للتصدي لظاهرة العنف في المجتمع بات من الأهمية البحث عن أسبابها ومعالجتها وما يمر به المجتمع من سرعة رياح التغير السريع والتطور الحضاري والثقافي والقلق الاقتصادي والازدحام السكاني واختلاط كثير من المعايير المتعارضة والتطور السريع في العلوم التكنولوجية والفضائية صاحب تلك التغيرات ظواهر اجتماعية ذات طبيعة سلوكية سلبية بازدياد ظاهرة العنف والجرائم، لذا يتطلب المزيد من الجهود للحد من هذه الظواهر السلبية من خلال جهود المختصين في العلوم النفسية والاخصائيين الاجتماعيين والمشتغلين في مجالات رعاية الأسرة، فالانحرافات السلوكية هي حالة من حالات عدم السواء ومعرفة سيكولوجية نمو الإنسان منذ عهد الطفولة المبكرة ما مر بها من خبرات سارة وخبرات غير سارة ومؤلمة ومعرفة الدوافع الإنسانية هي نقطة البداية في التعامل مع الإنسان في أي موقع يجعل التغلب عليها أمرا سهلا. وتعتبر الأسرة المتمثلة بالأب والأم لها أهميتها المباشرة في تعلم الطفل في نطاق الأسرة ومن حقوق الأبناء أن يحسن الآباء تربيتهم وتأديبهم لأن الطفل لا يميز كثيرا بين الضار والنافع، ومهمة الأبوين أن يبصراه ويوجهاه ليشب على الخير والفضيلة وبغض الشر والرذيلة وتوبيخ الحدث على ما صدر منه من سلوك غير لائق وتحذيره بألا يعود إلى فعل هذا السلوك مرة أخرى، ومن أهداف العقاب هو منع المذنب من تكرار فعله. والأطفال يسهل تربيتهم ويهون توجيههم، فإن أحسن الآباء استغلال ذلك فرحوا بأبنائهم بعد ذلك، فمن أدب ولده صغيرا سر به كبيرا.
وقد يكون من أسباب انحراف الأبناء التفكك الأسرى وانهيار المستوى الأخلاقي وسوء التفاهم بين الأبوين ولا يتيسر للطفل تزويده بقواعد المشاركة الاجتماعية، لذا يجد الحدث نفسه حرا لأن يصطنع لنفسه ما شاء من معايير وصحبة رفقاء السوء، حيث يسود بين أعضائها السلوك الإجرامي وكذلك مشاكل وقت الفراغ ويفتقدون وسائل إشباعها، فيبحثون عن وسائل غير مشروعة لإشباعها وأخذ مسار الانحراف الإجرامي وإدمان المخدرات والخمور وعدم اكتراث بعض الآباء وتناقضهم في معاملة أطفالهم في منح المكافآت أو تقديم العقاب، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى السلوك الإجرامي.
ولفشل الآباء في تعليم أبنائهم عواقب ومترتبات أفعالهم، فإذا لم يتلق فئة الشباب الصغير الرعاية الكافية على كل المستويات فسوف يصبحون في المستقبل أشخاصا غير أسوياء، وأن طفل اليوم هو رجل الغد، ومن أجل وقاية الأبناء من السلوكيات السلبية ضرورة وضع القوانين الرادعة حفظا للأمن ومن أجل تقعيد السلوك الإنساني وتلزم الأفراد بطاعتها وهو أساس حياة البشر، واحترام القانون هو سلوك بناء، والأطفال والشباب بحاجة ماسة إلى من يساعدهم في تخطيط مستقبلهم على أسس علمية، وعلى الوالدين توفير الظروف المناسبة لخلق طفولة سوية وتحصين الأطفال من الانزلاق والجنوح والانحراف السلوكي وتبصير الآباء والأمهات بالتوعية الدينية بوجوب الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية وتعاليمها وترسيخ الأحكام الدينية في نفوس أولادهم، وهي خير حافظ للإنسان من كل انحراف وهي الضمان لحماية المجتمع من كل شر وفساد.
ولابد من تبصير الوالدين بأفضل الأساليب التربوية في معاملة الأبناء وتبصير الأبناء بواجباتهم من الالتزام باحترام الوالدين والبر بهما وإطاعتهما وإعطاء الأهمية الكبرى بفئة الشباب وهم عدة المستقبل بتوفير كل أنواع النشاطات الرياضية والأندية وتوفير النشاطات الترويجية وإنشاء المزيد من المكتبات العامة ومراكز لممارسة الهوايات المتنوعة والتوعية عن طريق وسائل الإعلام. تربية الأبناء أمانة عظيمة ومسؤولية جسيمة وحسن تربية الأولاد أفضل عطية تقدمها لهم وصدق الرسول الكريم صلوات الله عليه، حيث يقول: «ما نحل والد ولده من نحل أفضل من أدب حسن».
[email protected]