أيام قليلة ويهل علينا شهر الخير حاملا في طياته ذكريات لأيام غير كل الأيام علقت في أذهان الكثير بالرغم من أنها اختفت، تمثل مرحلة الطفولة والمراهقة وكأنها بالأمس. روائح وكلمات، حالة من الحنين كلما أقبل رمضان تتشكل في الوجدان وتشعل الحنين لكل ما هو قديم، سواء من الطقوس الرمضانية، أو مشاهدة برامج تلفزيونية، والاستماع لأغنيات ظلت عالقة في الأذهان. ضيف عزيز على نفوسنا خفيف الروح، نسماته مباركة يأتي حاملا معه السعادة والخير والطاعات، ويرحل سريعا ولكنه يخلف لنا وراءه الكثير من الذكريات التي لا تنسي.
يأتي حاملا معه الحنين للماضي فمن عاش تلك الأيام يعرف أن حلول رمضان له وقع خاص، وطقوس جميلة نستشعر من خلالها عبق رمضان وقدسيته وروحانيته التي تعبر عنها تلك الأجواء الرمضانية المشبعة بدفء العلاقات والتواصل. عائلات تضع لمساتها الأخيرة لاستقبال الشهر الفضيل الذي يتمتع بخصوصية الأجواء الأسرية، واستعدادات من كل الجوانب تعبيرا عن فرحة قدوم رمضان.
كانت الناس للناس، والبيوت أبوابها مفتوحة يتبادل الجيران الطعام والنقصات والزيارات وصلة الأرحام. اجتماع العائلة يوميا على مائدة الإفطار فلا يتخلف أحد من أفراد العائلة، وحدها كفيلة بتعزيز الإيجابيات الاجتماعية والسمات الأسرية الحميدة، فرصة كبيرة لتعزيز التواصل المجتمعي وتعميق العلاقات الأسرية والعائلية، لذا وجب الحفاظ على نسق الإفطار الجماعي بين الأسر والأسرة الممتدة، من أجل تعزيز ملامح التواصل.
فرصة يتعلم الشباب والصغار من هذه الجلسات الكثير عن الحياة من خبرة الأجداد والآباء، بسبب ظروف العمل والدراسة ومشاغل الحياة التي أبعدت غالبية الشباب عن محيط أسرهم وعن التواصل، إلا أن رمضان يعود في كل عام ليجمع الشمل مرة أخرى خاصة على مائدة الإفطار في حضن القيم والأصالة.
زمان كان أحلى ما في تلك الأيام البساطة في كل شيء حتى العلاقات بين الناس تميزت بالمحبة والتراحم، والمودة، والصدق، والترابط فيما بينهم.
اليوم روحانية رمضان قد فقدت بين كثير من الناس مما يستلزم الوقوف وبشدة من أجل إعادة روحانية هذا الشهر بمتابعة رب الأسرة لكل فرد من أفرادها، وذلك بترسيخ العادات الجميلة والحسنة والاعتدال في كل شيء وعدم تغليب جانب على جانب، وخصوصا في الترفيه الذي بات هم الكثيرين، وتعويد الشباب على قضاء أيام رمضان ولياليه فيما يعود بالنفع والفائدة كتبادل الزيارات وصلة الأرحام، للخروج في نهايته بذوات طاهرة وكأنما ولدت من جديد، لتخوض الحياة بإحساس جميل مليء بالانشراح.
إن الذين يهملون ضمائرهم سيبقون بحاجة دائمة إلى الشعور بالسلام والتوافق الداخلي، ولا يمكن أن يتحقق هذا النوع من الاطمئنان، إلا من خلال السعي لبلوغ التصالح مع ذواتنا الذي يوازن شخصيتنا ويمكننا من تجاوز سلبياتها. اغتنموا رمضان واجعلوا منه موسما للتصالح مع ذواتكم ومناسبة للرقي بها، لتروا الحياة من منظور نوراني مضيء لأنفسكم، الشيء الذي يمكنكم من توفير توازن داخلي وسلام ذاتي، فتغمر نفوسنا بالسكينة وتزهر قلوبنا بالسعادة.
٭ عز الكلام: رمضان منحة ربانية تفتح أبوابها الواسعة اللامتناهية على مصراعيها من التوبة والرحمة والعطايا والهبات، يمنحنا الفرصة لطرقها وقرعها والتعلق بأستارها، رمضان حالة من المناجاة والرجاء والتطهر، فرصة تتجدد كل عام لنكون النسخة الأفضل من أنفسنا في كل عام.
Nesaimallewan@
[email protected]