الفساد وما أدراك ما الفساد...؟ إنه إذا استشرى في أي بلد ضاعت مصالح الناس وتراجعت الأمة وظهر الفساد وعمّ ليضرب في كل أرجاء المؤسسات الحكومية اقرأوا التاريخ لتعرفوا كيف انهارت إمبراطوريات وهزمت عندما ابتليت بداء الفساد.
ولعظم أثر الفساد صنفت الأمم المتحدة دول العالم تبعا لمدى الفساد الإداري فيها، والمفسدون هم الباحثون عن الثراء من أقصر طريق وتحقيق مطالبهم بأقل مجهود وهؤلاء يقتلون الطموح والآمال في نفس كل ساع مجد، وكيف للمجد ان يسعى ويجتهد وهو يرى من هو أقل منه قد سبقه في الترقية والتعليم.. لماذا؟ لأنه يعرف طريقا غير الذي نعرفه ويسلك دربا نجهله.. الفساد في المناقصات وترسيتها وتخصيص الأراضي وإسناد المشاريع والتوظيف والتعيين والمكافآت والسفريات والاستثناء من الدور، وكم من استثناءات حصلت وجاء تقرير ديوان المحاسبة ليكشف لنا مدى الفساد والاستثناءات وسياسة التنفيع ليؤكد وجود فساد في كل صنوفه وأنواعه شاملا جامعا كل مصلحة وكل وزارة مع تباين في درجاته الملوثة لحياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والسؤال الآن هو كيف نواجه الفساد القاتل للإبداع والمحطم للآمال والذي يهب من لا يستحق ما لا يملك، فالحل هو ان نرسخ الانتماء للكويت وأن يشعر كل منا انه ينتمي للكويت وبأن الكويت له وليست لحفنة من المنتفعين الحريصين على تطبيق دائرة الانتفاع الى أقصى درجة لتشملهم هم وبطانتهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
والحل يكون في القانون وتفعيله وتشديده وتطبيقه على الجميع، فلا استثناءات ولا احد فوق القانون والمساءلة، وان يكون هناك رادع لكل من تسول له نفسه المساهمة بالفساد وضرب القوانين، وكلك تفعيل قانون «من أين لك هذا»؟ نعم لسنا دولة اشتراكية ولكنا دولة مؤسسات، ويجب أن يسأل هؤلاء الذين نهبوا ثروات الكويت باستثناءات من أين حصلوا على ثرواتهم؟ وتفعيل قانون الذمة المالية ليكشف كائن من كان عن امتلاكه وثرواته من أين اكتسبها؟ وبأي طريقة؟ ومن ساعده على ذلك؟
نحن لا نريد ان نتحول إلى دولة تؤوي المفسدين وتبارك لهم سرقتهم للمال العام، بل نريد تفعيل كل القوانين التي تكشف هؤلاء المفسدين وتلزمهم مكانهم وتقدمهم للعدالة وتجردهم من ثرواتهم التي امتصوها من دماء وعرق كل مواطن شريف لا يجد غير راتبه في نهاية كل شهر استمعوا الى كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو قد أرسل من يجمع الصدقات والأموال فجاءه الرجل وقال له: «هذا لكم وهذا أهدي إلي»، استمعوا إلى كلام النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ماذا قال في إحدى حالات الفساد التي عرضت له منذ أكثر من أربعة عشر قرنا، قال: من استعملناه على عمل ورزقناه رزقا فما أخذ بعد ذلك فهو غلول، أي خائن للأمان، هذا هو ديننا يحارب أولى حالات الفساد والتنفيع ويصفها بأنها خيانة للأمانة فلنسم الأشياء بأسمائها فخائنو الأمانة بيننا كثيرون، والكويت تستنزف كل يوم، والفساد داء عضال إذا نخر في جسد تهاوى وتساقط فسارعوا الى معالجة الفساد واجتثاثه من جذوره.
قال تعالى: (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياه الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألدّ الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد، وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد).
[email protected]