تتميز الكويت بموقع جغرافي استراتيجي مهم، ورغم صغر مساحتها وقلة عدد سكانها إلا أنها محاطة بأقاليم غير مستقرة أمنيا وملتهبة الصراع، ما يحتم علينا الالتفاف والتلاحم والتكاتف لمصلحة وطننا الغالي ولنأخذ من واقعة الغزو العراقي الغاشم سنة 1990م المواعظ والعبر، لذا علينا تعزيز وحدتنا الوطنية وترسيخها فالمواطنة هي جامعة تضم جميع أبناء الشعب الواحد، وهي الرابط الذي يربط المجتمع بجميع فئاته وطوائفه العرقية والقبلية مع تكريس احترام المذاهب التي يشملها الشعب ويحقق ائتلافها وترابطها الوطني في إطار الدولة وهي العمود الفقري والأساس.
ومعروف تلاحم الشعب الكويتي في جميع الغزوات والأزمات على مر العصور والتصدي الجماعي لها بكل شجاعة وتفان، والمواطنة هي أساس بناء الدولة والوطن هو الحيز الجغرافي الذي تعيش وتعتاش عليه مجموعة بشرية معينة يتفاعل أفرادها مع بعضهم ومع الأرض التي يقطنون عليها على مر الزمان، فالوطن ليس علاقة عابرة ومؤقتة وقصيرة بل هي مجموعة من العلاقات الإنسانية والعاطفية والثقافية والمادية، والمواطنون هم الوحدة الأساسية في بناء الوطن بتواجدهم الفاعل والإيجابي والروح الوطنية ووحدتها الممثلة بالشرعية التي جسدها الدستور، إذ يحق للمواطن ممارسة حقه في الانتخاب والترشح والمشاركة في صنع القرار إضافة إلى التعاون بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والمشاركة في بناء الوطن ومعالجة قضايا أمته اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وأمنيا.
كما نعتز بدور مجلس التعاون الخليجي في وحدة مسؤولياته، فهو الحصن المنيع لمصالحنا ووحدتنا وسيادتنا والحرص على سلامة حوض الخليج العربي وسيادة دوله ووقاية ترابطها مع العالم، فالوعي بالمواطنة يتطلب التربية على ثقافة المواطنة بكل ما تحمله من قيم وما تحتاجه من مهارات، والوطنية حب الفرد وإخلاصه لوطنه الذي يشمل الانتماء الى الأرض والناس والعادات والتقاليد والفخر بالتاريخ والتفاني في خدمة الوطن والعمل لصالح الجماعة والدولة وأن تصبح المصلحة العامة لديه أهم من مصلحته الخاصة، فالوطنية هي السياج لحماية القيم الإنسانية والأخلاقية، والانتماء مسؤولية واعتزاز وارتباط بالجذور وملاذ ومصير، والتربية المواطنية يجب ان يغذى المواطن بالتزامه تجاه وطنه وأمته، وأن يتكون لديه الشعور بحب الوطن والدفاع عن أرضه والإخلاص له وبذل الغالي والنفيس من أجله، وهذا الشعور يجب ان يزرع بداخل المواطن بإعداده من خلال التربية الوطنية بالتعليم والمعارف والقيم وتحقيق الجوانب المعرفية والعلمية لديه، ومن خلال المعارف والمفاهيم والمعتقدات والمهارات اللغوية والمهنية التي يحاول الناس فهم أنفسهم والعالم المحيط بهم ولابد ان يكون لدى المواطن انتماء وطني بالمعني الحقيقي للمواطنة وأساس تحقيقها وما يترتب عليها من حقوق وواجبات للأفراد والدولة.
ويجب الاهتمام بالتنشئة الاجتماعية منذ الصغر فهي محك تفعيل مبدأ المواطنة مما يجعل مشاركة مختلف الوسائط التربوية كالأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام والمؤسسات التربوية في سياق متناغم أمرا لابد منه ولا تستقيم المواطنة الحقة من دونها، وأن يكون حب الوطن حب عطاء لا تلق، وحب وفاء لا جحود وحب تسامح وإيثار من أجل التماسك والترابط والقوة والعمل المثمر لحياة كريمة آمنة للفرد والمجتمع.
[email protected]