- العميد مبارك مرجي: علينا التعاون للوقاية من الجرائم المزهقة للأرواح و«الداخلية» مستعدة للتنسيق مع جميع الجهات لتحصين مجتمعنا من الجرائم وانتشارها بين المواطنين والمقيمين
- عبدالله الرضوان: رصدنا تزايد حالات الانتحار بين شرائح المجتمع والمبادرة لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمواطنين والمقيمين ومواجهة الأفكار السلبية المؤدية للانتحار
- وفاء العرادي: النزاعات والكوارث والعنف وسوء المعاملة أو الفقدان والشعور بالعزلة تقترن بقوة بالسلوك الانتحاري وترتفع معدلاته بين الفئات المستضعفة التي تعاني من التمييز
عبدالله الراكان
بدأ في الآونة الأخيرة انتشار حالات الانتحار بشكل ملحوظ وارتفاع في نسبتها بالكثير من دول العالم، وحتى في الكويت حدثت مؤخرا عدة حالات، وللوقوف على مسببات الانتحار النفسية والاجتماعية والصحية وكذلك التحديات المجتمعية المرتبطة أو المؤثرة بحالات الأشخاص وقدراتهم على مواجهة بعض الظروف الصعبة التي يمرون بها، اطلقت رابطة الاجتماعيين الكويتية مبادرة «حياتك عزيزة» بعنوان «الانتحار.. تحديات ومعالجات»، وذلك بمشاركة ممثلين عن 15 جهة حكومية ومدنية، وذلك صباح امس في فندق ميلينيوم.
وقال ممثل وزارة الداخلية العميد مبارك مرجي في رعاية مبادرة «حياتك عزيزة»: لا يخفى عليكم أن الأمن والأمان يحتلان مكانة بارزة في مجتمعنا المعاصر، وذلك لاتصالهما بحياتنا اليومية بما يوفران من سلامة الأرواح، وطمأنينة النفوس، واستقامة السلوك، وتلك نعمة كبيرة امتن الله بها على عباده، موضحا أن حياة الإنسان عزيزة وغالية وهي نعمة كبرى من الله، وإن ظاهرة الانتحار التي زادت في الانتشار في الفترة الأخيرة، تهدد هذه النعمة، وتتطلب التصدي لعلاجها وتعاون الجميع لإيجاد الحلول المناسبة لها.
وأضاف: إن واجبنا عظيم، ومسؤوليتنا كبيرة، فيجب علينا جميعا التعاون من أجل تحقيق أقصى قدر من التوعية الأمنية والوقاية من الجرائم المزهقة للأرواح، ووزارة الداخلية مستعدة دائما للتنسيق والتعاون مع المؤسسات الرسمية والأهلية في أي مشاريع مميزة تسهم في تحصين مجتمعنا من استفحال مثل هذه الجرائم، وانتشارها بين المواطنين والمقيمين على السواء.
من جانبه، قال رئيس مجلس ادارة رابطة الاجتماعيين الكويتية د.عبدالله الرضوان: بعد أن رصدنا تزايد حالات الانتحار بين شرائح المجتمع، فقد ارتأت الرابطة عمل مبادرة بعنوان «حياتك عزيزة»، وذلك للحد من وقوع هذه الحالات والمساعدة على تخفيض الأعداد المتزايدة للمنتحرين من هذه الفئة في الكويت بالتعاون مع الجهات المختصة، من خلال تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمواطنين والمقيمين ومواجهة الأفكار السلبية المؤدية للانتحار والعمل على القضاء عليها.
وتابع د.الرضوان: إن زيادة عدد الحالات التي تقدم على الانتحار تحت ظروف التعرض للإصابة بالاكتئاب أو المشكلات الأسرية أو المجتمعية، او من خلال الوضع الاقتصادي، والإدمان وضعف الوازع الديني، كلها تشكل في مجملها حدثا غريبا ينذر بمخاطر وعواقب وخيمة، ويدل على عجز جسيم عن مواجهة الاكتئاب أو غيره من العوارض النفسية أو العجز عن التكيف والتعايش مع مشاق الحياة.
من جانبها، قالت رئيسة اللجنة النفسية والوقائية لمؤتمر مبادرة «حياتك عزيزة» د.وفاء العرادي: ان الانتحار يمثل مشكلة عالمية خطيرة على الصحة العامة، ووفقا لمنظمة الصحة العالمية (WHO) يموت أكثر من 800 ألف شخص بسبب الانتحار سنويا في العالم وتتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما، بالإضافة إلى فئة كبار السن، ويعد الانتحار أحد أكثر أسباب الوفاة شيوعا في جميع أنحاء العالم، إذ يحتل المرتبة الثانية في معدلات الوفيات.
وتابعت د.العرادي: الانتحار يحدث في مختلف مراحل العمر، وقد سجل ثاني الأسباب الرئيسية للوفاة في أوساط الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما على الصعيد العالمي في عام 2016، وفي أوساط المراهقين ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و19 عاما، وكان الانتحار هو ثاني الأسباب الرئيسية للوفاة بين الفتيات (بعد اعتلالات الأمومة)، وثالث الأسباب الرئيسية للوفاة لدى الفتيان (بعد إصابات الطرق والعنف بين الأفراد).
وبينت د.العرادي ان الانتحار ظاهرة عالمية في جميع بلدان العالم، حيث لا يحدث في البلدان المرتفعة الدخل فحسب، فأكثر من 79% من حالات الانتحار العالمية في عام 2016 حدثت في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وطبقا لتقارير منظمة الصحة العالمية وصل معدل الانتحار عالميا إلى 10.5 حالات لكل 100 ألف مواطن.
وأردفت د.العرادي: على الرغم من أن العلاقة بين الانتحار والاضطرابات النفسية (خاصة الاكتئاب والاضطرابات الناجمة عن تعاطي الكحول) واضحة تماما في البلدان مرتفعة الدخل، إلا أن هناك العديد من حالات الانتحار التي تحدث فجأة في لحظات الأزمات نتيجة انهيار القدرة على التعامل مع ضغوطات الحياة مثل المشاكل المالية، أو انهيار علاقة ما أو غيرها من والأمراض المزمنة.
وأضافت د.العرادي: كما تقترن النزاعات والكوارث والعنف وسوء المعاملة أو الفقدان والشعور بالعزلة بقوة بالسلوك الانتحاري، وترتفع معدلات الانتحار كذلك بين الفئات المستضعفة التي تعاني من التمييز العنصـــري كاللاجئـــين والمهاجرين والشعـــوب الأصلية والمثليين والمتحولين جنسيا والسجناء، موضحة انه يقدر حوالي 20% من حالات الانتحار العالمية كنتيجة عن التسمم الذاتي بالمبيدات والتي يقع معظمها في المناطق الزراعية الريفية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، ويعتبر الشنق والأسلحة النارية من الطرق الأخرى الشائعة للانتحار.
وأشارت د.العرادي إلى ان الانتحار من القضايا النفسية التي يمكن الوقاية منها والتي تتطلب التنسيق والتعاون وتضافر الجهود بصورة شاملة ومتكاملة بين العديد من قطاعات المجتمع بما في ذلك القطاع الصحي والقطاعات الأخرى مثل التعليم والعمل والزراعة والعدل والقانون والدفاع والسياسة والإعلام، فهناك العديد من التدابير الوقائية المختلفة التي يمكن اتخاذها، كالحد من فرص الوصول إلى وسائل الانتحار، وإعداد التقارير الإعلامية بطريقة مسؤولة وتعزيز التدخلات المدرسية، والتشخيص والعلاج والرعاية المبكرة للمصابين بالاضطرابات النفسية أو الاضطرابات الناجمة عن تعاطي مواد الإدمان والآلام المزمنة.