علي إبراهيم
يشهد سعر برميل النفط الكويتي خلال الآونة الأخيرة طفرة سعرية كبيرة، عادت به إلى مستويات عام 2008، حيث سجل في تداولات أول من أمس نحو 127.7 دولارا مقارنة مع 111.39 دولارا للبرميل في تداولات يوم الجمعة الماضي وذلك وفق السعر المعلن من قبل مؤسسة البترول الكويتية.
وتشير حسابات «الأنباء» إلى أن الخام الكويتي بدأ رحلة الصعود المستمرة بأسعار فوق الـ 90 دولارا للبرميل (وهو سعر التعادل في ميزانية الكويت للسنة الحالية) منذ 4 فبراير الماضي، وماليا تنعكس زيادات أسعار النفط إيجابا على الموازنة العامة للدولة، وذلك لجهة تقليصها معدلات العجز المقدر بأكثر من 12 مليار دينار، تشكل في مجملها الفجوة الناتجة عن زيادة المصروفات قياسا إلى الإيرادات تحت ضغط من تراجع أسعار النفط، والذي تحفظت معه الحكومة على السعر التأشيري بالموازنة الحالية عند 45 دولارا للبرميل.
ولا تقتصر الآثار الإيجابية لزيادة أسعار النفط على تقليص عجز الموازنة فقط، إذ تدعم بصورة طبيعية حجم السيولة في الاحتياطي العام للدولة والذي عانى على مدار سنوات طويلة من السحوبات المتكررة وصولا إلى نضوب شبه وشيك للسيولة فيه، بالتزامن مع السحب المتتالي لسد عجز الميزانية على مدار 7 سنوات متتالية، شهدت خلالها أسعار النفط انخفاضات كبيرة أدت إلى انخفاض الإيرادات العامة للبلاد مقابل زيادة المصروفات.
ولعل من الأمور الإيجابية التي تتزامن مع ارتفاع أسعار النفط هي البحبوحة التي تعيشها البلاد لسداد السندات الدولية والمقدرة بقيمة 3.5 مليارات دولار والتي تستحق بتاريخ 20 الجاري، إذ كشفت مصادر مطلعة أن ارتفاعات أسعار النفط الأخيرة تعطي الحكومة مساحة من الحرية تمكنها من ترتيب أولوياتها، إذ قالت «الحكومة أمنت بالفعل المبالغ اللازمة لسداد مطالبات السندات المليارية خلال الشهر الجاري، وأسعار النفط التي تشهد زيادة مطردة حاليا تعطينا أريحية أكبر عند السداد، إذ إن العوائد النفطية المرتفعة من شأنها أن تدعم سيولة الاحتياطي العام وتخفف من الضغوط التي عانى منها الصندوق خلال السنوات الماضية».
ومع انقضاء شهر مارس الجاري تكون السنة المالية الحالية 2021/2022 قد انتهت، وعليه قدرت مصادر ان وزارة المالية عليها توفير نحو 4.7 مليارات دينار خلال الشهر الجاري تتمثل في الدفعات المالية المؤجلة للجهات الحكومية والبالغة 2.3 مليار دينار، إلى جانب سداد السندات الدولية البالغة 1.07 مليار دينار، فضلا عن المصروفات الدورية الشهرية والتي تبلغ في المتوسط نحو 1.4 مليار دينار.
وعما إذا كانت الحكومة ستلجأ إلى إجراءات استثنائية مجددا من أجل سداد تلك الاستحقاقات كافة، قالت المصادر «إن الحكومة لم تعد مضطرة لتسييل أي من أصول الاحتياطي العام، أو اللجوء إلى إجراء أي تبادل للأصول مع احتياطي الأجيال القادمة أيضا من أجل توفير السيولة اللازمة للإنفاق الجاري، وذلك بفضل تدفق السيولة من عوائد بيع النفط».
وأضافت «يبقى التحدي الحقيقي في كيفية إدارة النفقات ودعم السيولة للوصول إلى المعدلات اللازمة للوفاء بالالتزامات من دون الضغط على الاحتياطي العام مجددا، خصوصا أن الارتفاعات القياسية في أسعار النفط والتي تجاوزت سعر التعادل في الميزانية لأيام طويلة رفعت معدلات السيولة بصورة مطمئنة يجب الحفاظ عليها وإدارتها بكفاءة وفعالية ليبدأ العام الجديد من دون ضغوطات مالية لأول مرة منذ عام 2014».
وبينما تقلص حجم العجز في الموازنة العامة للدولة بصورة كبيرة نتيجة ارتفاع أسعار النفط، أشارت المصادر إلى أن تمويل عجز موازنة العام الحالي وان تقلص كان مثار نقاشات حكومية مؤخرا ليطرح على مائدة الحوار خياران: الأول هو التمويل المباشر من صندوق الاحتياطي العام، والآخر هو قيد حجم العجوزات (نقلها) إلى موازنة العام المقبل، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن الخيار الأخير من شأنه دعم سيولة الاحتياطي العام للدولة لفترة أطول وتخفيف الضغط عنه بما يمكن الحكومة من توظيف السيولة المتاحة بصورة مثلى.
أما أرقام العام المالي المقبل (2022/2023) فقد استحوذت فيها تقديرات دعم الطاقة والوقود على 44.6% بواقع 1.6 مليار دينار من أصل 3.52 مليارات دينار مقدرة في موازنة العام الحالي وذلك عند سعر تعادل يصل إلى 75 دولارا للبرميل، وبحسبة بسيطة، فإن كل 10 دولارات ترتفع عن سعر التعادل تزيد من تكلفة دعم الطاقة والوقود عن العام كاملا، وذلك بنسبة 13.3% بما قيمته 213 مليون دينار وذلك قياسا إلى 1.6 مليار دينار مقدرة لدعم الطاقة والوقود خلال العام.
94 دولاراً.. أعلى متوسط شهري للبرميل الكويتي
تظهر حسابات «الأنباء» أن شهر فبراير المنصرم سجل أعلى متوسط سعر لبرميل النفط منذ بداية العام المالي 2021/2022 حيث وصل إلى 94.18 دولارا للبرميل، وجاءت متوسطات أسعار النفط الكويتي شهريا كالتالي:
٭ أبريل 63.89 دولارا.
٭ مايو 67.7 دولارا.
٭ يونيو 72.87 دولارا.
٭ يوليو 74.19 دولارا.
٭ أغسطس 71.48 دولارا.
٭ سبتمبر 75.16 دولارا.
٭ أكتوبر 82.97 دولارا.
٭ نوفمبر 81.1 دولارا.
٭ ديسمبر 75.4 دولارا.
٭ يناير 86.59 دولارا.
٭ فبراير 94.18 دولارا.
وجه آخر لزيادة النفط.. ارتفاع كلفة الدعوم
تحمل زيادة أسعار النفط «وجها سلبيا» يتمثل في ارتفاع كلفة الدعوم، إذ إنه مع كل زيادة في الأسعار تنتج تكلفة إضافية تتحملها الدولة، وذلك لجهة ارتفاع حجم الانفاق على دعم الطاقة والوقود بصورة تلقائية إذ يتناسب حجم الانفاق طرديا مع أسعار النفط، وفيما يستحوذ دعم الطاقة والوقود على ما يقرب نصف المبالغ المقدرة للانفاق على الدعومات في الموازنة العامة للدولة فإن أي تغير في أسعار النفط سواء سلبا أو إيجابا سيترك أثرا ملموسا على الانفاق.
وتشير أرقام موازنة العام المالي الحالي 2021/2022 إلى أن كل زيادة بـ 10 دولارات عن سعر التعادل في الموازنة ترفع من تكلفة دعم الطاقة والوقود بنحو 185 مليون دينار، إذ إن دعم الطاقة والوقود خلال العام الحالي يستحوذ على 42.6% من إجمالي الدعومات المقدرة في الموازنة عند 3.915 مليارات دينار، وبحسبة بسيطة فإن حجم الانفاق على دعم الطاقة والوقود يبلغ نحو 1.668 مليار دينار عند سعر تعادل 90 دولارا للبرميل، وهو ما يعني انه كلما ارتفع سعر النفط دولارا أعلى من معدل سعر التعادل ترتفع معه تكلفة دعم الطاقة والوقود بالتبعية بنسبة وتناسب.