين الاثنين، لذلك «ديكتاتورية» التعامل مع المريض من باب الفوقية المفروض أن تكون غير موجودة عند الأطباء الحرفيين الملتزمين مهنيا وأخلاقيا والسائرين على الدرب العلمي الحديث الذي يطبق ما جاءت به توصيات علاقة الطبيب مع المريض وهي توصيات «علمية» ضمن تراكم معرفي، حيث بدأ العلماء بدراسة الطبيعة الخاصة لتلك العلاقة المهنية الوظيفية الأخلاقية الملتزمة وهي تحمل صفات كهذه، لأنها علاقة متشعبة ومتطورة مع الزمن حيث وصلنا إلى مرحلة متقدمة حاليا حيث اصبح من حق المريض أن يعرف «لماذا» يأخذ هذا العلاج؟ «أو سبب تلك الجراحة؟» أو لماذا يجري هذا الفحص الإشعاعي؟ أو تحت أي بروتوكول يتم أخذ عينة أو سحب دم لفحوصات كيميائية أو هرمونية؟... إلخ من أدوات التشخيص وأساليب العلاج.
إن المريض من حقه أن يعرف، ومن واجب الطبيب المختص «صاحب الشهادة المعتمدة» أن يشرح بكل أدب واحترام، وإذا رفض المريض أي علاج فهذا حق من حقوقه وضمن خصوصياته وليس للطبيب التدخل بهذه الحقوق المحترمة والمقدرة، إلا في حالات استثنائية خاصة ومعروفة مثل الأطفال ومن لا يملك القدرة العقلية لاتخاذ القرار.
وللأسف الشديد أن بعض الزملاء الأفاضل وأقول «البعض» وخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي لديهم «أسلوب التعالي» و«الاستهزاء بالمرضى» من باب: «اسمع الكلام وانت ساكت!؟»، ونحن ننصح بكل حب ومسؤولية هؤلاء الزملاء الأعزاء بأن يعودوا إلى الالتزام بـ «قسم الطبيب» و«المهنية المطلوبة» والابتعاد عن «الشخصانية» وترك ساحات التواصل الاجتماعي لأوقات فراغهم إذا أرادوا والعودة إلى عملهم المهني الوظيفي الإنساني الأساسي الذي يتقاضون عليه راتبا، وليتركوا عملهم يتحدث عنهم، والأهم من ذلك كله هو تطبيق بروتوكولات التشخيص ومن ثم العلاج المعتمدة دوليا والثابتة إحصائيا بعيدا عن «تعالٍ» لا يقبله أحد.