طارق عرابي
أكد وزيـــر التجــــارة والصناعة، فهد الشريعان، سعي الوزارة الدائم لتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري جاذب للاستثمار، يسهم فيه القطاع الخاص بشكل فعال لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، وبما يصب في اتجاه تحقيق رؤية الكويت الاقتصادية.
وأضــــاف الشريعـــان خلال افتتاح ملتقى الكويت الاستثماري الخامس، الذي نظمه اتحاد شركات الاستثمار بالتعاون مع الملتقى الاعلامي العربي صباح أمس، أن «التجارة» والجهات التابعة لها تسعى للوصول إلى هذا الهدف، عبر تطوير القوانين التجارية لمواكبة التغيرات العالمية من قانون التجارة الإلكترونية، وإعادة هيكلة ورقمنة وتطوير نظام تراخيص الشركات.
وكشف عن جهود وزارة التجارة لإصدار قانون «المستفيد الفعلي» الذي يتوقع إقراره بعد الحصول على رد الفتوى والتشريع، متوقعا أن يكون ذلك خلال 10 أيام، حيث سيضبط هذا القانون أمور الشفافية.
وفي الوقت نفسه، تطرق الشريعان إلى أهمية المدن الصناعية، التي قال أنها يمكن أن تفتح الباب أمام الاستثمار الصناعي في الكويت، مشددا على أهمية إنجاز مشروع البنية التحتية لمنطقة الشدادية الصناعية، ومشروع صناعات تدوير النفايات بمنطقة الشقايا، ومشروع إنشاء مبنى مركز المعلومات ودعم القرار للحماية من الكوارث.
كما شدد على ضرورة الإيعاز للهيئات الناظمة، مثل هيئة أسواق المال لاستحداث القوانين التي تسهم في وضع الكويت على الطريق نحو اعتمادها كمركز مالي إقليمي، مبينا أن «أسواق المال» تقوم حاليا للعمل على استكمال الجزء الثاني من المرحلة الثالثة من برنامج تطوير منظومة سوق المال والتي تتكون من: استحداث الوسيط المركزي النقدي، وتطبيق نموذج التسويات النقدية، وتهيئة البنية التشريعية والتشغيلية لتقديم منتجات وخدمات جديدة.
وبين أن «الهيئة» تسعى كذلك إلى تطوير الكوادر في المجال المالي من خلال مشروع أكاديمية أسواق المال، أما فيما يخص المشاريع الصغيرة فهناك العديد من المشاريع القادمة، وأهمها مشروع المنصة الاستثمارية التي تخدم المشاريع الصغيرة للاستفادة من مرافق الدولة.
من جانبه، أكد رئيس اتحاد شركات الاستثمار صالح السلمي، خلال الجلسة الأولى من الملتقى، على ضرورة انطلاق الإصلاح الاقتصادي من إعادة هيكلة إدارات القطاع العام، وإدخال التحديثات القانونية الأكثر كفاءة وفعالية على مؤسساته العامة، بالإضافة إلى تجيير الدولة العديد من مؤسساتها الخدماتية نحو القطاع الخاص والاستفادة من الاستثمارات التي ترافقه، مما يتيح تخفيض المصروفات بالميزانية. وأضاف السلمي أن الوصول إلى الإصلاح الاقتصادي المنشود وتحقيق نموه المستدام في الكويت، يوجب اتباع خطى الدول المتقدمة التي مهدت الطريق أمام القطاع الخاص ليكون الركيزة الاقتصادية الأساسية فيها، مؤكدا أنه إذا ما نظرنا إلى الدول المجاورة فسنرى أن توجهها الاقتصادي يقوم نحو الدفع بالقطاع الخاص لأخذ الدور الأكبر في الاقتصاد الوطني.
وأشار إلى أن دور القطاع العام في هذا الإصلاح ينطلق من عملية تهيئة البيئة المناسبة لتسهيل عمل القطاع الخاص وتشجيع الاستثمار في النشاطات الاقتصادية كافة، بالإضافة إلى الخدمات العامة مثل الكهرباء والماء والتعليم والصحة وغيرها من النشاطات التي تشكل عبئا ماديا على الدولة حسب المنطلقات الاقتصادية الحديثة.
ولفت إلى أن القطاع الخاص أظهر حيوية دوره وقدرته على تحريك العجلة الاقتصادية وخلق فرص العمل، كما توسع نشاطه إلى الدول المحيطة، لشركات مثل (أجيليتي وزين والمباني)، حيث نجح كل منها في إدارة المؤسسات التي تمت خصخصتها واتسعت بنشاطها إقليميا وعالميا.
على صعيد آخر، أكد السلمي على ضرورة فتح باب الاستثمار في القطاع النفطي الذي أظهرت التجارب القليلة السابقة نجاحه، وحيث يتجسد المثال الأبرز في شركة «إيكويت» مع ما تحققه من نتائج يجب أن تكون الحافز الأكبر لدخول القطاع الخاص بشكل أوسع وأكبر لزيادة الصناعات النفطية وتحقيق أرباح أكبر تساعد في عملية التنمية الاقتصادية ورفع حجم الاستثمار.
وقال ان الإدارة الفقيرة للمؤسسات العامة في الكويت أدت إلى تراجع كبير في مستوى الخدمات التي تقدمها كما في نموها وبطء في عملية تطويرها، الأمر يعرقل جهود القطاع الخاص في دفع العجلة الاقتصادية، ويؤثر سلبا وبشكل مباشر على التطور الاقتصادي في الكويت مقارنة بالدول المحيطة بها.
وشدد على أنه في سبيل تأمين الظروف المشجعة لرواد الأعمال والمستثمرين تتوجب معالجة أبرز العقبات التي تعرقل إنشاء وقيام الأعمال الاستثمارية في الكويت، والتي سبق أن تم طرحها في المنتدى الاقتصادي العالمي، وأبرزها: عدم كافية قدرة الابتكار، وعدم الاستقرار الحكومي، وعدم الاستقرار في السياسات العامة والبنية التحتية غير مناسبة.
بدوره، أكد عضو لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس الأمة د. بدر الملا، أن القطاع الخاص لا يستطيع النمو إلا في بيئة استثمارية سليمة، بدليل أن سوق الكويت للاوراق المالية لم يتطور إلا بعد صدور قانون هيئة أسواق المال الذي وضع بورصة الكويت ضمن مصاف الأسواق العالمية.
وبين الملا أن التصنيف الائتماني للكويت لايزال يواصل الانخفاض، لذلك تبرز الحاجة للمزيد من التشريعات الاقتصادية، وتطرق إلى قانون الضمان المالي للمبادرين الذي حاولت اللجنة تفعيله لما له من أهمية بالنسبة لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، إلا أننا لم نر أثرا له على أرض الواقع.
وقال إن الحرب الروسية، الأوكرانية الدائرة حاليا ستؤثر على الوضع الاقتصادي بالكويت، خاصة أن هناك مستثمرين وشركات لديهم أصول في روسيا وأوكرانيا، وهناك حاجة لاتخاذ تدابير لمنع الآثار السلبية لتلك الحرب على المستثمرين، مضيفا أنه ينبغي أن تستفيد الكويت من مواردها خلال الحرب الدائرة حاليا، خاصة إذا ما علمنا أن الهيئة العامة للاستثمار والتأمينات الاجتماعية حققتا أرباحا قياسية خلال جائحة كورونا، مستفيدتين من الفرص خلال الأزمات.
وأوضح أن هناك ندرة في المشاريع التي تخص قطاع الاستثمار داخل اللجنة المالية، مبديا استعداده لتبني أي مقترحات من شأنها تطوير أداء تلك المشاريع على المدى البعيد، مشيرا إلى أن هناك تعاونا داخل اللجنة المالية لتسريع التشريعات الاقتصادية.
من ناحيته، استعرض مدير إدارة الرقابة المكتبية في بنك الكويت المركزي د.محمد الخميس جهود بنك الكويت المركزي في مواجهة جائحة كورونا، مشيرا إلى أن «المركزي» قام بإجراء استباقي وقت الجائحة ممثلا في خفض سعر الخصم وذلك لتحقيق التوسع في قطاع الأعمال.
كما قام بتخفيف المتطلبات الرقابية على القطاع المصرفي لرفع الحد الأقصى للتمويل، وهو ما انعكس إيجابا على القطاع المصرفي الذي ارتفعت أصوله إلى 77 مليار دينار بنسبة ارتفاع قدرها 5% رغم التحديات الاقتصادية، كما تراجعت نسب التعثر لتكون الأدنى على مستوى العالم وليس على المستوى المحلي.
وبين أن البنك المركزي سعى لصياغة مستقبل القطاع المصرفي بما يخدم قطاع الاستثمار وصياغة استراتيجية التحول الرقمي الذي يشكل ركيزة رئيسية لدعم التوسع الاستثماري.
ولفت إلى أن مبادرة قدمها «المركزي» تتكون من 3 جوانب من خلال إنشاء الوحدات الرقمية والسماح بتأسيس بنوك رقمية والتي تهدف إلى تعزيز المنافسة في القطاع المصرفي وبما يخدم المستثمر الأجنبي والمحلي، بالإضافة إلى إطلاق مسودة نظم الدفع لإبداء الرأي من قبل الجهات ذات الصلة بها، وهي موجهة لخدمة أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
بدوره، أشار ممثل اتحاد المصارف في الملتقى د.فايز الكندري إلى أنه بدون استقرار سياسي لن يكون هناك استثمار، فالاستثمار بشكل عام يحتاج إلى استقرار سياسي سواء كان هذا الاستثمار محليا أم دوليا، مشددا في هذا الصدد على ضرورة معالجة الاختلالات الحكومية كونها معوقا رئيسيا للاستثمار في الكويت.
وأضاف أن الكويت مازالت تسير ببطء فيما يتعلق بمشاريع الشراكة بين القطاعين، فبعد مشروعي محطة الزور وأم الهيمان لم نشهد مشروعات شراكة جديدة، كما ابدى الكندري استغرابه من عدم قدرة تفعيل خدمة «Apple Pay» بالكويت بسبب ما تفرضه وزارة المالية من رسوم قدرها 5% على الخدمة رغم أن الاستثمار المباشر من حقه إلغاء تلك الرسوم.
وبين أن هناك ضرورة لزيادة وتيرة التشريعات الاقتصادية والعمل على تفعيل إجراءات التقاضي وتسريعها، كما أن قانون المعاملات الالكترونية يحتاج إلى تعديل المادة الرابعة منه لأنها أفرغت القانون من محتواه، فالبنوك محظور عليها التعامل بقانون الرهن الالكتروني وكذلك الأذونات الالكترونية وهو أمر غير مقبول في ظل الثورة الرقمية الحالية.
واشار إلى ضرورة إعادة النظر في القوانين التي أفرغت بعض موادها أهمية تلك القوانين ومحتواها، كما طالب بتنظيم العمل بالأصول الافتراضية مثلما هو موجود في دول مجاورة، مبينا أن استيفاء المعاملات الدولية أمر مهم ولكن الأهم منه هو العمل على تبني رؤية جادة تجاه التشريعات الاقتصادية ذات الأولوية والتي تمس بيئة الأعمال بشكل مباشر.
من جهته، قال عضو هيئة تشجيع الاستثمار المباشر والرئيس السابق للجمعية الاقتصادية، مهند الصانع إن من أهم مرتكزات خطة 2035 هي اقتصاد متنوع ومستدام، ولذلك يجب علينا تحديد الهوية الاقتصادية، حتى يتم التأكد من ان الاقتصاد والقطاع الخاص أولوية عند الحكومة، مؤكدا أنه في حال أصبح هناك هوية وأولوية للقطاع الخاص سيكون لدينا تنويع في مصادر الدخل، وسيكون القطاع الخاص مساهما رئيسيا بتوظيف العمالة الوطنية، وستكون هناك فرص وبيئة استثمارية جاذبة للمستثمر المحلي قبل الأجنبي.
وبين الصانع أن جائحة كورونا انتهت ولكن الدرس لم ينته، وإذا لم يتم العمل على وضع خطط للازمات القادمة والاستفادة من التعامل الخجول في الازمات ستعود الفوضى التي رأيناها والتعامل الخجول معها. وذكر أن الجائحة بينت لنا عدم استعداد الدولة اقتصاديا للظروف والتحديات المفاجئة، مؤكدا أن الاستفادة من هذا الدرس ستغنينا عن أخطار كثيرة قادمة.
«جمعية الشفافية»: الكويت تعانيمشاكل حقيقية بقضايا غسيل الأموال
في تعقيبها على المتحدثين بالجلسة الاولى من الملتقى، قالت أمين سر جمعية الشفافية الكويتية أسرار جوهر حيات ان الجمعية تهدف لوضع بصمة لتعزيز معايير الحوكمة وتطبيقها في هيئة أسواق المال بالإضافة إلى البنوك وبعض الجهات الأخرى.
وأضافت أن الكويت تعاني من مشاكل حقيقية في قضايا غسيل الأموال والمصدات الرقابية، خصوصا مع وجود مثالب كبيرة، مشيرة إلى أن المثالب المتعددة لموضوع غسيل الأموال كانت واضحة من القضايا التي انتشرت عامي 2019 و2020، ولفتت إلى أن الكويت في المرحلة الراهنة في مرحلة المراجعة لموضوع غسيل الأموال، مشددة على أنه كان من المفترض اصدار نتيجة لتلك القضايا عام 2020 الا ان الجائحة اجلت اصدار تلك النتائج الى 2022.
ولفتت إلى أنه وفقا لآخر تقرير محلي يوجد 34 نقطة لا يوجد عليها رقابة مثل التجزئة والمزادات وحراج السيارات والصرافة وغيرها من الموضوعات التي يتعامل فيها بالكاش.
فيصل الطبيخ: نحتاج لإنشاء هيئة مستقلة للمحاسبة
دعا رئيس مجلس إدارة جمعية المحاسبين والمراجعين الكويتية فيصل الطبيخ، إلى ضرورة تبني إنشاء هيئة مستقلة للمحاسبة والمراجعة لأهميتها للأداء الاقتصادي بشكل عام والقطاع الخاص بشكل خاص، خاصة أنها لن تكلف ميزانية الدولة شيئا وإنما ستكون ناظما رقابيا يحمي أصول الشركات المساهمة والمساهمين.
ولفت الى أن الهيئة ستقوم بالعمل على توفير بيانات مالية مدققة بشكل سليم والحرص على شفافية البيئة المالية والعمل على تكوين كوادر وطنية في مجال المحاسبة والمراجعة.