كان بلا شك يلعب في ربوع بلاده، يجري ويقفز ومن ثم يتوقف قليلا يلتقط أنفاسه، ويعود من جديد يلعب ويلهو، لكن في هذه المرة زلت قدمه ليجد نفسه في ذلك المكان الرطب، المظلم. كم هو محزن ومؤلم حين أتخيل أو أتصور ما مر به ريان خلال تلك الأيام التي بلا شك مرت طويلة على أهله وعلى كل من كان يتابع حالته وأخباره.
هذا ما أتخيله كسيناريو لما حصل للطفل المغربي ريان، الذي بقي في غيابة الجب نحو خمسة أيام، عجز السيارة عن التقاطه من ظلمات البئر وإخراجه إلى النور.
قصة شغلت العالمين العربي والغربي دون استثناء، قصة غريبة وعجيبة، لكن حملت في طياتها العديد من المعاني والعبر.
لكن ماذا فعل ريان يا ترى، ما سر ريان عند الله، ماذا فعل ليلقى ذلك كله؟، أعلم أنه لم يعد موجودا بيننا بل انتقل إلى جوار ربه، رحمه الله، وأعلم أن المصاب الذي وقع على والده ووالدته كبير، لكن، ودع ريان وداع الملوك، التكبيرات التي علت حين أخرجوه من البئر زلزلت المكان، الكفوف الكثيرة التي ارتفعت عالياً في كل العالم تدعو له بأن يخرج سالماً، وحين توفي الكل تأثر ودعا له بالمغفرة ولأهله بالصبر.
لعل ما حدث مدّ أهله ومحبيه بجرعة من الرضا، ولعل ما حدث من أحداث إثر وفاته من قرارات وتحركات تجاه الآبار المهجورة، ستعطي أهله العزاء الكافي، لأن موته قد يحيي العشرات بل المئات حين يؤخذ سبب وفاته على محمل الجد.
زلت قدم ريان أودت بحياته، لكن كم من زلات أودت بحياة عوائل كاملة وأطفال بريئة تموت بردا وجوعا كل يوم وكل ساعة، رحم الله من هم تحت الثرى ومن هم فوقه، رحم الله جميع المسلمين.