خبر نشر قبل فترة يذكر أن إنتاجية الموظف الحكومي في الكويت 45 دقيقة يوميا، وخبر آخر عن دراسة أجراها اتحاد تنمية الموارد البشرية في مصر استخلصت أن معدل إنتاجية الموظف الحكومي العربي تقريبا 23 دقيقة يوميا.
وبحسب الدراسة فإن متوسط إنتاج العامل المصري 30 دقيقة في اليوم، والجزائري 30 دقيقة، والسوداني 20 دقيقة.
مبروك تفوق الموظف الكويتي بالإنتاجية على أشقائه العرب!
للأسف بدأنا نتنافس في الفشل وعلى المراتب الأخيرة. بغض النظر عن مدة الإنتاجية، وصحة هذه الأرقام، لا أعتقد أن هناك أحدا ينكر أن الإنتاجية بالقطاعات الحكومية متدنية بالمجمل، فمعدل إنتاجية العامل العربي من الأقل عالميا، بسبب التخلف الإداري، وأنا تكلمت في مقالة كاملة عن علاماته، فهل نلوم الموظفين أم النظام المؤسسي؟
نلوم الاثنين والنظام المؤسسي هو الملام الأكبر وسأبين ذلك.
عند عمل الموظف في «سيستم» إداري فاشل، في بيئة عمل غير صحية للإنجاز، وتكثر فيها الواسطات والمحسوبيات، ويتم توظيف الموظفين بأماكن لا تتناسب مع تخصصاتهم، وفي بيئة يغيب عنها التوصيف الوظيفي، والتحفيز للموظفين وإن وجد لا يطبق بعدالة، فتجد الموظف المجتهد غالبا يقع تحت تأثير الشعور بالظلم، فلا تستغرب أن تقل الإنتاجية، وتزيد البطالة المقنعة، ونتراجع إداريا، وخاصة مع عقلية مؤسسية تعتقد أن الحل سيكون بالبصمة.
كل ما سبق هو دور المؤسسة، ومدى جديتها بإصلاح الواقع، أما الموظف فهو يتعامل مع هذا الواقع، والدليل أن نفس الموظف، لو عمل في بيئة صحية، خارج المؤسسات الحكومية، لزادت عنده الإنتاجية، وإلا للفظته تلك الجهات المؤسسية.
ولكن في نفس الوقت، أنا لا أبرر للموظف التهاون والإهمال، وقلة العمل والإنتاج، وإن سمح له النظام المؤسسي بذلك، لأننا نحن معشر المسلمين نتميز عن غيرنا بالرقابة الذاتية، ومخافة رب العالمين، ولكن هناك بعض ضعاف النفوس من الموظفين، سأعطيكم صورة مستغربة وبدأت تنتشر: فأنا أول مرة أرى موظفا يريد مكافأة فقط لتأديته عمله، الذي أساسا يُدفع له راتب مقابله، وكل هذا بسبب البيئة غير المنتجة فيقارن نفسه بالذي لا يعمل.
وصلنا إلى مرحلة متقدمة بالانحدار الإداري، حتى أصبح الموظف في هذه المؤسسات لا يؤدي دوره المنوط به إلا بمقابل، وعندما أقول مقابل أقصد مقابل غير راتبه وليس بالضرورة أن يكون مقابلا ماديا. فما هو العلاج؟
أهم شيء أن تكون هناك رغبة جادة وصادقة من القائمين على المؤسسات لتطوير العمل المؤسسي، وزيادة إنتاجية الموظف، عن طريق تمكين المصلحين.
من العوامل المهمة أيضا توظيف تكنولوجيا المعلومات والتقنيات الحديثة في الأعمال الحكومية بشكل فعال ومستدام، وقبل كل ذلك الاستثمار الجاد في العنصر البشري والعقل العربي والتركيز على المحور التعليمي ومخرجاته التي تلامس حاجة سوق العمل، مع محاربة الفساد الذي نخر في مؤسساتنا الإدارية.