خلال الأيام القليلة الماضية تلمسنا بوادر ارتفاع الأسعار في عدة سلع، وقد أعادت الحكومة هذا الارتفاع لأسباب عالمية، منها الحرب الدائرة التي شنتها روسيا على أوكرانيا.
وبحسب المؤشرات العالمية فإن القادم قد يكون أسوأ إذا شمل هذا الارتفاع المواد الغذائية، وسيتضرر منه بشكل مباشر الطبقة المتوسطة وسكان المناطق النائية في أنحاء العالم.
ولهذا نجد تحركا متسارعا لعديد من الدول وعلى مستوى المنظمات والهيئات العالمية المختصة لتلافي هذه الأزمة عبر سن التشريعات والقوانين الرادعة لأي ارتفاع مصطنع يمارسه تجار الأزمات والمحتكرون.
ومن أهم الأسباب الرئيسية لموجة الغلاء الحالية، أن أوكرانيا وروسيا مصدران رئيسيان لكثير من المواد الغذائية الأساسية! وتحديدا أوكرانيا التي تعد الأولى عالميا في صادرات زيت عباد الشمس والثانية عالميا في صادرات الشعير بـ 5 ملايين طن سنويا والخامسة عالميا في صادرات القمح بـ 18 مليون طن، وعلى صعيدنا المحلي فإن واردات الكويت من أوكرانيا في 2020/2021 بلغت 25 مليون دولار من المواد الخام، و24 مليون دولار من الخضراوات، بحسب بيانات منظمة التجارة العالمية ومنظمة الغذاء العالمية.
وقد حذر رئيس برنامج الأغذية العالمي «ديفيد بيسلي» من تداعيات الحرب الروسية -الأوكرانية، بقوله إن ما يحصل يعرض المزيد من الناس في جميع أنحاء العالم لخطر المجاعة، واصفا الوضع بأنه «شديد الفداحة» وكأنه «الجحيم على الأرض».
ومن تداعيات هذه الحرب أيضا قطع جميع شحنات الحبوب الأوكرانية التي يمر 95% منها عبر موانئ البحر الأسود، وينطبق الأمر ذاته على الشحنات الروسية من بحر آزوف، لذا سيواجه العالم موجة ارتفاع في أسعار السلع، خاصة في الدول التي تعتمد على استيراد السلع الغذائية بشكل أساسي، مثل الكويت وغيرها من دول منطقتنا الخليجية والعربية.
وما يحصل الآن يضع الحكومات أمام تحديات وواقع مقلق يتطلب وجود تنسيق بين الوزارات المعنية، وكذلك بين حكومات الدول لتبادل الخبرات في إدارة الأزمات، مع تواجد اقتصاديين لإبداء رؤيتهم لحماية الأسواق مما هو قادم.
ومن المهم رسم استراتيجية تهدف إلى تأمين الغذاء المدعم وتقليص الاستيراد للوصول إلى الاكتفاء الذاتي إلى سنوات تحسبا لأي تداعيات أخرى.
وهنا أوجه دعوة بل نداء وطنيا إلى النواب للالتفاف حول الجهود الحكومية الحالية من أجل المصلحة العامة، والبحث عن الحلول قبل المصادمات وتصفية الحسابات، ودعم المشاريع الوطنية وشركات الأمن الغذائي وتوفير كل متطلباتها.
كما أوجه رسالة إلى وزير التجارة والصناعة فهد الشريعان بأن يضرب بيد من حديد، عبر صلاحياته، لردع المخالفين ومحتكري المنتجات.
ومن هذا المنطلق، نشيد بجهود الشريعان في مواجهة آثار هذه الأزمة العالمية، وقد ظهر للإعلام بكل شفافية قائلا: «هناك تطورات تحدث حيث إن مصادر المواد الأولية تمنع التصدير، وقد نمر بمرحلة صعبة إذا لم نستعد ونجهز أنفسنا لمثل هذه الحالة».
ونحن نشاهد إجراءات فعلية هذه الأيام لفرض قبضة التجارة لمواجهات الأسعار غير الطبيعية، مع تكثيف الجولات التفتيشية، وغلق أي منشأة مخالفة تشارك في جريمة الارتفاع المفتعل للأسعار.
وقد طمأن الوزير المواطنين والمقيمين بأن الحكومة معهم، وتتحمل فروقات الأسعار التي تحدث بسبب الشحن أو النقل وأسعار التاجر.
ويسجل للشريعان تحمله المسؤولية ووضوحه في هذه الأزمة قبل حتى التأثر الفعلي بها، وكذلك تأكيده على توفير السلع الأساسية المدعومة من الدولة.
والشكر في هذا المقام بعد فضل الله علينا إلى القيادة العليا للبلاد وحرصها الدائم، ولجهود الحكومة الملموسة في هذا الجانب.