البصمة البكر التي يوقعها المرء، هي البصمة الدالة على المستقبل.. هذه حقيقة لا بد من التوقف عندها ونحن نستعيد بصمات الفنان المسرحي القدير الراحل خالد النفيسي. تلك البصمة كانت مشوار سيرته المسرحية.. وعلى وفقها عرفنا سيرة النفيسي المتلاحقة.. كان الفنان المبدع التلقائي الذي فيه.. يعرف ما يريد.. يعرف أنه إذا أراد أن يشكل حضوره ويشق دروبه إلى جانب الآخرين.. فلا بد أن يخط لنفسه مسارا يختلف عن سواه.. ليس للاختلاف ذاته، وإنما لما يعنيه ويحققه وينجزه هذا الاختلاف عن سواه من المسرحيين الذين حققوا حضورهم قبله وبعده.. خالد النفيسي المسرحي المجد والمجتهد المثابر والصادق مع نفسه وجمهوره.. الذي لم يتوقف أثره.. بل أصبح منارة مسرحية تذكرها الاجيال.
النفيسي شق طريقه بجدارة وإرثه المسرحي نتباهى به جميعا بوصفه منجزا مسرحيا غير مسبوق وحضورا بارزا للشخصية المسرحية التي دائما ينفرد بها.
واصل النفيسي مسيرته على خشبة المسرح لعقود من الزمن.. فكان المسرحي المتمكن والمتمرد القادر على إمساك كل خيوط اللعبة المسرحية لتجسيد أدواره.. ولم يكن بحاجة إلى خشبة مسرح تقليدي، ولا ستارة تحجب وتفتح، انما كانت بصيرته وذائقته المسرحية هي محور حضوره المتقن على خشبة المسرح، يفتح بصره وبصيرته بكل سعتهما على عالمه المسرحي بملامح خالد النفيسي التي لن تكرر.. خصوصية هذه القدرة التي امتلكها النفيسي، هي وحدها التي جعلته يتفرد في شخصيته المسرحية.
صحيح.. أن خالد النفيسي يتمرد متألقا على جميع أدواره المسرحية، ليصنع منها قلادته التي يصوغها وفق فهمه ومخيلته ليكون من الطراز الرفيع ذي الحضور المسرحي اللافت للنظر.. وهو الذي لا يريد أن يكون جامدا وثابتا وتقليديا.. يريد ان يكون المسرحي الحقيقي الذي يتخذ لنفسه مكانه لا تحمل بصمات سواه.. البصمة المسرحية لخالد النفيسي هي مخزون لتجربة ممتدة وخزين أحلام ورؤى لا تنضب يرتكز عليها بمسرحياته.. وثقته بأدواته كممثل كانت هي الأبقى حضورا وستبقى وتترسخ في حياتنا المسرحية بجدارة لا يمكن تجاوزها.. ولهذا السبب.. يبقى النفيسي مضيئا في كل الأزمنة.
وجود أي منجز أو عطاء إنساني يقدمه الفنان.، هو تراكم معارف ورؤى وتجارب وحب وتفان وموهبة وامكانيات، ولا يمكن أن يولدا من الفراغ أو من لا شيء، .. من هنا كان النفيسي يصنع منجزه المسرحي بتفرد وشكل ونمط لا يشبه أحدا.. ولذلك يبقى أسلوبه الفني البارز يمثل بصمة وأثرا مسرحيا في ذاكرتنا الجمعية.
إن وجود قامات مسرحية مجددة في أساليبها المبتكرة وعطائها المسرحي الزاخر.. قامات لا بد من الوقوف عندها وتقديمها الى الأجيال بوصفها تمثل المنجز الذي ينبغي أن يحتذى ويكون أنموذجا جديرا بالاعتزاز (القدوة المسرحية) خالد النفيسي واحد من هذه القامات المضيئة في تاريخنا المسرحي.. ولهذا.. كانت الجائزة الكبرى لمهرجان أيام المسرح للشباب/ 13 باسم (المسرحي الخالد.. خالد النفيسي) جائزة خالد مسؤولية لمن يظفر بالفوز..
كل عام وأيام المسرح بخير