بادئ ذي بدء أود أن أقول إنني سأتوكل على الله الرحمن الرحيم من خلال هذا المنبر الإعلامي وأقدم للقراء الكرام سلسلة مقالات توعوية عن صحة العيون وأمراضها وكيفية الوقاية منها مأخوذة بتصرف من كتابنا المعــنون بـ «إضاءات طبية في صحة العيون».
وقد آثرت أن أبدأ هذه السلسلة بالمقال الأول تحت عنوان «الوقاية خير من العلاج»، فلنبدأ على بركة الله ونسأله - سبحانه وتعالى- التوفيق والسداد.
«الوقاية خير من العلاج»: قالوا قديما ولايزال قولهم مؤكدا «إن درهم وقاية خير من قنطار علاج»، بيد أن الكثيرين يتساءلون دوما، كيف نستطيع أن نحافظ على أعيننا في ظل هذه الهجمة التكنولوجية الضخمة التي لا نستطيع الاستغناء عنها؟
ثم يزيدون بسؤال آخر مفاده.. إذا كان عملنا يقتضي التحليق الدائم في شاشات الأجهزة الحديثة فكيف سننجو من أمراض العيون؟ وما سبب عدم ارتياح العين عند استخدام الكمبيوتر؟
وأستطيع القول إننا كأطباء عيون ننصح بالراحة لمدة 15 دقيقة بعد كل ساعة من استعمال الكمبيوتر، وأثناء هذه الاستراحة يفضل النهوض من الكرسي والسير في الغرفة مع النظر من النافذة حتى يرتاح الجسم من الجلوس والعين من التركيز على المسافات القريبة.
وأما «إدمان» النظر إلى الأجهزة اللوحية الحديثة مثل الهاتف و«الآي باد» وغيرهما من أجهزة التكنولوجيا التي غزت حياتنا، فنستطيع استعمالها مع ترشيد الاستخدام، وتقليل الإضاءة في الجهاز المستخدم.
أما السبب الرئيسي لعدم ارتياح العين عند استعمال الكمبيوتر لمدة طويلة والإحساس بالحكة والجفاف والاحمرار في العينين، فقد وجدت الأبحاث أن سبب ذلك هو أن الإنسان عندما يركز على شاشة الكمبيوتر فإن جفنيه لا يرمشان بصورة دورية مثلما يحدث في الظروف الطبيعية، ومن ثم فإنه وبسبب انشغاله بالتركيز على الشاشة لا يرمش كل خمس ثوان، مما يؤدي إلى تبخر مستمر لدموع العين، والتي تشكل الطبقة الواقية للقرنية، ومن ثم فإن التركيز المستمر على شاشة الكمبيوتر ودون راحة يؤدي إلى جفاف الدموع، وهنا تحدث أعراض الاحمرار والحكة والإحساس بعدم الارتياح، وقد كان الأطباء في السابق يشخصون هذه الأعراض بصورة خاطئة على أنها أعراض حساسية، ويعطون للمريض أدوية حساسية دون جدوى، ولكن أثبتت الأبحاث أخيرا أن هذه الأعراض هي ببساطة متعلقة بجفاف الدموع، ومن ثم فإننا ننصح أغلب من يعانون من هذه الأعراض باستعمال قطرة دموع صناعية لترطيب العين أثناء استخدام الكمبيوتر، وبعدم نسيان الرمش أثناء التركيز على الشاشة.
وأود أن أنوه هنا إلى أن أصحاب العدسات اللاصقة معرضون للإحساس بالجفاف بدرجة أكثر، وننصحهم بالرمش نحو عشر مرات في الدقيقة وبشرب 6 أكواب من الماء في اليوم مع استعمال قطرات دموع خاصة لترطيب العدسات أثناء التركيز على شاشة الكمبيوتر.