كان العالم يخشى أن تتحول الحرب الروسية الأوكرانية من حرب بين دولتين الى حرب عالمية، وان تحاول روسيا جر الناتو إلى حرب مباشرة بدلا من دعمه لأوكرانيا جهارا نهارا اقتصاديا وعن طريق تزويده بأحدث الأسلحة والعتاد والمتطوعين الأجانب والدعم الاستخباراتي، كل هذا جعل الحرب الروسية - الأوكرانية تذكرنا بالوحل الأفغاني الذي تمرق فيه وجه الاتحاد السوفييتي بكل قدراته!
بعد مرور بضعة أسابيع على الحرب يبدو أنها لن تكون عالمية كما تكهن البعض، ولن تغير النظام الدولي الحالي المسيطر عليه من قبل الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، بل ربما ستتحول من حرب نفوذ حاولت فيها روسيا مد سيطرتها على جوارها الاستراتيجي، وأن تظهر بمظهر المتحدي والند للولايات المتحدة، وأن ترث العرش السوفييتي السابق وتنجح في تغير النظام الدولي الحالي إلى نظام ثنائي أو متعدد الأقطاب، تحولت إلى حرب موارد اقتصادية من بترول وغاز إلى القمح والذرة والزيوت والمعادن.
يبدو أن تحالف أوپيك + يسيطر على إنتاج البترول العالمي ويتحكم بأسعاره التي لامست 150 دولارا للبرميل، وهو أعلى سعر منذ عام 2008، ومازالت أسعاره مرتفعة فوق 110 دولارات، أما الغاز فقد ارتفع إلى حوالي 5 دولارات بسبب أزمة المقاطعة الأوروبية للغاز الروسي اكبر منتج في العالم والمورد الرئيسي للغار إلى أوروبا، كما أن روسيا أكبر منتج للقمح في العالم بنسبة 19% من الإنتاج العالمي، وكذلك أوكرانيا من أهم المنتجين الأوروبيين للقمح والذرة، حيث يطلق عليها «سلة خبر أوروبا»، ويبلغ إنتاج روسيا وأوكرانيا من الذرة حوالي «خمس» الإنتاج العالمي من الذرة!
أسعار الطاقة المرتفعة تزيد من أسعار النقل وتكاليف الإنتاج وينعكس كل ذلك على السعر النهائي لجميع المنتجات، لاسيما أن أسعار المواد الغذائية الأساسية كالخبز والزيوت النباتية وغيرها تتأثر بأسعار القمح والذرة المرتفعة!
٭ الخلاصة: من يكسب المعركة يسيطر على الطاقة والغذاء العالمي وليس فقط النفوذ، ومن يخسر فمصيره التفكك وتبديل النخبة السياسية الحاكمة، أما بقية العالم فعليه تحمل تبعات الحرب سواء احتكار المواد أو القوة!