«عدم الانحياز» مفهوم سياسي تأخذ به الدول بإرادتها الحرة وبحقها في سلوك السياسة التي تراها مناسبة لمصلحتها القومية في علاقتها مع الدول الأخرى، وليس لعدم الانحياز مفهوم قانوني ولا يخول الدول حقوقا معينة أو يفرض عليها واجبات خاصة، إلا التزام موقف الحياد الذي تقفه الدولة المحايدة في حال نشوب الحرب، وخير مثال على ذلك موقف سويسرا المعروف في الحياد منذ قرابة الخمسين عاما، أي نصف قرن رغم موقعها الجغرافي المعقد وتاريخ الصراعات والحروب الطويلة في القارة الأوروبية.
إن الحكمة هي في عدم الانجرار إلى معارك الآخرين والعقل هو في ألا نكون طرفا في الصراعات الدولية وما ليس لنا فيه ناقة ولا جمل وهذا هو لب سياسة عدم الانحياز القديمة والتي أتصور انه يجب إعادة إحيائها من جديد مع تطور مسألة تعدد الأقطاب الدوليين الذين يعيشون الصراع الخاص في مصالحهم «هم» وليس له علاقة بـ «منافعنا» نحن كـ«عرب» و«خليجيين» وأيضا كـ«كويتيين».
والتاريخ يقول لنا تلك الحقيقة، وما حدث في الماضي اثبت صحة تلك السياسة الحيادية الإيجابية التي تعيش الصداقة مع الجميع، حيث إن الحياد يفتح المجال للعمل كـ«وسيط» للسلام والمحبة، ويحقق إمكانية الشراكة الاقتصادية مع جميع الأطراف الدولية، ويخفف من التوترات الأمنية ويضمن استمرار العلاقات الديبلوماسية.
إن العالم بكل وضوح يتجه إلى واقع متعدد الأقطاب وهو «قادم» جديد علينا يجب أن نقبله ونتعامل معه حسب مصالحنا المحلية والخليجية والعربية وما يفيدنا، خاصة أننا في طور التقدم وصناعة التنمية الفردية والمجتمعية لذلك أفضل موقف لنا هو الحياد ونستطيع أن نتحرك على المستوى الرسمي والشعبي مع زيادة الوعي والترويج لتشجيع للتقارب المتوازن المنفعي المصلحي مع الجميع وعدم الانجراف إلى ما يضرنا مجتمعيا وشعبيا وأيضا كـ «دولة» مؤسساتية.