«في 10 من فبراير2022، سقطت ورقته من رزنامة عام 2022 عن عمر يناهز المائة وسنتين»، إنه أحد أبرز الشخصيات الرائدة في مجتمعنا ومن الذين قضينا وإياه منذ حياة الآباء والأجداد، رحمهم الله، أياما حملت التاريخ والمعرفة، ولم نعرف منذ وعينا إلا أنه العالم الرائد في تأسيس مدرسة علم الفلك في الكويت، حيث وافته المنية اليوم الخميس، كان وسيبقى الراحل العم صالح العجيري، منارة في تاريخ علوم الفلك وأبرز المؤرخين في البلاد.
رجل علم بمائة ألف رجل، فتح المجتمع الكويتي على علم الفلك وعرف بماهية هذا العلم وتخرج من علومه الكثير من المهتمين في الكويت والعالم، وفي كل عام كان الجميع ينتظر نزول إمساكية رمضان ورزنامة السنة الميلادية، ولعلي أتذكر ذلك اليوم الذي ذهبت به وأبي إلى صديقه الراحل في مكتبته وطلبنا منه إمساكية رمضان التي كانت ترصد في تقويم العجيري، ذلك التقويم الذي أفاد الكويت ودول العالم العربي.
حدثنا، رحمه الله، عن تاريخ الكويت في المسرح والأدب وعن الكويت القديمة بربواتها وصحرائها، ونهلنا من معارفه المجتمعية وأخباره حول العلوم عند القبائل الكويتية، وقد ذكر كثيرا كيف كان الكويتيون الرشايدة هم الداعمون له في طريقه لريادة هذا العلم الذي أسس قواعده ومدرسته العلمية.
بل وحتى أنه أسس متحف العجيري الذي وضع فيه كامل العلوم، فنحن نزور الفضاء من خلال قبة المتحف ونحن نشخص برؤية النجوم الساطعة بين الكواكب، بل وأصبح المتحف لمرتاديه من الطلبة والعلماء المهتمين من الكويت والخليج والعالم، وأضاف الراحل الكثير من الإضافات العلمية في الفلك وعلومه من خلال أبحاثه العلمية والعديد من الكتب والمؤلفات والندوات والمحاضرات والبرامج التي قدمها في المراكز العلمية المتخصصة والأندية والمشاركات بفعاليات مختلفة في المؤتمرات العلمية المحلية والدولية وكرمته الكويت استحقاقا لما قدمه هذا العالم الجليل الفذ.
لقد توسع العم صالح العجيري، رحمه الله، في أبحاثه فتراه المؤرخ وتجده الفلكي وتجده المتنبئ بالمناخ في المستقبل والحياة القادمة.
والجدير بالذكر أن الراحل قد سافر طالبا للعلم في بداياته واستمر على تلبية طموحاته فجال العالم ولديه من النوادر الفلكية والقطع التي عرضها أمام العالم في متحف العجيري الفلكي، بل وجهوده في المرصد الفلكي الكويتي ومساعدته للنخبة من علماء الفلك الكويتيين بالمعرفة والتدريب والتمرس في هذا المجال.
وأما ما أسعى إليه بعد ما ذكرته في هذا المقال الذي هو ذرة في بحر مناقب هذا الرجل العالم الوطني المخلص العم صالح العجيري، أن أن تكرم الدولة الراحل بتسمية أحد شوارع باسمه، إضافة إلى أن تقوم الدولة بحفظ مقتنياته وأدواته الفلكية بمتحف وطني حكومي يحاكي تاريخه، وتكون المقتنيات في المتحف الفلكي الوطني، وتحفظ كل المراسلات والرزنامات وكل البحوث مرتبة ومؤرشفة في المكتبة الوطنية، بل ونطالب وزارة التربية بتدريس تاريخ هذا الرجل وبما قدمه إلى الكويت كونه أحد رواد العلوم في المجتمع الكويتي، رحمه الله، ورحل الكوكب الصالح عن فلك الكويت.
[email protected]