قال البنك الوطني في تقريره الأسبوعي عن أسواق النقد، إنه وحتى الآن لا توجد أي بوادر وشيكة على انحسار الحرب الروسية- الأوكرانية، ففي قلب المعركة، تدفع القوات الأوكرانية الهجوم الروسي بعيدا عن كييف بعد مقتل المئات في الضربة الجوية الروسية التي استهدفت مسرح ماريوبول الأسبوع الماضي. فيما تحذر الولايات المتحدة وحلفاؤها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من مغبة استخدام أسلحة بيولوجية أو كيميائية أو نووية في أوكرانيا، كما توجه الرئيس الأميركي جو بايدن إلى پولندا يوم الجمعة الماضي للمطالبة باستبعاد روسيا من مجموعة العشرين للاقتصادات الرئيسية.
ويسعى المسؤولون الأميركيون والأوروبيون إلى عزل وإقصاء شرايين رئيسية من الاقتصاد الروسي عن التجارة العالمية، حيث تواصل قمة الاتحاد الأوروبي المنعقدة في بروكسل تركيزها على روسيا مع إمكانية تشديد العقوبات إلى حد ما. وحتى الآن، تم قطع روابط روسيا عن معظم أجزاء النظام المالي العالمي من خلال حظر المعاملات مع البنك المركزي الروسي. بالإضافة إلى ذلك، تم فصل روسيا عن نظام السويفت الذي يسمح للمصارف بإجراء مراسلات بشكل سريع وآمن بشأن التحويلات المالية، وتم تجميد أصول القادة والأثرياء الروس، وحظر تصدير التكنولوجيا المتقدمة من الولايات المتحدة ودول أخرى إلى روسيا. فيما كان الرد الروسي بحظر تصدير المواد الغذائية والسيارات والأخشاب، وتمضي روسيا في طريقها لركود عميق مع وصول معدل التضخم إلى 20%.
رفع أسعار الفائدة بوتيرة أسرع
وألقى رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول كلمته في مؤتمر الجمعية الوطنية لاقتصاديات الأعمال بعد أسبوع من قرار البنك المركزي رفع سعر الفائدة من المستويات السابقة المقاربة للصفر ليتراوح ما بين 0.25% و0.5%. وعلى الرغم من أن البنك المركزي عادة ما يرفع أسعار الفائدة بزيادات قدرها ربع نقطة مئوية، إلا أن باول أشار أيضا إلى أنه من الآن فصاعدا قد يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس إذا استدعى الأمر، وذلك لتضييق الخناق على التضخم المتزايد. وأعرب عن ثقته في أن الاحتياطي الفيدرالي سيكون قادرا على تحقيق هبوط «ناعم للاقتصاد الأميركي إلى معدل نمو مستدام، أو على الأقل ناعم نسبيا».
وذكر باول أنه على الرغم من قوة أداء سوق العمل إلا أن «التضخم مرتفع للغاية». وفي ظل ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوياته المسجلة في 40 عاما، يرى العديد من النقاد أن الاحتياطي الفيدرالي يحاول الآن ملاحقة التضخم من خلال رفع أسعار الفائدة بعد انتظاره لفترة طويلة قبل أن يعلن تقليص حزمة التحفيز الاقتصادي الخاصة بالجائحة. وتمكن باول من إدارة توقعات التضخم لفترات طويلة من خلال إخبار الأميركيين أن الارتفاع المفاجئ كان مدفوعا بعوامل «انتقالية». أما اليوم، فاختلف الوضع وتخطينا تلك المرحلة بعد أن أصبح صانعو السياسات أكثر تشددا وتم رفع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ عام 2018 وإنهاء برنامج التحفيز النقدي. وتتوقع الأسواق المالية الآن 8 ارتفاعات هذا العام، مع إمكانية بنسبة 77% لرفعها بمقدار 50 نقطة أساس في الاجتماع المقبل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي المقرر عقده في 4 مايو.
تباطؤ وتيرة القطاع الصناعي الألماني
كشفت أحدث البيانات لمؤشر مديري المشتريات عن زيادة الضغوط التضخمية في مختلف قطاعات الاقتصاد الألماني. وسجلت الشركات زيادة في أسعار كل من المخرجات والمدخلات، بينما تأثر النمو بارتفاع التكاليف ونقص المواد الخام وحالة عدم اليقين الجيوسياسي، اذ تراجعت قراءة مديري المشتريات الرئيسي إلى 54.6 في مارس من أعلى مستوياته المسجلة في 6 أشهر في فبراير وصولا إلى 55.6، إلا أنه وعلى الرغم من ذلك، كان مستوى التراجعات أقل من المتوقع، حيث أدى تخفيف اختناقات العرض وخفض قيود الجائحة إلى منح الاقتصاد الألماني فرصة للتعافي قبل الغزو الروسي لأوكرانيا.
وتراجع قطاع التصنيع في ظل مشاكل الإمدادات، وضعف الطلب بسبب الحرب في أوكرانيا، وغياب الموظفين المرتبط بالجائحة، وبلغت قراءة مؤشرات مديري المشتريات لقطاعي الصناعة والخدمات 57.6 و55 على التوالي. وفي ذات الوقت، حافظ قطاع الخدمات على معدل نمو أكثر صلابة في ظل استمرار تخفيف قيود الجائحة. إلا أن معدل التوسع في نشاط الخدمات بدأ يتراجع منذ فبراير، حيث علقت الشركات أيضا في الغالب على تأثير ضغوط الأسعار القوية، وارتفاع حالات الإصابة بفيروس كوفيد-19 وتزايد حالة عدم اليقين الجيوسياسي.
تصاعد الضغوط التضخمية في بريطانيا
وصل معدل التضخم في المملكة المتحدة إلى 6.2% سنويا في فبراير في ظل مواجهة البلاد لأزمة حادة في تكاليف المعيشة، إذ وصل التضخم إلى أعلى مستوياته في 30 عاما متخطيا كافة التوقعات التي أشارت إلى ارتفاع بنسبة 5.9%، وتجاوز إلى حد كبير أعلى المستويات المسجلة في 30 عاما ووصل في يناير إلى 5.5%. وعلى أساس شهري، تجاوز مؤشر أسعار المستهلكين التوقعات مرتفعا بنسبة 0.6%، مسجلا بذلك أعلى مستوى نمو شهري في 13 عاما بعد ارتفاعه بنسبة 0.8%.
وحتى الآن، قام بنك إنجلترا برفع أسعار الفائدة في ثلاثة اجتماعات متتالية للسياسة النقدية. ووصلت تكاليف الاقتراض الآن إلى 0.75% بعد أن خفض البنك المركزي أسعار الفائدة إلى أدنى مستوياتها التاريخية عند مستوى 0.1% في إطار مساعيه لاحتواء تزايد معدلات التضخم دون الإضرار بالنمو الاقتصادي. واتخذت لجنة السياسة النقدية نبرة تيسيرية فاقت توقعات الأسواق، مع التركيز على الضغوط التي يتعرض لها دخل الأسر والإشارة إلى الارتفاع الحاد في أسعار السلع بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. ويتوقع صانعو السياسات اليوم أن يبلغ التضخم ذروته عند مستوى 8% في الربع الثاني من العام الحالي.
وفي الوقت الذي تواجه فيه البلاد أكبر انخفاض في مستويات المعيشة منذ خمسينيات القرن الماضي، واجه وزير المالية البريطاني ريشي سوناك انتقادات واسعة النطاق الأسبوع الماضي لعدم القيام بما يكفي لمساعدة الأسر ذات الدخل المنخفض. وتبدأ الزيادة المقررة بنسبة 10% على ضريبة الدخل لكثير من العاملين في أبريل، وفي ذات الوقت ارتفع الحد الأقصى لأسعار الطاقة في البلاد بنسبة 54% لاستيعاب ارتفاع تكاليف النفط والغاز.
ويواجه المستهلكون في كافة أنحاء بريطانيا ارتفاع تكاليف المعيشة، هذا إلى جانب وصول معدل التضخم إلى أعلى مستوياته المسجلة في 30 عاما، وارتفاع أسعار الوقود والغذاء، وزيادة الضرائب، واتباع بنك إنجلترا لسياسة متشددة مع توقع زيادة سعر الفائدة 6 مرات خلال هذا العام وحده. وتراجع مؤشر ثقة المستهلك للشهر الرابع على التوالي إلى -31 نقطة في مارس مقابل -26 نقطة في فبراير الماضي، ما يعد أدنى مستوى يصل إليه منذ نوفمبر 2020 عند مواجهة المستهلكين ارتفاع حالات الإصابة بكوفيد-19.
تأجيل حظر واردات الخام الروسي
هدأت وتيرة ارتفاع أسعار النفط قليلا بعد أن قرر الاتحاد الأوروبي تأجيل حظر واردات الخام الروسي، بالإضافة إلى ذلك، صرحت كازاخستان بأن التعطيل في محطة تصدير رئيسية من المقرر أن يتراجع، ما يسمح لناقلات النفط بالتحميل مرة أخرى، إلا أن سعر مزيج خام برنت بدأ في الارتفاع بنسبة 12.23% الأسبوع الماضي، وأغلق عند مستوى 120.65 دولارا بعد وصوله إلى 139.13 دولارا قبل أسبوعين.
وتستهدف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي زيادة إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى الدول الأوروبية بنهاية عام 2022 في محاولة لاستبعاد الغاز الروسي، وبموجب الاتفاقية، ستتلقى أوروبا حوالي 15 مليار متر مكعب من إمدادات الغاز الطبيعي المسال الإضافية بنهاية هذا العام، كما يتم التخطيط لتوفير 50 مليار متر مكعب إضافية من الإمدادات، وتعتبر تلك الخطوة من الطموحات الهائلة نظرا لأن روسيا تعتبر أكبر مورد للغاز على مستوى الاتحاد الأوروبي، اذ تقوم بشحن حوالي 150 مليار متر مكعب من الغاز إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب سنويا و18 مليار متر مكعب أخرى من الغاز الطبيعي المسال.