مفرح الشمري
احتضنت الدورة الثالثة عشرة من مهرجان أيام المسرح للشباب عددا من طلاب قسم النقد والأدب المسرحي للمشاركة في كتابة آرائهم في عروض المهرجان، وهي خطوة فريدة تحسب لرئيس مهرجان أيام المسرح للشباب بدورته 13 محمد المزعل الذي آمن بفكرة استاذة النقد والادب المسرحي د. نرمين الحوطي بضرورة مشاركة الطلاب في المهرجان حتى يستفيدوا من هذه التجربة ويطبقون ما درسوه عمليا على متابعتهم لعروض المهرجان. وفيما يلي نستعرض مقتطفات من آراء الطلبة والطالبات في عدد من عروض المهرجان:
«قبر ولكن».. والعنف الأسري
تدور أحداث مسرحية «قبر ولكن» حول جريمة اختطاف طفل، حيث يقع «سليم» وهو الشخصية الرئيسية ضحيتها، فيتهمه الجميع بأنه مجرم وقاتل أطفال، لكن سليم فاقد للأهلية ولا يستطيع إيذاء نملة، فكل القصة أنه وجد في هذا الطفل ما يشبهه، وقرر أن يأخذه معه في رحلة، وهي رحلة دفنه في القبر، فطوال هذه المدة كان الطفل ميتا والشرطة تعتقد أنه مازال حيا.
تسلط المسرحية الضوء على العنف الأسري من خلال ما تعرض له سليم فظهر على خشبة المسرح أن والده عنيف ويقوم بضرب أمه أمام ولدها كما أنه يضرب سليم ضربا عنيفا ولا يريده بينهم، فبالنسبة له هو ابن فاقد للعقل ولا يشرفه ولا يشرف منصبه، فأبوه صاحب دار أيتام.
اذا انتقلنا الى السينوغرافيا المسرحية نجد أن الديكور عبارة عن حاويات قمامة، وهي البطل الاساسي المبني عليه القصة، فقد استخدمت ككرسي، وكمنصة للخطاب، استخدمت كإضاءة ايضا، فهي توحي بقذارة جميع شخصيات المسرحية، فهم يدعون الفضيلة ومن داخلهم عبارة عن فضلات ونفايات لا فائدة لها، فحتى الشرطي تبين أنه على علاقة بامرأة حملت ابنه ورفض الاعتراف به، فالجميع مذنبون.
سندس حاتم - الفرقة الرابعة - نقد
«صالحة».. هل هي خطيئة؟!
المسرحية لم توضح الترابط بين الخطيئة التي أقامتها مريم ودور صالحة في استقبال الطفل وأخذه والتطهير لفعلتها، والأمر الآخر نعرف هل المرأة متزوجة أم غير متزوجة؟ إذا كانت متزوجة فلماذا تريد تكفير الخطيئة؟ هنا الإشكالية في غموض ما يريده الكاتب وبيان المخرج بالعرض، فهل هي مسرحية تراثية أم حديثة؟
هذا السؤال الذي يراود المتلقي، بعدما انتهى العرض تبين أنه يشخص الواقع بالقديم، ولكن القديم اذا كان نقل لصورته يفترض نقله بتمامه، وهذا ما تمت مشاهدته من فقدان بعض اجزائها ولم تكن متكاملة الصورة فالواقع حالته تختلف عن التراث.
محمد علي القلاف - الفرقة الرابعة - نقد«أناركيا».. قضية إنسانية
مسرحية أناريكا للمؤلفة فاطمة العامر قدمت لنا قضية انسانية متمثلة في شخصية الأب الذي جسدها الممثل ناصر الدوب حيث انه كان يعاني من مرض الزهايمر الذي كانت نتيجته الشتات العائلي وان تلك القضية قد تعتبر قضية نفسية اجتماعية لربما تحدث في الكثير من المجتمعات.
جسدت المؤلفة في المسرحية الشخصية المسيطرة وغير المسيطرة بنفس الوقت مثل شخصية الأب التي جسدها ناصر الدوب الذي زوج ابنته وهي صغيرة في السن بسبب الظروف التي كانوا يعيشونها.
نجح محمد الانصاري في استغلال الديكور المسرحي بطريقة صحيحة والذي كانت حركة الممثل من خلاله مرنة على خشبة المسرح، بالإضافة الى استخدامه بأكثر من شيء مثل المنزل وحقيبة السفر، بالإضافة الى الازياء التي كانت ترمز لدلالات معينة مثل الفقر والغنى، كما نجح المخرج في استخدام مؤثرات صوتية قد ترمز الى المكان والزمان اللذين تداولت فيهما احداث المسرحية، حيث بينت اختلاف الفصول حينما سافر الابن الى الخارج.
واستخدم المخرج العديد من الألوان رغم انه ركز على اللون الأخضر الذي كان يكرره مع شخصية الابن وهو دلالة على اختيار الطريق السمح الذي يتمنى العيش فيه.
منال الشحية - الفرقة الرابعة ـ نقد
«ذاكرة صفراء».. وفقدان السيطرة
في مسرحية ذاكرة صفراء شاهدنا عملا متماسكا بداية من العنوان وصولا الى العرض، كان هناك ارتباط قوي بين العنوان واحداث المسرحية، فاللون الأصفر يعطيك دلالة على عدم التوازن وفقدان الثقة بالنفس وهذا ما شاهدناه في شخصية أحمد الذي حطمته ذكريات الماضي وكان ضحية الحرب التي أبعدته عن الجميع وأجبرته على العيش وحيدا، فكانت هي الشخصية الرئيسية التي تدور حولها جميع الأحداث وبقية الشخصيات ايضا، وهناك عدة أسئلة لم تجاوب عنها المسرحية وظلت تدور في عقل المتلقي وهي هل بقية الشخصيات حقيقية ام وهمية؟ وهل هو فقد سيطرته بنفسه ام بفعل فاعل؟ العديد من الأمور المجهولة تركت للمتلقي لكي يختار ما الأنسب وما الأكثر منطقية، كانت المسرحية تحمل الكثير من الرسائل العميقة التي قدمت من خلال شخصية أمل التي كانت هي الأخرى ضحية العقول الجاهلة التي لا تعترف بالمرأة.
عبدالعزيز محمد الناصر - الفرقة الرابعة ـ نقد
الماضي لا يموت
عندما يكون التواصل بين طاقم العمل عبارة عن اتصال روحي تصبح الصورة على الخشبة وكأنها تناغم لروح واحدة تتجسد من خلال عدة شخصيات، هذا ما قدمته فرقة الخليج العربي والمؤلفة فاطمة العامر والمخرج محمد الأنصاري من خلال مسرحية «أناركيا» حيث استطاع طاقم العمل أن يجسد لنا من خلال عدة عناصر وهي الديكور والإضاءة التي تم توظيفها بشكل يخدم فكرة العرض واضفاء صورة جمالية تشعر المتلقي بالمتعة، كما كان يحمل العرض مضامين فكرية عميقة ممزوجة بسمات عبثية ومعان تحمل الفلسفة الوجودية في حوار الشخصيات الذي كان يجمع بين الكوميديا والتراجيديا وصراع الإنسان مع ماضيه طوال حياته وأن الماضي له تأثير قوي يبقى في الذاكرة لا يمكن أن تنساه النفس ويبقى ذلك الماضي يطارد الشخصيات ويحاصرها فالماضي لا يموت بل يبقى مدفونا بداخلنا وأحيانا يكون موجودا في حاضرنا مرتديا ثوب الصراع النفسي الذي يشكل عاملا مهما في تكوين شخصية الإنسان، كما أنه عرض كان يحمل العديد من المشاعر والحالات التي لا يمكن للممثل أن يتقنها دون أن تكون عنده سرعة الدخول والخروج من الحالة الشعورية بين الحزن والسعادة فاستطاعت شخصيات العرض أن تنقل اضطراب مشاعرهم وتخبطهم بسبب الماضي بطريقة ممتعة وهادفة ذات معان تحمل الكثير من التفسيرات، فترك طاقم العمل الفرصة للمتلقي أن ينظر للعرض بأكثر من نظرة فإن العمل الفني الذي يجعل عقل المتلقي في حالة يقظة يطرح التساؤلات على نفسه، يكون قد استطاع طاقمه أن ينقلوا الرسالة التي يريدون من الجمهور أن يفهمها.آلاء البرجس - الفرقة الرابعة ـ نقد