هنأت أسرة منشورات القاسمي صاحب السمو الشيخ د.سلطان بن محمد القاسمي في ذكرى تسلمه مقاليد حكم إمارة الشارقة، وذلك من خلال بيان صحافي أرسلته للصحف جاء فيه:
في هذا العصر اختلطت الكثير من المفاهيم، فتراجعت المبادئ والقيم، وارتفعت العديد من الأصوات المحذرة من بوادر أزمة حقيقية في قيم الأخلاق، فأصبح من الضروري الرجوع إلى تلك الشخصيات الفذة النادرة، أصحاب الضمير الحي، والفكر النير، والثقافة الموسوعية، والرؤية الثاقبة، والبصيرة النافذة، والرأي الحصيف، كشخصية سمو الشيخ د.سلطان بن محمد القاسمي، الذي اجتمع له ما تفرق في غيره.
يقول صاحب السمو الشيخ د.سلطان بن محمد القاسمي «إن الثقافة هي حجر الزاوية في التنمية المنشودة، ما يحقق ذلك التوازن بين الانتماء الحضاري وروح العصر. الثقافة رسالة للارتقاء بالذات وتهذيب النفس، والسمو بالإنسان إلى مدارج الرقي والتسامح والتآخي بين البشر، والتعليم هو المفتاح الرئيسي للارتقاء إلى آفاق التطور والتقدم».
هو صاحب السمو الشيخ د.سلطان بن محمد بن صقر بن خالد بن سلطان بن صقر بن راشد القاسمي، ولد يوم الأحد 14 من شهر جمادى الأولى 1358 للهجرة، الموافق 2 يوليو 1939 بمدينة الشارقة.
تربى سموه على الوطنية، وترعرع على حب العلم والمعرفة، وكان شغوفا جدا بتاريخ وطنه، تفرغ في بداية عمره للدراسة ليتلقى تعليمه، وقد بدأ سموه تعليمه العام في مدرسة الإصلاح القاسمية، وكان عمره آنذاك سبع سنوات وشهرين، وكان قد درس سموه قبلها القرآن لدى الشيخ فارس بن عبدالرحمن.
وانتقل سموه بين الشارقة والكويت ودبي لتلقي تعليمه الإعدادي والثانوي، لينتهي به المطاف في نهاية عام 1965 في القاهرة، حيث بدأ الدراسة الجامعية في كلية الزراعة بجامعة القاهرة.
حصل سموه على درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة «إكستر» عن أطروحته التي تناولت مزاعم القرصنة ومحاولات شركة الهند الشرقية السيطرة على الخليج بين الأعوام 1798 و1820، بتاريخ العاشر من شهر مايو عام 1985، ونال سموه أيضا درجة الدكتوراه في الفلسفة من كلية العلوم الاجتماعية، جامعة «درهام» البريطانية عن أطروحة بعنوان: صراع القوى والتجارة في الخليج خلال الفترة من عام 1620 إلى عام 1820، بتاريخ 2 يوليو 1999.
في يوم الثلاثاء التاسع من شهر ذي الحجة، يوم عرفة سنة 1391هـ الموافق 25 يناير 1972، تسلم صاحب السمو الشيخ د.سلطان بن محمد القاسمي مقاليد حكم إمارة الشارقة، وليكون عضوا في المجلس الأعلى لدولة الإمارات العربية المتحدة، ويعد سموه الحاكم الثامن عشر لإمارة الشارقة من حكم قبيلة القواسم الكرام، هذه القبيلة التي سطرت أمجادها عبر التاريخ ببطولات خالدة ضد كل من حاول أن يمس هذه الأرض الطيبة، فقاومت المستعمر، ووصل مجدها إلى جزر الخليج العربي، ولعبت دورا رائدا وبارزا في تاريخ المنطقة، حيث مثلت أكبر قوة بحرية في الخليج، وتزعمت حركة المقاومة في القرن السادس الهجري في مواجهة الهجمات التي شنتها القوى الاستعمارية الأوروبية على منطقة الخليج العربي.
وكما قال الأكاديمي عبدالعزيز المقالح: إن الكتابة عن أي حاكم تبقى عرضة للاتهام، والمحاباة والمجاملة، باستثناء الكتابة عن الشيخ د.سلطان بن محمد القاسمي، هذا المثقف العربي المسكون بهموم أمته، والذي يصح اعتباره نموذجا للحاكم الذي تنسجم تصرفاته العملية مع مشاعره الوطنية والقومية والإسلامية، وتتناغم دون تناقض أو تعارض او انشطار.
قال صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود بمناسبة اختياره شخصية العام الثقافية في الشارقة، في 5 نوفمبر 2015:
لكل أمر من الله سلطان
وسلطان الثقافة قاسمي
ولكل أمل في الحياة بارقة
وبارقة الآمال الشارقة
وقد حصل سموه خلال حياته على العديد من مناسبات التكريم المتمثلة في شهادات علمية وفخرية وعددها ثماني وعشرون شهادة علمية من جامعات مرموقة، كما حصل على أوسمة ونياشين وعددها سبعة عشر، وعلى جوائز ثقافية وعددها ثلاث عشرة (إضافة إلى جوائز الشخصية الثقافية وعددها ثماني)، وعلى ميداليات واستحقاقات وقلائد وعددها أربع عشرة، وعلى دروع تقديرية وعددها اثنا عشر. هذا بالإضافة إلى ثلاثة مفاتيح مدينة.
قاد سموه التنمية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية في إمارة الشارقة، بل وبذل سموه جهدا اضافيا ووفر مصادر لتشجيع التفاعل والحوار الثقافي محليا واقليميا ودوليا بين الشعوب كافة. لإيمان سموه بأهمية وجدوى الثقافة في تجسير العلاقات والوشائج الانسانية بين الشعوب، فلقد وجه سموه بتنظيم أيام الشارقة الثقافية في الخارج في مدن متفرقة في انحاء العالم بقصد التقريب بين الثقافات والشعوب وللتعريف بالثقافة العربية في الاوساط العالمية.
ودعا سموه أيضا إلى تأسيس بيوت للشعر على غرار بيت الشعر في الشارقة في الأقطار العربية كافة لتكون ملتقى للشعراء الكبار والشباب في تلك البلدان، وتحافظ على استمراريتهم، وتسهم في تقديم العون والدعم اللازمين لهم بمختلف اشكاله وتقودهم لمزيد من العطاء، وتحافظ على الفكر السليم، وتكون مركز اشعاع للشعر والأدب واللغة العربية.
تنوعت مؤلفات صاحب السمو الشيخ د.سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد، حاكم إمارة الشارقة، في مختلف حقول المعرفة، فعبرت عن فكره وإيمانه، وقد ترجمت مؤلفات سموه إلى أكثر من 20 لغة أجنبية حية.
وسارع سموه من خلال تأسيس دائرة الثقافة في الشارقة إلى رفع شعار: «اقرأ.. أنت في الشارقة»، فنظم معرض الشارقة الدولي للكتاب، وعجل بتوزيع مكتبات صغيرة على كل بيت من إمارة الشارقة تحت شعار: «ثقافة بلا حدود»، حتى أنشأ بيت الحكمة، وهو مكتبة عصرية تستظل بعاصمة عالمية للكتاب، ذلك الكتاب العربي الذي طال انتظار لغة الضاد لمعجمه حتى صدر في شارقة سلطان.
هنيئا لنا في هذا اليوم سلطان الثقافة والعلم.