بيروت ـ عمر حبنجر
حسمها لبنان، بالتزامن مع الموقف الغربي من الاجتياح الروسي لأوكرانيا، بعدما صوت ضمن 141 دولة بإدانة الحملة الروسية، متجاوزا ايحاءات رسمية سابقة بالامتناع عن التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومتخطيا الموقف السوري، الذي عارض إدانة موسكو، ومفضلا البقاء ضمن سرب الإجماع العربي.
وأكد لبنان على العلاقات التاريخية مع روسيا، ودعا للحوار مع الآخرين استرضاء، ودون توقف عند اعتراض «حزب الله»، متناغما مع الجانب الأميركي الذي تعهد بحلحلة ثلاث قضايا لبنانية عالقة مع صندوق النقد الدولي، وإقرار الموازنة، واستجرار الكهرباء، بمعزل عن قانون قيصر العقابي، وصولا إلى ترسيم الحدود البحرية الجنوبية التي هي «بيت القصيد» في ملحمة الوساطة الأميركية بين لبنان وإسرائيل.
سفيرة لبنان في الأمم المتحدة أمل مدللي أكدت في كلمة لها على انطلاق تموضع لبنان في التصويت بالهيئة العامة للأمم المتحدة، من الانحياز إلى الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة الذي يرفض مبدأ الاجتياح والاعتداء العسكري، وأن الوقت حان لإنهاء الحرب وتقدم الحل السياسي الذي يرعى مصالح الطرفين.
قرار لبنان، هذا، جاء بعد الاجتماع الثلاثي في القصر الجمهوري، والذي جمع الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب وخصص لدراسة موقف لبنان من التطورات الأوكرانية، وصدر عن الاجتماع بيان تلاه الوزير بوحبيب، وفيه تأكيد على وحدة الموقف بعد الالتباسات التي احاطت ببيان وزارة الخارجية السابق في 25 فبراير، وفيه أن لبنان يطالب الجمعية العامة للأمم المتحدة بالعمل على تعزيز فرص التفاوض بين الجانبين الروسي والاوكراني للتوصل إلى حل سلمي للنزاع بينهما.
وفي ضوء ما تقدم، قال بو حبيب: يبقى لبنان منسجما مع موقفه المعلن يوم الخامس والعشرين من الشهر الفائت.
وكان الرئيس عون وضع المعترضين على التزامه بالخط البحري 23 عند حدودهم بتغريدة أكد فيها انه المرجع الصالح لأي مفاوضات خارجية. وتزامن قوله هذا مع تلقيه اتصالا من مساعدة وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند، تناولا خلالها تطورات ملف ترسيم الحدود، ومفاوضات صندوق النقد الدولي، وزيارة وفد وزارة الخزانة الأميركية لبيروت، فضلا عن التمهيد لعودة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الى لبنان ليتلقى الجواب اللبناني الرسمي الأخير على العرض السياسي الذي قدمه للبنان، لقاء توقيع اتفاقية الترسيم، مع الكيان الاسرائيلي، وفق الرؤية الأميركية.
وكان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» التي تضم نواب «حزب الله»، محمد رعد، انتقد هوكشتاين ووصفه بالثعلب المكلف بتقسيم جبنة الغاز والنفط، قبل استخراجها من أعماق المياه اللبنانية مع الشريك الإسرائيلي المضارب على أن ينقلب لبنان اولا وربما هذا ما سيحصل، بمعزل عن الاعتراض التسجيلي المتأخر.
وتسلم الرئيس عون من السفيرة الأميركية دوروثي شيا رسالة خطية من الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، سلمت نسخة منها إلى كل من الرئيسين بري وميقاتي، متضمنة عرضا خطيا للطرح الشفهي الذي سبق أن عرضه عليه، يرتكز على الخط البحري 23، متضمنا حقل «قانا» للبنان، مع إجابات على ايضاحات كان طلبها عون، وستتم دراسة العرض الخطي والإجابة عنها.
انتخابيا، التركيز على بيروت بدائرتيها الثالثة والثانية، فالترشيحات لا تزال بطيئة، حتى على مستوى لبنان، حيث بلغ عدد المسجلين كمرشحين امس 68 مرشحا، وستتضاعف هذه الأرقام مع بدء العد التنازلي لمهلة تسجيل الأسماء.
وفي حين لا تزال صورة الموقف الانتخابي في بيروت الثالثة والثانية، حيث مازال عضو محكمة العدل الدولية د. نواف سلام مترددا في إعلان ترشحه على رأس لائحة تحول تفرد «الممانعين» بقرار العاصمة، فيما رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة ينتظر قرار سلام بالترشح أو الابتعاد.
وقد أطلت في بيروت امس جمعية «كلنا إرادة» وعلم أنه تم تكليف رجل الأعمال جمال كبي، نجل الوزير السابق الراحل جميل كبي، بإدارة العملية الانتخابية من خلالها بدعم من رجال أعمال لبنانيين في الخارج.
وكان كبي طرح كوزير في حكومة «معا للانقاذ» لكنه اعتذر عن المشاركة بعد مقابلته الرئيس ميشال عون، الذي طلب منه مقابلة النائب جبران باسيل، معتبرا أنه لا صفة دستورية لباسيل كي يلتقيه، في حين لم يتردد غيره ممن أصبحوا وزراء، من الخضوع للاختبار الباسيلي.
على محور «الثنائي الشيعي»، كان التزامن لافتا بين إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري ترشيح نفسه للانتخابات وبين إطلاق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الحركة الانتخابية للحزب، مسميا مرشحيه الثلاثة عشر، في كل المناطق، وقال: سنكون مع الحلفاء في لائحة واحدة أو لائحتين، مشيرا في ذات الوقت إلى ما يحكى عن تأجيل الانتخابات، بقوله: لا أعتقد أن هناك شيئا يمكن أن يؤدي إلى تأجيل الانتخابات.
وسئل امس النائب ميشال موسى، عضو كتلة «التنمية والتحرير» التي يرسلها نبيه بري: هل انت مطمئن إلى حصول الانتخابات؟ فأجاب: لا بد من حسم هذا الأمر لأنه قد يفتح الباب على «تمديدات» اخرى.
وذهبت مصادر متابعة إلى اعتبار بعض الترشيحات الحاصلة، من قبل رفع العتب، ونفيا مسبقا للضلوع بتأجيل الانتخابات والتمديد للمجلس ولمواقع دستورية أخرى.
وفي هذا السياق يقول رئيس تحرير صحيفة «اللواء» البيروتية صلاح سلام لإذاعة «صوت لبنان»، إن «أجواء تأجيل الانتخابات تتفاعل مع المزاج العام للبنانيين على اختلاف طوائفهم، غير المتحمسين اصلا للمشاركة في عمليات الاقتراع بسبب الأوضاع المتردية التي اوصلت المنظومة السياسية البلاد والعباد اليها، ولأن قانون الانتخابات الحالي المفصل على قياس المنظومة عينها لن ينتج التغيير المنشود».
في غضون ذلك، أعلن النائب ياسين جابر، عضو كتلة «التنمية والتحرير»، عزوفه عن الترشح للانتخابات هذه الدورة، علما ان النائب جابر من أنشط النواب وأفعلهم برلمانيا.