على الرغم من أن حرية التعبير هي ملاذ الحقوق الإنسانية وغاية كافة التشريعات التي تسعى الى صيانة حريات الأفراد والعمل على صياغة قوانين كفيلة بتمكين الفرد من ممارسة هذه الحقوق والحد من تقليصها أو تمييعها بقوانين رادعة أو الإشارة اليها بقول او لفظ غامض يحمل في جنباته شيئا من الكبح، إلا أن هناك جزءا غاية في الأهمية مرتبط بهذه التشريعات وهو صيانة سمعة وكرامة الآخرين، بحيث تنظم حرية التعبير بشكل يجعلها لا تستطيل الى إهانة الأفراد والمساس بهم او التشهير والفضح وغير ذلك من السلوكيات التي لا تمت للأخلاق بصلة ولا يقبلها المجتمع.
فلا يمكن لفرد منا أن يتذرع بحرية التعبير كي يهين الآخرين او ينشر صورا شخصية او بيانات خاصة بهم منتهكا بذلك حق الإنسان في الخصوصية، وفي محيط الحرية انطلقت آراء المواطنين كافة لتفصح عن مكونها من قبول او اعتراض، او استياء حول امر معين او مواقف سياسات عامة.
وان هذه الاراء العديدة باختلافاتها تكون نسيجا واحدا متناغما اسمه «حرية التعبير». يعكس الحماية القانونية التي وفرتها الدولة لهذا النسيج، والممارسات الشعبية التي تبث عبر الوسائل الحديثة للنشر كالقنوات الفضائية وإذاعات الراديو ووسائل التواصل الاجتماعي في الهواتف الحديثة الذكية، فكل هذه الوسائل أصبحت مُسخّرة لإيصال آراء الأفراد ووجهات نظرهم، وعلى الرغم من جمال هذا النسيج المختلف في ألوانه وخيوطه الا ان البعض يتعمد نشر آراء تمزق النسيج الوطني وتشق الوحدة الشعبية وتثير الفتنة والشكوك التي تسيء للجميع، واذا ما واجهنا هذا الشخص بسبب نشره لهذه الفتن فإنه يدعي أنها «حرية تعبير»!
إن الروح الوطنية لا تقوم فقط على مسؤولية الفرد ووجوده تحت طائلة المسؤولية الجنائية، وإنما هناك دور حكومي مهم وهو صيانة الوحدة الوطنية والمناداة بأن رأي الوطن هو الرأي الذي يسهم في الحفاظ على نسيج الحرية على الرغم من اختلاف قوامه ومكوناته.
فيجب على وزارة الاعلام، كونها الجهة المعنية بهذا الأمر، أن تباشر حملات توعوية حول ماهية حرية التعبير وحق الفرد في التعبير عن رأيه واحترام الرأي المخالف، كذلك رفع الوعي حول ان الرأي المخالف لا يعني تفكيك الصفوف وانما الآراء متنوعة وموحدة، كذلك رفع الوعي حول الوحدة الوطنية واننا جميعا باختلافاتنا يجمعنا وطن واحد ويوحدنا حب الوطن ومصلحته.